لا خطة عربية لإعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم
أكد البيان الصادر عن الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في الرياض الأسبوع الماضي، على دعم جهود المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسون، من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا وفق القرار الدولي 2254، مؤكداً رفض محاولات التغيير الديموغرافي في الأراضي السورية.
وأكد البيان أن مواقف دول المجلس ثابت تجاه الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها، كما شدد على دعم الجهود الدولية لرعاية اللاجئين والنازحين السوريين والعمل من أجل عودة آمنة لهم إلى بلادهم.
التأكيد على قضية اللاجئين في البيان، والحديث عن رفض التغيير الديموغرافي في سوريا، ينسجم برأي كثير من المحللين، مع تركيز الدول العربية مؤخراً على هذه الزاوية عند الحديث عن الملف السوري.
وكان لافتاً أول تعليق صدر بهذا الخصوص عن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عقب زلزال 6 شباط/فبراير، عندما أكد أن هناك إجماعاً عربياً على أن الوضع في سوريا لا يمكن أن يستمر، وأنه يجب التواصل مع حكومة دمشق من أجل عودة اللاجئين.
وبينما يرى البعض أن العرب أدركوا بالفعل خطورة تفريغ سوريا من المكون العربي السني، خاصة بعد مغادرة ما يقارب نصف الشعب السوري البلاد خلال العقد الماضي، يرى آخرون أن التركيز على هذه النقطة هدفها تبرير التطبيع العربي مع دمشق وإعادة تعويم النظام.
بداية حل
"بالنسبة لدول الجوار السوري المستضيفة، فإن إعادة اللاجئين يخفف عنها أعباء أزمة ممتدة منذ 12 عاماً، بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما يعني أيضاً بداية تفكيك الأزمة السورية" كما يقول الوزير الأردني السابق والمحلل السياسي سميح معايطة.
وعن سبب التركيز العربي مؤخراً على هذه النقطة يقول: "يرتبط التشديد على ملف عودة اللاجئين مع جهد منظم تقوم به إيران منذ سنوات لتغيير معالم المدن والبلدات السورية طائفياً واجتماعياً ضمن المشروع الفارسي الذي تعمل طهران على تنفيذه في المنطقة بأدواتها الطائفية".
ويضيف معايطة في تصريح ل"المدن": "يدرك كل عربي مهتم بالأزمة السورية أن هوية سوريا العربية والسنية تتعرض لاستهداف من ايران، ولهذا فإن الإصرار على عودة اللاجئين تعتبر ضرورة لوقف المشروع الفارسي.
لكن معايطة لم يشر إلى اعتماد الدول العربية التي تتحرك بفاعلية مؤخراً في الملف السوري خطة محددة من أجل ذلك، الأمر الذي يؤكد، من وجهة نظر الصحافي السوري المعارض صخر إدريس، أن المسألة تطرح حالياً من باب تحديد الأولويات العربية في سوريا، بانتظار نضوج الأفكار التنفيذية.
ويقول في حديث مع "المدن" أن العديد من الدول العربية تنبهت لمسألة التغيير الديموغرافي في سوريا منذ سنوات، وتحديداً منذ دخول حزب الله اللبناني إلى القصير في ريف حمص، والسيطرة لاحقاً على جبال القلمون وصولاً إلى احتلال مدينة حلب من قبل الميليشيات الإيرانية، ورأى أنه سيشكل خطراً كبيراً على دول الجوار لصالح إيران طبعاً.
إدريس، وهو مدير منصة "المهاجرون" الإلكترونية، يشير أيضاً إلى نقطتين أسهمتا بعد عام 2016 في زيادة حساسية الدول العربية، وتحديداً السعودية والأردن تجاه هذه المسألة، وهما التوسع الإيراني في شراء العقارات في دمشق وحلب، والهجرة الكبيرة للشباب السوري إلى خارج البلاد بسبب التردي الاقتصادي بعد تراجع العمليات العسكرية.
الموقف الأميرركي
لكن كيف يمكن للدول العربية معالجة هذه المسألة في ضوء الاستعصاء الذي تعاني منه العملية السياسية، بسبب موقف النظام الرافض للمضي قدماً في الحل الدبلوماسي على أساس القرارات الدولية، وهو الشرط الرئيسي الذي تضعه الولايات المتحدة والدول الغربية للسماح بإعادة اللاجئين السوريين وإعادة الاعمار؟
سؤال يجيب عليه صخر إدريس بالقول إنه ليس لدى الدول العربية أي خطة واضحة بهذا الخصوص، وأن كل ما لديها مجرد أفكار وأهداف يتطلب تحقيقها استقراراً لا يبدو أنه مضمون في سوريا حتى الآن، إلا إذا اعتقدت هذه الدول أنه يمكنها إجبار اللاجئين على العودة.
