"الأمل بالعمل"..شعار الأسد الانتخابي الذي يتجاهل "انتصاراته"
انتقى رئيس النظام السوري بشار الأسد شعاراً بمضمون اقتصادي لحملته لانتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في 26 أيار/مايو. الشعار خلا هذه المرة من مفردات متعلقة بالإرهاب والصمود والمؤامرة، التي يبدو أنها لم تعد تناسب مزاج المجتمع السوري.
"الأمل بالعمل" شعار بدا أنه مصمم لتوجيه رسالة للسوريين الذين يرزحون تحت وطأة ضغوط اقتصادية بلغت ذروتها في العام 2021، مفادها أن الظروف سوف تتغير، وأن الأولويات انتقلت من التصدي ل"الإرهاب" إلى تحسين الوضع المعيشي.
وباختياره هذا الشعار يُقر النظام بأن الشارع السوري لا يعير "الانتصار" وواقع السيطرة الحالي أي اهتمام يُذكر، وأن شغله الشاغل بات الهجرة، هرباً من الفقر والجوع.
وتؤكد ذلك بوضوح، نتائج دراسة صدرت قبل أيام عن مركز "السياسات وبحوث العمليات"، بيّنت أن أكثر من نصف السوريين المقيمين بمناطق النظام يرغبون بالهجرة، حيث عبّر 63 في المئة من المشاركين (600 مشارك مقيم في دمشق) في الدراسة، عن رغبتهم بالهجرة إلى الخارج، هرباً من الظروف المعيشية الصعبة داخل سوريا، رغم استتباب الوضع الأمني والعسكري في دمشق ومحيطها.
ويرى مدير مركز "حرمون للدراسات المعاصرة" سمير سعيفان أن شعار حملة الأسد الانتخابية مصمم وفق مواصفات خبراء الإعلام، من حيث سهولة اللفظ والإيقاع لجذب الانتباه، لكنه "شعار بلا لون ولا طعم ولا رائحة".
ويقول في حديث ل"المدن": "أصبحت أحوال السوريين والبلاد بعد نصر الأسد المزعوم أسوأ مما كانت قبله، ولذلك ابتعد عن المعزوفة المستهلكة المتعلقة بالمؤامرة الكونية، واختار شعاراً على علاقة بالأحوال المعيشية للسوريين التي باتت كارثية".
والأهم من مسألة الشعار، بحسب سعيفان، أن بشار الأسد، كما والده حافظ من قبل، لم يقدم أي برنامج انتخابي، لأن كل الانتخابات وقبلها الاستفتاءات، هي مسرحيات هابطة، ولأن البرنامج الانتخابي يعني أن الناخبين لهم رأي في ما سيلتزم به المرشح وسيحاسب عليه، وهذا في حكم آل الأسد من الكبائر، "العائلة فوق المحاسبة، وعلى السوريين أن يحبوها لذاتها حباً أبدياً".
وعلى النسق نفسه، سار الكاتب الصحافي أيمن عبد النور، معتبراً أن شعار حملة الأسد (الأمل بالعمل) يتوجه بالمقام الأول للشارع الموالي، الذي بدأ يظهر عليه التململ من الوضع الاقتصادي، ويوضح ل"المدن"، أن النظام بدأ يولي الوضع الاقتصادي اهتماماً كبيراً.
ويشير عبد النور إلى زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الأخيرة إلى دمشق، قائلاً: "في هذه الزيارة أكدت وسائل إعلام النظام الرسمية، أن المباحثات التي أُجريت مع ظريف تطرقت إلى الوضع الاقتصادي، وهو أمر غير معتاد في محادثات مع وزير للخارجية".
ويضيف عبد النور "الواضح أن أولوية الأسد وحلفاءه (إيران وروسيا) للمرحلة اللاحقة، انتقلت للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية، التي باتت تشكل التهديد الأكبر للنظام"، ويستدرك بقوله: "لكن ذلك لا يعني أن النظام لا يضع نصب عينيه استعادة سيطرته على المناطق الخارجة عن سيطرته في شمال شرق وشمال غرب سوريا".
وكان الأسد قد اختار كلمة "سوا" شعاراً لحملة الانتخابات السابقة في العام 2014، روج من خلاله في حينها إلى عملية إعادة الإعمار (سوا نعمرها)، لكن البلاد لم تشهد إطلاق مشاريع إعمار، في ظل امتناع غربي وعربي عن المشاركة في هذه العملية.