إدلب: صدام وشيك بين "حراس الدين" و"تحرير الشام"؟
تشهد مدينة أرمناز في ريف إدلب الشمالي الغربي توتراً أمنياً بين هيئة "تحرير الشام" وتنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم "القاعدة"، وسط انتشار واسع لعناصر الطرفين في محيط المدينة وحول المواقع والمقار العسكرية. ويتبادل الحراس والهيئة الاتهامات حول المسؤولية عن التصعيد والدفع في اتجاه صدام عسكري في عموم مناطق إدلب ومحيطها.
وتحاول "تحرير الشام" إغلاق مقار "الحراس" في عدد من المدن والبلدات الأخرى في ريف إدلب الغربي والشمالي الغربي، وهي منطقة قريبة من الحدود السورية-التركية، وتقع إلى الشمال من الطريق "إم4"، وللهيئة في المنطقة نفوذ واسع لا يعكر صفوه سوى انتشار عدد من المقار والمواقع التابعة لتنظيم "حراس الدين" السلفي.
الخطة الأمنية المفترضة بدأتها الهيئة من أرمناز، حيث حاول عناصر جهازها الأمني إغلاق عدد من مقار الحراس في المدينة لكنهم فشلوا بعد رفض التنظيم إخلاء أي مقر عسكري. واستنفر الحراس عناصره في محيط المقار المنتشرة حول المدينة، وهدد بالرد على أي إجراء بالقوة، بينما أرسلت الهيئة، ليل السبت-الأحد، رتلاً عسكرياً للضغط على الحراس وإجبارهم على الانسحاب من المنطقة بالقوة.
القائد العسكري في "حراس الدين"، أبو محمد السوداني، قال في موقع "تلغرام": "منهج وشعار حراس الدين منذ تأسيسه يتمثل في اللجوء في حل الخصومات إلى شرع الله عز وجل، وللأسف نرى في هذه الأيام كثرة التحريض والتأليب على هذه الفئة من بعض المغرضين وغير المبالين بمصير الساحة".
وتابع السوداني: "ندعو عقلاء الفصائل المجاهدة التدخل لإيقاف هذا التهور... كما ندعو العقلاء إلى الاجتماع لترتيب الصف الداخلي والتفرغ لقتال النظام. وإننا لنستغرب في هذا الظرف العصيب كيف تتعالى بعض الاصوات لفتح معابر تخفف وتفرّج عن النظام، ونرى تضييقاً على المجاهدين ومحاولات طردهم من مقراتهم، فما لكم كيف تحكمون".
ويزعم قادة في "حراس الدين" بأن الهيئة تضيق عليهم في إدلب، وتحاول إغلاق مقارهم العسكرية في الوقت الذي تسمح فيه لفصائل المعارضة السورية بالانتشار وإنشاء مقار عسكرية بسهولة، ويتمتع الجيش التركي أيضاَ بحرية الحركة والانتشار كما يشاء.
يقول قادة "الحراس": "هل ضاقت الأرض على مقرات المجاهدين ووسعت لقواعد العلمانيين ومقرات درع الصليب والجيش الوثني، عجيب أمرهم، لا يتذكرون أنهم أمراء وأصحاب تمكين إلا مع الحراس فنجد التكبر والغطرسة. ثم إذا كان التعامل مع الأتراك والجيش الوثني تجد أنه قد أصابهم فقد ذاكرة وتحولوا إلى فقه الاستضعاف وانتفاء شروط التمكين، ليعلموا أن التعامل مع المجاهدين بفقه الاستضعاف أولى من التعامل به مع العلمانيين".
ويلمح "حراس الدين" إلى استعداده للتصعيد العسكري والمواجهة مع "تحرير الشام" إن واصلت الأخيرة خطتها الأمنية المفترضة. ويقول القيادي في التنظيم شبل أسامة: "إذا تعقدت الأمور فيكون دفع الشر بقدره دفاعاً عن النفس، وأنا أتساءل لماذا القوم يصرون على استمرار الاستنفارات. كنا ولا زلنا نحذر من خطورة اندلاع الاقتتال الداخلي في ساحة الشام التي لم تورث إلا الفرقة وإشعال نار الفتن وخدمة مصالح الروس والنصيرية والأتراك الذين يتمنون لو يحدث اقتتال داخلي".
ويستشعر "حراس الدين" الخطر من الإجراءات المفاجئة من قبل الهيئة التي قد تكون فعلياً بداية التصعيد ومن ثم الحرب للقضاء على التنظيم كما يروج كجزء من الاتفاق الروسي-التركي، أو على الأقل مهمة يجب على الهيئة القيام بها إذا أرادت البقاء في زعامة إدلب.
ويقول أسامة: "لا تجعلونا نقتنع بما يتناقله البعض عن نية ضرب الصادقين والتخلص منهم مقابل البقاء في السلطة الموهومة، عناصر الهيئة جاؤوا لحراس الدين قالوا أخرجوا من مقراتكم لأجل مشروع نرضي به بني علمان، وإلا نتقرب بدمائكم لإرضاء الدول الحليفة".
عملياً، مهمة القضاء على الحراس ليست بالمهمة الصعبة على "تحرير الشام" من حيث الفارق الكبير في الأعداد والعتاد الحربي، لكنها مخاطرة قد تؤدي إلى انشقاقات واسعة في صفوف الهيئة هي بغنى عنها في هذه المرحلة، وبالأخص التيار المتشدد، كذلك الخشية من انضمام التنظيمات الجهادية الأخرى في "غرفة عمليات وحرّض المؤمنين" إلى حلف الحراس.
والأرجح أن تواصل "تحرير الشام" سياسة إضعاف "الحراس" والتضييق على عناصره وإفقاره كتنظيم عبر قطع وسائل الدعم الداخلية والخارجية، وهي خطة قد بدأتها بالفعل منذ بداية العام 2019، وفي حال استمرت ستؤثر حتماً على تماسك الحراس كتنظيم وتقضي عليه على المدى الطويل وبكلفة أقل، لكن الوقت ليس في صالح "تحرير الشام".