من جانبه، فإن الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، يرى أنه "من الناحية النظرية ليس هناك ما يمنع الدول العربية من طرد اللاجئين السوريين المقيمين فيها، لكن ما يمنع ذلك عملياً هو الموقف الأميركي-الغربي والقانون الدولي الانساني، لكن السبب الأساسي هو استفادة دول الجوار العربي التي تعاني اقتصادياً بشكل كبير، من الأموال المخصصة للاجئين السوريين الذين تستضيفهم".
لكن ما الذي يمكن أن تفعله واشنطن في حال قررت هذه الدول إعادة اللاجئين السوريين بالفعل ؟
أمر يجيب عليه بربندي، المقيم في الولايات المتحدة والمطلع على السياسات الأميركية، بالقول: لا يبدو أن الإدارة الأميركية مهتمة بالأمر حالياً، وكمؤشر على ذلك فإن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وخلال جلسة الاستماع حول تحركات الدول العربية في سوريا، التي عقدت في الكونغرس الجمعة، اكتفى بالقول: "نحاول إقناع الدول بعدم التطبيع المجاني مع النظام".
ويختم بربندي بالقول: "البيان الأخير للمجموعة المصغرة حول سوريا التي اجتمعت في الأردن الأسبوع الماضي، تجنب كل المواضيع الإشكالية، ما يؤكد أن واشنطن لا تعتبر الملف السوري أولوية على أجندتها في الوقت الحالي، وتعطي الدول العربية هامشاً للمحاولة، لكن في النهاية لا يمكن تعويم النظام سياسياً من دون دعم اقتصادي، وهذا ممنوع نتيجة العقوبات التي لا يمكن حتى للإدارة الأميركية القفز فوقها كونها أقرت كتشريعات، رغم أنه بالإمكان التغاضي المؤقت أو الجزئي عنها.
لا خطة عربية واضحة إذن لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم رغم الحديث المكثف مؤخراً من قبلها حول أهمية ذلك، وبالمقابل لا يمكن لهذه التوجهات أن تصبح قابلة للتطبيق مع استمرار الوضع السياسي والأمني على ما هو عليه في سوريا، وتفاقم الوضع الاقتصادي كذلك، والذي يدفع من تبقى من سكانها للبحث عن فرصة لمغادرة البلاد.
وأكد البيان أن مواقف دول المجلس ثابت تجاه الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها، كما شدد على دعم الجهود الدولية لرعاية اللاجئين والنازحين السوريين والعمل من أجل عودة آمنة لهم إلى بلادهم.
التأكيد على قضية اللاجئين في البيان، والحديث عن رفض التغيير الديموغرافي في سوريا، ينسجم برأي كثير من المحللين، مع تركيز الدول العربية مؤخراً على هذه الزاوية عند الحديث عن الملف السوري.
وكان لافتاً أول تعليق صدر بهذا الخصوص عن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عقب زلزال 6 شباط/فبراير، عندما أكد أن هناك إجماعاً عربياً على أن الوضع في سوريا لا يمكن أن يستمر، وأنه يجب التواصل مع حكومة دمشق من أجل عودة اللاجئين.
وبينما يرى البعض أن العرب أدركوا بالفعل خطورة تفريغ سوريا من المكون العربي السني، خاصة بعد مغادرة ما يقارب نصف الشعب السوري البلاد خلال العقد الماضي، يرى آخرون أن التركيز على هذه النقطة هدفها تبرير التطبيع العربي مع دمشق وإعادة تعويم النظام.
بداية حل
"بالنسبة لدول الجوار السوري المستضيفة، فإن إعادة اللاجئين يخفف عنها أعباء أزمة ممتدة منذ 12 عاماً، بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما يعني أيضاً بداية تفكيك الأزمة السورية" كما يقول الوزير الأردني السابق والمحلل السياسي سميح معايطة.
وعن سبب التركيز العربي مؤخراً على هذه النقطة يقول: "يرتبط التشديد على ملف عودة اللاجئين مع جهد منظم تقوم به إيران منذ سنوات لتغيير معالم المدن والبلدات السورية طائفياً واجتماعياً ضمن المشروع الفارسي الذي تعمل طهران على تنفيذه في المنطقة بأدواتها الطائفية".
ويضيف معايطة في تصريح ل"المدن": "يدرك كل عربي مهتم بالأزمة السورية أن هوية سوريا العربية والسنية تتعرض لاستهداف من ايران، ولهذا فإن الإصرار على عودة اللاجئين تعتبر ضرورة لوقف المشروع الفارسي.
