الفن الجريح
شهدت بيروت خلال الأسابيع الأخيرة تظاهرات فنية عديدة تستوحي بشكل أو بآخر الكارثة التي أحدثها تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس الماضي، آخرها معرض كبير يحمل عنوان "الفن الجريح" يتميّز بسينوغرافيا بديعة من توقيع المهندس جان لوي مانغي. يُقام هذا المعرض في فيلا عودة، ويستمرّ حتى 16 كانون الثاني/يناير الجاري.
تحوي فيلا عودة مجموعة استثنائية من ألواح الفسيفساء والتماثيل الأثرية تجعلها متحفاً من أجمل متاحف بيروت، واللافت ان هذه التحف بقيت في موقعها في الطابق الأرضي والطابق الأول من هذه الدار، غير انها أُغرقت استثنائياً في ما يُشبه العتمة، بينما سُلّطت الإضاءة المستحدثة على الأعمال التي جمعها منظّمو معرض "الفن الجريح". احتوى الطابق الأرضي أعمالاً فنية تعرّضت للتلف من جراء الانفجار، وهي هنا موزّعة على سبع زوايا متجانسة.
في الزاوية التي تحتل وسط القاعة، تحضر وسط ظلام دامس، لوحة زيتية دُمّرت بشكل كامل، وترافقها صورة فوتوغرافية تنقل حالتها الأصلية قبل خرابها. تُمثل هذه اللوحة القديس يوحنا المعمدان، وتُنسب إلى غويدو ريني، وهو فنان إيطالي من القرن السابع عشر عُرف بأسلوبه الكلاسيكي المتين. تُحيط بهذه اللوحة التي بقي منها إطارها، ثلاثة أعمال تعود لفنانين لبنانيين، هم شفيق عبود وفريد عواد وميشال هرموش. تحوّلت زيتية شفيق عبود التجريدية إلى أشلاء من القماش، وهي هنا مضاءة من الخلف بشكل يُبرز هذه البقايا. وتصدّعت لوحة فريد عواد، وهي من أعمال الفنان المميّزة، وتُمثّل جمعاً من البشر في مقهى باريسي، من الطراز الذي عُرف به هذا الرسام الطليعي. كذلك، تعرضت لوحة هرموش لبعض التلف، وتمثل أشجاراً تنتصب في روضة خضراء.
في الركن الثاني، تحضر لوحتان دائريتان أصابتهما الشظايا تمثلان رجلاً عاري الظهر، وهما من نتاج الفنان الكوبي أندي ليانز بولتو، وكانتا معروضتين في غاليري "ساوث بوردر" في بيروت عند اندلاع الانفجار المدوي. تحيط بهذين العملين لوحتان من النوع التجريدي الخالص تعرضتا لبعض الشروخ، وهما من نتاج صليبا الدويهي، وتختزلان الأسلوب الذي عُرف به في سنواته الأخيرة. تحضر هذه الأعمال الأربعة أمام ثريا ضخمة سقطت أرضاً، تحيطها لوحة لإيلي كنعان من النوع التجريدي الانطباعي الذي اتبعته كوكبة من الرسامين اللبنانيين في النصف الثاني من القرن الماضي، وزيتية لبيبي زغبي تمثل شتلة مزهرة صيغت بأسلوب هذه الفنانة التي ولدت لبنان في 1890، وانتقلت باكراً مع أهلها إلى أميركا اللاتينية حيث نشأت وعرضت أعمالها ولقّبت بـ"رسامة الزهور"، والمعروف انها عادت إلى مسقط رأسها في 1947، وواصلت مسيرتها حتى رحيلها في 1973.
يضم الركن الثالث مجموعة أخرى من الأعمال "المُصابة"، وهي من نتاج الفنانين المعاصرين اللبنانيين نبيل نحاس واندريه هوشار فتال وفلافي عودة، إضافة إلى زيتية كبيرة للفنان الراحل بول غيراغوسيان. ويضم الركن الرابع لوحة من الحجم الجداري من نتاج محمد سعيد بعلبكي تحمل ثقوباً تحوّلت إلى شعاعات ضوئية بفعل الإضاءة الخاصة التي تلفّها، ولوحتين لجان مارك نحاس، وتمثالاً متصدّعاً لكاتيا طرابلسي، وزيتية من الحجم الصغير لرؤوف الرفاعي. كذلك، يضم الركن الخامس لوحتين كبيرتين لندى صحناوي تعرضتا لبعض الخدوش، وتمثالاً ثانياً متصدّعاً لكاتيا طرابلسي، ولوحة لريما أميوني تمثّل طبيعة صامتة، ومائية كلاسيكية لفؤاد جوهر تمثل مشهداً بحرياً من مدينة صيدا.
نصل إلى الركن السادس، ويحوي، على حائط كبير، ثلاثة وجوه شخصية من الوجوه التي اشتهرت بها سيسي سرسق في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وزيتيتين من توقيع الرسام البريطاني توم يونغ، واللافت أن هاتين الزيتيتين تمثلان فندق "هوليداي إن" الذي دُمّر خلال حرب لبنان، وقد عهد بهما الفنان بعد انفجار المرفأ إلى كلوديت مهنا، وهي خياطة معروفة تضرر أيضاً مشغلها في الجميزة، فقامت بترميمهما متبعة أسلوبه الخاص في الخياطة. ويُشكّل الركن السابع آخر زوايا هذا العرض الجامع، ويضمّ زيتيّة لحسن جوني أتلف الجزء الأسفل منها، وهي ملقاة أرضاً، وتُمثّل منظراً من مناظر الطبيعية اللبنانية التقليدية، إضافة إلى عملين من أعمال نايلة رومانوس إيليا.
في الطابق الأول من الفيلا، يُقدّم المعرض مجموعة أخرى من الأعمال الفنية أُنجزت بعد الإنفجار الرهيب، ويحمل كلّ منها بشكل ما صدى من أصداء هذا الحدث المزلزل. تضم هذه المجموعة أربع منحوتات لجوزيف حرب تمثل قامات بشرية تنطوي على نفسها، وقامتين منتصبتين لألان فاسويان تساقطت أطرافهما، وتسعة وجوه تعبيرية لعماد فخري. كما تضم أربعة أعمال مميزة لأروى صفي الدين، وثلاث لوحات لنبيل نحاس، ولوحة من الحجم الجداري للفنان العراقي سيروان باران، إضافة إلى أعمال من توقيع ليلى جبر جريديني، هلا عز الدين، هادي سي، وميساك ترزيان.
في الخلاصة، برع جان لوي مانغي في توزيع هذه الأعمال وهندسة عرضها، ويمكن القول إن معرض "الفن الجريح" يتميّز في الدرجة الأولى بهذه السينوغرافيا البديعة التي جمعت بين الآثار واللوحات والمنحوتات في زوايا مضاءة برهافة مطلقة، مع باقة من المقطوعات الموسيقية وسلسلة من المختارات الأدبية رافقتها بتجانس بديع.
تحوي فيلا عودة مجموعة استثنائية من ألواح الفسيفساء والتماثيل الأثرية تجعلها متحفاً من أجمل متاحف بيروت، واللافت ان هذه التحف بقيت في موقعها في الطابق الأرضي والطابق الأول من هذه الدار، غير انها أُغرقت استثنائياً في ما يُشبه العتمة، بينما سُلّطت الإضاءة المستحدثة على الأعمال التي جمعها منظّمو معرض "الفن الجريح". احتوى الطابق الأرضي أعمالاً فنية تعرّضت للتلف من جراء الانفجار، وهي هنا موزّعة على سبع زوايا متجانسة.
في الزاوية التي تحتل وسط القاعة، تحضر وسط ظلام دامس، لوحة زيتية دُمّرت بشكل كامل، وترافقها صورة فوتوغرافية تنقل حالتها الأصلية قبل خرابها. تُمثل هذه اللوحة القديس يوحنا المعمدان، وتُنسب إلى غويدو ريني، وهو فنان إيطالي من القرن السابع عشر عُرف بأسلوبه الكلاسيكي المتين. تُحيط بهذه اللوحة التي بقي منها إطارها، ثلاثة أعمال تعود لفنانين لبنانيين، هم شفيق عبود وفريد عواد وميشال هرموش. تحوّلت زيتية شفيق عبود التجريدية إلى أشلاء من القماش، وهي هنا مضاءة من الخلف بشكل يُبرز هذه البقايا. وتصدّعت لوحة فريد عواد، وهي من أعمال الفنان المميّزة، وتُمثّل جمعاً من البشر في مقهى باريسي، من الطراز الذي عُرف به هذا الرسام الطليعي. كذلك، تعرضت لوحة هرموش لبعض التلف، وتمثل أشجاراً تنتصب في روضة خضراء.
