أوليفييه روا يحاضر في معهد الدوحة...عن العولمة وأزمة الثقافة
نظم معهد الدوحة للدراسات العليا، الثلاثاء 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، المحاضرة الافتتاحية للعام الأكاديمي 2023-2024 بعنوان: "العولمة وأزمة الثقافة" ألقاها البروفسور أوليفييه روا، أستاذ في مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة، وقدّم لها الدكتور عبد الوهاب الأفندي رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا.
وسلطت المحاضرة الضوء على تساؤلات مهمة حول الكيفية التي تؤدي بها العولمة الثقافية إلى تقويض الثقافات الوطنية أو الإقليمية، وفيما إذا كان لهذه العولمة أثر في تقويض مفهوم الثقافة بحد ذاته، إضافة إلى الحديث عن بعض المفاهيم والمصطلحات المهمة كالثقافة والأصالة والعولمة، بقصد رصد التفاعلات والتقاطعات بينها.
في مستهل محاضرته، قال أوليفييه روا إنه لا ينظر للثقافة على أنها منفصلة عن السياسة بشكل كامل، وإنما لكل منهما ديناميات ومنطق وطريقة عمل مختلفة، حيث ترتبط الثقافة بأمور اجتماعية ودينية من جهة، وأن هناك علاقة بين العولمة والفردانية والثقافة من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن أزمة الثقافة تؤثر في السياسة والحراك الإنساني.
وتطرق المحاضر إلى ما سمّاه مفهوم الأصالة الثقافية، لافتاً في هذا السياق إلى أن هناك مجتمعات تدّعي أن بعض الثقافات المادية وغير المادية تعود إليها وأن تمتلكها دون غيرها من المجتمعات، مقدّماً في هذا السياق أمثلة من أمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وأنحاء أخرى من العالم.
وتساءل روا هل يمكن العودة للأصالة الحقيقية؟ مبيّناً في هذا الجانب أن العولمة أمر لا مفر منه، وأنها حقيقة ماثلة لا يمكن تفاديها أو الهروب منها أو تجاهلها، وإنما يجب استخدامها والاستفادة منها بكافة الطرق الممكنة للقيام بأشياء أفضل تخدم الثقافة وتسعى لحلّ الأزمات المتلاحقة التي لحقت بها.
وفي نهاية المحاضرة التي شارك فيها أساتذة وطلبة المعهد وباحثي المركز العربي للأبحاث، جرى طرح أسئلة ومداخلات تمركزت حول ردود الأفعال في مختلف دول العالم على العولمة، إضافة لحوارات أخرى راهنة كمحاولات "تأميم" بعض الدول لقطاعات الاتصال والتقانة لديها واستخدام الهيمنة من أجل الالتفاف على آثار العولمة، كما يجري في الصين أو روسيا على سبيل المثال، وانعكاسات ذلك على الفنون والاتصال والسياسة. إلا أن الدكتور أوليفييه قلل من نجاعة هذه الإستراتيجيات في مقاومة العولمة.
يذكر أن أوليفييه روا يشغل منصب أستاذ في مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة، وأستاذ متعاون في كلية الحوكمة العابرة للحدود الوطنية في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، وله عدد من المؤلفات وأشهرها "الإسلام والعلمانية" و"فشل الإسلام السياسي" و"الجهل المقدس".
يشار إلى أن هذه المحاضرة الافتتاحية السابعة في سلسلة المحاضرات الافتتاحية السنوية التي درج المعهد على تنظيمها كتقليد سنوي من خلال استضافة شخصية أكاديمية بارزة ومرموقة. وكانت المحاضرة الافتتاحية الأولى للعام الأكاديمي 2017-2018 قد ألقاها الدكتور عزمي بشارة، رئيس مجلس أمناء معهد الدوحة بعنوان: تحديات أمام العلوم الاجتماعية والإنسانيات في السياق العربي. بينما ألقى الدكتور فهمي جدعان، أستاذ زائر في برنامج الفلسفة، المحاضرة الافتتاحية الثانية للعام الأكاديمي 2018-2019 بعنوان: "مبادئ قاعدية مطلقة لأنوار عربية مستدامة". فيما ألقى الدكتور أحمد دلال، عميد سابق في جامعة جورج تاون في قطر، المحاضرة الافتتاحية الثالثة للعام الأكاديمي 2019-2020 بعنوان: "إشكاليات التأريخ للعلوم العربية والإسلامية".
وكان الدكتور وجيه كوثراني، أستاذ زائر في برنامج ماجستير التاريخ، قد قدّم المحاضرة الافتتاحية الرابعة للعام الأكاديمي 2020-2021 بعنوان: "التاريخ والفلسفة: إشكاليات إبستمولوجية عبر سياقات تاريخية.. محاولة فهم وأسئلة". أما المحاضرة الافتتاحية الخامسة للعام الأكاديمي 2021-2022 فقد ألقاها الدكتور عبد الوهاب الأفندي وتطرق فيها إلى نقد النقديين في الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، فيما قدّم الدكتور هنري لورانس أستاذ ورئيس قسم تاريخ العالم العربي والإسلامي المعاصر في مؤسسة "كوليج دو فرانس" المحاضرة الافتتاحية السادسة للعام الأكاديمي 2022-2023، والتي جاءت بعنوان: الاستشراق والاستغراب.. خمسة قرون من التاريخ.