لكن معايطة لم يشر إلى اعتماد الدول العربية التي تتحرك بفاعلية مؤخراً في الملف السوري خطة محددة من أجل ذلك، الأمر الذي يؤكد، من وجهة نظر الصحافي السوري المعارض صخر إدريس، أن المسألة تطرح حالياً من باب تحديد الأولويات العربية في سوريا، بانتظار نضوج الأفكار التنفيذية.
ويقول في حديث مع "المدن" أن العديد من الدول العربية تنبهت لمسألة التغيير الديموغرافي في سوريا منذ سنوات، وتحديداً منذ دخول حزب الله اللبناني إلى القصير في ريف حمص، والسيطرة لاحقاً على جبال القلمون وصولاً إلى احتلال مدينة حلب من قبل الميليشيات الإيرانية، ورأى أنه سيشكل خطراً كبيراً على دول الجوار لصالح إيران طبعاً.
إدريس، وهو مدير منصة "المهاجرون" الإلكترونية، يشير أيضاً إلى نقطتين أسهمتا بعد عام 2016 في زيادة حساسية الدول العربية، وتحديداً السعودية والأردن تجاه هذه المسألة، وهما التوسع الإيراني في شراء العقارات في دمشق وحلب، والهجرة الكبيرة للشباب السوري إلى خارج البلاد بسبب التردي الاقتصادي بعد تراجع العمليات العسكرية.
الموقف الأميرركي
لكن كيف يمكن للدول العربية معالجة هذه المسألة في ضوء الاستعصاء الذي تعاني منه العملية السياسية، بسبب موقف النظام الرافض للمضي قدماً في الحل الدبلوماسي على أساس القرارات الدولية، وهو الشرط الرئيسي الذي تضعه الولايات المتحدة والدول الغربية للسماح بإعادة اللاجئين السوريين وإعادة الاعمار؟
سؤال يجيب عليه صخر إدريس بالقول إنه ليس لدى الدول العربية أي خطة واضحة بهذا الخصوص، وأن كل ما لديها مجرد أفكار وأهداف يتطلب تحقيقها استقراراً لا يبدو أنه مضمون في سوريا حتى الآن، إلا إذا اعتقدت هذه الدول أنه يمكنها إجبار اللاجئين على العودة.
من جانبه، فإن الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، يرى أنه "من الناحية النظرية ليس هناك ما يمنع الدول العربية من طرد اللاجئين السوريين المقيمين فيها، لكن ما يمنع ذلك عملياً هو الموقف الأميركي-الغربي والقانون الدولي الانساني، لكن السبب الأساسي هو استفادة دول الجوار العربي التي تعاني اقتصادياً بشكل كبير، من الأموال المخصصة للاجئين السوريين الذين تستضيفهم".
لكن ما الذي يمكن أن تفعله واشنطن في حال قررت هذه الدول إعادة اللاجئين السوريين بالفعل ؟
أمر يجيب عليه بربندي، المقيم في الولايات المتحدة والمطلع على السياسات الأميركية، بالقول: لا يبدو أن الإدارة الأميركية مهتمة بالأمر حالياً، وكمؤشر على ذلك فإن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وخلال جلسة الاستماع حول تحركات الدول العربية في سوريا، التي عقدت في الكونغرس الجمعة، اكتفى بالقول: "نحاول إقناع الدول بعدم التطبيع المجاني مع النظام".
ويختم بربندي بالقول: "البيان الأخير للمجموعة المصغرة حول سوريا التي اجتمعت في الأردن الأسبوع الماضي، تجنب كل المواضيع الإشكالية، ما يؤكد أن واشنطن لا تعتبر الملف السوري أولوية على أجندتها في الوقت الحالي، وتعطي الدول العربية هامشاً للمحاولة، لكن في النهاية لا يمكن تعويم النظام سياسياً من دون دعم اقتصادي، وهذا ممنوع نتيجة العقوبات التي لا يمكن حتى للإدارة الأميركية القفز فوقها كونها أقرت كتشريعات، رغم أنه بالإمكان التغاضي المؤقت أو الجزئي عنها.
لا خطة عربية واضحة إذن لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم رغم الحديث المكثف مؤخراً من قبلها حول أهمية ذلك، وبالمقابل لا يمكن لهذه التوجهات أن تصبح قابلة للتطبيق مع استمرار الوضع السياسي والأمني على ما هو عليه في سوريا، وتفاقم الوضع الاقتصادي كذلك، والذي يدفع من تبقى من سكانها للبحث عن فرصة لمغادرة البلاد.