في الركن الثاني، تحضر لوحتان دائريتان أصابتهما الشظايا تمثلان رجلاً عاري الظهر، وهما من نتاج الفنان الكوبي أندي ليانز بولتو، وكانتا معروضتين في غاليري "ساوث بوردر" في بيروت عند اندلاع الانفجار المدوي. تحيط بهذين العملين لوحتان من النوع التجريدي الخالص تعرضتا لبعض الشروخ، وهما من نتاج صليبا الدويهي، وتختزلان الأسلوب الذي عُرف به في سنواته الأخيرة. تحضر هذه الأعمال الأربعة أمام ثريا ضخمة سقطت أرضاً، تحيطها لوحة لإيلي كنعان من النوع التجريدي الانطباعي الذي اتبعته كوكبة من الرسامين اللبنانيين في النصف الثاني من القرن الماضي، وزيتية لبيبي زغبي تمثل شتلة مزهرة صيغت بأسلوب هذه الفنانة التي ولدت لبنان في 1890، وانتقلت باكراً مع أهلها إلى أميركا اللاتينية حيث نشأت وعرضت أعمالها ولقّبت بـ"رسامة الزهور"، والمعروف انها عادت إلى مسقط رأسها في 1947، وواصلت مسيرتها حتى رحيلها في 1973.
يضم الركن الثالث مجموعة أخرى من الأعمال "المُصابة"، وهي من نتاج الفنانين المعاصرين اللبنانيين نبيل نحاس واندريه هوشار فتال وفلافي عودة، إضافة إلى زيتية كبيرة للفنان الراحل بول غيراغوسيان. ويضم الركن الرابع لوحة من الحجم الجداري من نتاج محمد سعيد بعلبكي تحمل ثقوباً تحوّلت إلى شعاعات ضوئية بفعل الإضاءة الخاصة التي تلفّها، ولوحتين لجان مارك نحاس، وتمثالاً متصدّعاً لكاتيا طرابلسي، وزيتية من الحجم الصغير لرؤوف الرفاعي. كذلك، يضم الركن الخامس لوحتين كبيرتين لندى صحناوي تعرضتا لبعض الخدوش، وتمثالاً ثانياً متصدّعاً لكاتيا طرابلسي، ولوحة لريما أميوني تمثّل طبيعة صامتة، ومائية كلاسيكية لفؤاد جوهر تمثل مشهداً بحرياً من مدينة صيدا.
نصل إلى الركن السادس، ويحوي، على حائط كبير، ثلاثة وجوه شخصية من الوجوه التي اشتهرت بها سيسي سرسق في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وزيتيتين من توقيع الرسام البريطاني توم يونغ، واللافت أن هاتين الزيتيتين تمثلان فندق "هوليداي إن" الذي دُمّر خلال حرب لبنان، وقد عهد بهما الفنان بعد انفجار المرفأ إلى كلوديت مهنا، وهي خياطة معروفة تضرر أيضاً مشغلها في الجميزة، فقامت بترميمهما متبعة أسلوبه الخاص في الخياطة. ويُشكّل الركن السابع آخر زوايا هذا العرض الجامع، ويضمّ زيتيّة لحسن جوني أتلف الجزء الأسفل منها، وهي ملقاة أرضاً، وتُمثّل منظراً من مناظر الطبيعية اللبنانية التقليدية، إضافة إلى عملين من أعمال نايلة رومانوس إيليا.
في الطابق الأول من الفيلا، يُقدّم المعرض مجموعة أخرى من الأعمال الفنية أُنجزت بعد الإنفجار الرهيب، ويحمل كلّ منها بشكل ما صدى من أصداء هذا الحدث المزلزل. تضم هذه المجموعة أربع منحوتات لجوزيف حرب تمثل قامات بشرية تنطوي على نفسها، وقامتين منتصبتين لألان فاسويان تساقطت أطرافهما، وتسعة وجوه تعبيرية لعماد فخري. كما تضم أربعة أعمال مميزة لأروى صفي الدين، وثلاث لوحات لنبيل نحاس، ولوحة من الحجم الجداري للفنان العراقي سيروان باران، إضافة إلى أعمال من توقيع ليلى جبر جريديني، هلا عز الدين، هادي سي، وميساك ترزيان.
في الخلاصة، برع جان لوي مانغي في توزيع هذه الأعمال وهندسة عرضها، ويمكن القول إن معرض "الفن الجريح" يتميّز في الدرجة الأولى بهذه السينوغرافيا البديعة التي جمعت بين الآثار واللوحات والمنحوتات في زوايا مضاءة برهافة مطلقة، مع باقة من المقطوعات الموسيقية وسلسلة من المختارات الأدبية رافقتها بتجانس بديع.