قبرص تسعى لتصنيف محافظات سورية كمناطق آمنة..لإعادة اللاجئين
يعكس المقترح الذي تعتزم قبرص تقديمه للاتحاد الأوروبي بغية دفعه إلى تصنيف بعض المحافظات السورية على أنها "آمنة" تمهيداً لإعادة اللاجئين السوريين، مخاوف الجزيرة المتوسطية من زيادة عدد اللاجئين السوريين، الذين يشكلون أكثر من نصف الوافدين إليها، حسبما تؤكد مصادر قبرصية رسمية.
ضغط على الموارد
ضغط على الموارد
وأعلن وزير الداخلية القبرصية قنسطنينوس يوانو من مقر الأمم المتحدة في جنيف حيث يُعقد المنتدى العالمي الثاني للاجئين، أن حكومته ترغب في أن يفكر الاتحاد الأوروبي في إعلان أجزاء من سوريا مناطق آمنة لإعادة لاجئين إلى بلادهم وذلك مع وصول أعداد غير مسبوقة من اللاجئين السوريين إلى شواطئ قبرص، معتبراً أن "بدء مناقشة إعادة تقييم مسألة سوريا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا".
وقال إنه في ظل تنامي الصراع في منطقة الشرق الأوسط، نتوقع المزيد من تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء مما يزيد من الضغط على مواردنا، مشيراً إلى أن "لدينا خمسة أضعاف المهاجرين في أي دولة عضو أخرى على حدود الاتحاد معظمهم من سوريا".
وفي تموز/يوليو 2023، طرح وزير الداخلية القبرصية القضية ذاتها على جدول الأعمال في الاجتماع غير الرسمي لوزراء الداخلية الذي عُقد في إسبانيا.
وبحسب بيانات رسمية قبرصية، نشرتها مواقع إخبارية قبرصية في تشرين الثاني/نوفمبر، فإن السوريين الذين وصلوا إلى قبرص في العام 2022 شكلوا 23 في المئة من إجمالي المهاجرين، لترتفع النسبة في العام 2023 إلى 53 في المئة، وغالبيتهم يصلون بقوارب من السواحل اللبنانية والسورية.
إشكالات مسلحة
إشكالات مسلحة
ويؤكد مصدر قبرصي ل"المدن"، أن العدد الكبير لطالبي اللجوء في الجزيرة صار يشكل مبعث قلق، وخاصة مع زيادة المشاكل وحالات الشجار المسلح التي تسجلها بعض مدن قبرص، والتي يكون اللاجئون طرفاً فيها.
ويقول المصدر إن قبرص كانت تُعد وجهة للعمالة السورية التي كانت تحظى بقبول واسع في الشارع القبرصي منذ عقود، لكنه استدرك بالقول: "لكن الآن تغيرت النظرة بفعل صعود التيارات اليمينية"، وكذلك بسبب "قلة الوعي" من قبل شريحة من المهاجرين السوريين".
وبخصوص المطلب القبرصي من الاتحاد الأوروبي، يوضح أن "قبرص لا تستطيع إعادة اللاجئين من دون موافقة الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن قوانين الاتحاد مطبقة في قبرص العضو في التكتل الأوروبي"، مؤكداً أن "حظوظ موافقة الاتحاد الأوروبي على المقترح القبرصي ضعيفة".
ابتزاز الأوروبيين
ابتزاز الأوروبيين
لكن رغم ذلك، لا يمكن اختصار دوافع التحرك بالقلق والضيق من اللاجئين فقط، إذ يبدو أن قبرص تريد من خلال إثارة هذا المطلب "ابتزاز" الاتحاد الأوروبي لإرغامه على زيادة الدعم المقدم لها المخصص لاستضافة اللاجئين، على اعتبار أن قوانين الاتحاد الأوروبي لا تسمح بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم المصنفة "غير آمنة"، وهو ما يتفق معه المحلل السياسي المطلع على السياسات الأوروبية أسامة بشير.
ويقول بشير ل"المدن"، إن "نيقوسيا تريد زيادة كتلة الدعم المالي لها من الاتحاد الأوروبي، بحيث تريد أن تقول للتكتل إن لم توافقوا على مقترحنا، قدموا لنا المال لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المهاجرين".
وفي السياق، يرى مدير "الرابطة السورية لحقوق اللاجئين" مضر الأسعد أنه لا يمكن فصل مقترح قبرص بخصوص إعادة اللاجئين السوريين، عن دعوة النظام السوري الأمم المتحدة إلى "دعم عودة اللاجئين"، مشيراً إلى العلاقات "الجيدة" بين النظام السوري وقبرص.
وكان نائب وزير خارجية النظام السوري بسام صباغ، قد دعا نائب الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، إلى ضرورة زيادة مشاريع التعافي المبكر، ودعم "الجهود" في مجال عودة المهجرين السوريين إلى وطنهم، وذلك على هامش أعمال المنتدى العالمي الثاني للاجئين المنعقد في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
ويقول الأسعد ل"المدن"، إن النظام يدّعي ظاهرياً أنه يريد إعادة اللاجئين وذلك لأهداف سياسية متعلقة بتعويمه وشرعيته، واقتصادية من خلال زيادة الدعم المالي لمشاريع التعافي وتأمين البنى التحتية، لكن ما لم يعد موضع جدل أن النظام يعطل عودة اللاجئين.