سوريا:تنافس شديد على الخبز..الجفاف والجراد ضربا موسم القمح
تسود توقعات بأن يطرأ ارتفاع كبير على سعر القمح في سوريا، متأثراً بزيادة الطلب وانخفاض الإنتاج نتيجة شحّ الأمطار، وانحسار مساحات زراعته، على حساب توسع زراعة محاصيل أخرى، أكثر ربحية مثل الكمون والحبة السوداء والعدس.
ويدعم غزو أسراب كبيرة من الجراد الأصفر وحشرات أخرى مثل "السونة" للمحاصيل في شرق وجنوب سوريا، والحرائق الموسمية المتوقعة، فرضية تراجع إنتاج محصول القمح في الموسم الحالي، إلى ما دون المليون طن، من أصل 3.5 مليون طن أنتجتها سوريا في العام 2010.
الطن عند 300 دولار
واستناداً إلى ذلك، يتوقع مدير مؤسسة إكثار البذار التابعة للحكومة المؤقتة المهندس الزراعي معن ناصر أن يقفز سعر طن القمح من حوالي 225 دولار أميركي في الموسم الماضي إلى ما يزيد عن 300 دولار في الموسم الجديد.
ويوضح ل"المدن"، أنه نتيجة لتأخر الهطولات المطرية في شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل، في كافة المناطق السورية، أصبحت المحاصيل بشكل عام عرضة للجفاف ونقص الأمطار وخصوصا محصول القمح، ومن المحتمل خسارة أكثر من نصف إنتاج محصول القمح، وهو ما بدأ يظهر واضحاً من خلال إصفرار النبات وقصره وعجزه عن دفع السنابل.
وقال ناصر إن هذا الجفاف أدى إلى نقص الكميات المنتجة من القمح، وخصوصاً أن قسماً من المزارعين بدأ بضمان الأرض المزروعة لمربي المواشي، نتيجة تلاشي الأمل بحصادها، وأشار كذلك إلى انخفاض المساحات المروية لهذا العام مقارنة مع الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات اللازمة لعملية الري.
وما سبق، يدفع المهندس الزراعي إلى التأكيد بأن الصراع والتنافس سيكون هذا الموسم على أشده بين الأطراف المسيطرة (النظام وقسد والحكومة المؤقتة، وحكومة الإنقاذ) على شراء الكميات المنتجة من القمح.
النظام تحرك باكراً
وبين طريقتي شراء القمح المنتج محلياً من مناطق سيطرة قسد، والشراء من روسيا، يقف النظام أمام تحديات جديدة متعلقة بتأمين كميات جيدة من القمح لتغطية حاجة مناطق سيطرته من مادة الخبز.
وبدأ النظام السوري باكراً بتلمس الطريق للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من محصول القمح الذي يتركز إنتاجه في المحافظات الشرقية السورية الخاضعة لسيطرة قسد، إذ أعلنت حكومة النظام قبل أسبوعين عن رفع سعر شراء الكيلو من الفلاحين من 550 ليرة إلى 900 ليرة سورية للكيلو الواحد.
ويحاول النظام إيجاد بدائل أقل تكلفة لتأمين القمح، بدلاً عن شراء القمح من روسيا، علماً أن الأخيرة فرضت ضريبة أعلى على تصدير القمح مؤخراً، في سبيل كبح ارتفاع الأسعار في السوق الداخلية الروسية، نتيجة تداعيات أزمة كورونا.
وعبّر وزير الزراعة في حكومة النظام حسان قطنا عن المخاوف التي تعتري النظام، بإشارته قبل يومين، إلى تداعيات انحباس الأمطار على محصولي القمح والشعير.
ويرى المستشار الاقتصادي في مركز "جسور للدراسات" خالد التركاوي أن ارتفاع أسعار القمح من شأنه زيادة أزمة نقص الخبز في مناطق سيطرة النظام، مؤكداً أن مناطق النظام على موعد جديد مع أزمة خبز حادة هذه المرة، موعدها حزيران/يونيو 2021.
وأوضح أن كميات القمح التي تسوقها النظام من روسيا لن تسدّ حاجة النظام لأكثر من شهرين على أبعد تقدير، ما يعني أن النظام بات مجبراً على شراء القمح الروسي بأسعار أعلى نتيجة الضرائب الروسية، أو التوجه نحو مناطق سيطرة قسد، لإقناع المزارعين ببيع القمح بسعر مرتفع أيضاَ.
وبحسب التركاوي، فإن أزمة الخبز القادمة لا تعني النظام وحده، وإنما الأطراف الأخرى (المعارضة، قسد).
قسد ترفع سعر الخبز
وقبل أيام، رفعت قسد سعر الخبز إلى نحو 3 أضعاف، محددة سعر ربطة الخبز ب250 ليرة سورية بدلاً من 85 ليرة سورية، وبرّرت قرارها بمقتضيات المصلحة العامة.
والواضح أن قسد تتحضر بهذا الإجراء إلى وضع سعر منافس لشراء القمح من المزارعين، لتقطع الطريق بذلك على النظام الذي يحاول تأمين جزء من احتياجاته من القمح من مناطق سيطرتها.
أما في مناطق المعارضة، تعتمد الحكومة المؤقتة على مداخيل الأفران، والمساعدات الخارجية لشراء القمح المنتج محلياً في ريف حلب، إلى جانب شراء الدقيق من الأسواق التركية.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد حذر في شباط/فبراير 2021، من أن 12.4 مليون شخص في سوريا يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، مؤكداً أن 60 في المئة من سكان سوريا يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي.