العائدون لسوريا بخطر.. حتى مع ورقة مراجعة شعبة التجنيد
لم يتمكن سامر (33 عاماً)، من الإقامة في منزله بريف دمشق، سوى ثلاثة أيام، وذلك بعد عودته من رحلة لجوء دامت أكثر من عقد كامل في لبنان، حتى تم اعتقاله على يد حاجز للمخابرات العسكرية في أثناء عودته إلى مدينته ليلاً.
وبحسب حديث مصدر من أسرة سامر لـ"المدن"، تم اعتقال الشاب الذي يعيل أسرته المكونة من زوجة وطفلين، دون معرفة مكان الاعتقال أو أي معلومة حول وضعه الحالي، بالرغم من أن الأسرة دفعت حتى الآن 15 مليون ليرة (تعادل ألف دولار) لمعرفة مصيره في ظل الاحتجاز.
ويعد سامر واحد من شبان كثيرين، اعتقلهم النظام السوري عقب عودتهم من لبنان، في ظل النزوح العكسي إلى سوريا، والذي يجبر حالات مماثلة سواء من المطلوبين الأمنيين أو المتخلفين عن خدمتي الجيش الإلزامية والاحتياطية، على العودة إلى مدنهم وقراهم الأصلية، في ظل مخاوف ومخاطر أمنية تحيط بهم على طول خط العودة أو في أماكن إقاماتهم الجديدة.
اعتقالات متزايدة
وفيما رصدت "المدن" اعتقال ثلاثة شبان من الوافدين من بينهم سامر، "كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أنها وثقت اعتقال ما لا يقل عن 23 شخصاً، بينهم سيدة، من اللاجئين العائدين من لبنان هرباً من الغارات الجوية الإسرائيلية المتصاعدة.
وجرت عمليات اعتقال الوافدين عند المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، وعلى نقاط التفتيش التابعة لقوات النظام السوري في أثناء توجههم إلى مناطق إقامتهم في المحافظات السورية، أو في أثناء إقامتهم في الفنادق في مدينة دمشق، بينما تمّ الإفراج عن أربعة منهم وإلحاقهم بالخدمة العسكرية الإلزامية، بحسب حديث مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فضل عبد الغني لـ"المدن".
وكشف عبد الغني أن مئات آلاف السوريين عادوا من لبنان، "وعلى الرغم من العدد الكبير للوافدين يحاول فريق الشبكة التواصل مع عدد كبير منهم لدراسة أحوالهم الأمنية ومعاملة النظام لهم". وتابع أن "جميع من تم اعتقالهم من الوافدين لم يجروا التسوية الأمنية التي يفرضها النظام، لأن اعتقالهم كان سريعاً، بينما تحتاج التسوية إلى وقت وتراتبية معينة".
ابتزاز ورسائل
وبالرغم من أن النظام يمنح المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، ورقة مراجعة شعبة التجنيد للمكلفين، لمدة شهرين وأحياناً ثلاثة أشهر، إلا أن الاعتقالات التي تطاول هؤلاء لم تتوقف، وقد يكون التوقيف في أحيان كثيرة بهدف الابتزاز المالي، مثلما جرى مع محمد (25 عاماً) الذي عاد من لبنان، وتم توقيفه بالقرب من منطقة صحنايا، في ريف دمشق، بالرغم من امتلاكه ورقة مراجعة شعبة التجنيد، ليتم الإفراج عنه بعد دفع مبلغ 3 ملايين ليرة سورية.
وتتعدد الرسائل التي يريد النظام توجيهها من هذه الاعتقالات، حيث يوضح فضل عبد الغني أنها على شقين: "الأول موجه للاجئين السوريين بألا يفكروا بالعودة، والثاني موجه للدول المطبعة معه بأنه لا يمانع عودة اللاجئين لكنه يحتاج إلى التمويل كمقدمة لإعادتهم، في حين تبدو مزاعم قبول النظام بعودة اللاجئين غير جادة".
وفي ضوء التجارب السابقة على مدار 13 عاماً، يؤكد عبد الغني أن "استراتيجية النظام في الاعتقال والملاحقة الأمنية باتت واضحة ومكشوفة، حيث تقوم على التفعيل الدائم للاعتقال لكن بشكل تدريجي، مع تخصيص عدد محدد من القوات للملاحقات الأمنية تستهدف كمية محددة من المطلوبين، على أن تتم ملاحقة جميع المطلوبين من الوافدين على المدى المتوسط".