رحلة إسلام علوش..من الجيش السوري إلى السجن
وقع "إسلام علوش" أحد أبرز الوجوه في تنظيم "جيش الإسلام" الذي سيطر على الغوطة الشرقية لفترة طويلة، في فخ السلطات الفرنسية بعد أن توجه إلى فرنسا بهدف إكمال دراساته العليا.
وألقت السلطات الفرنسية القبض على مجدي نعمة، المعروف باسم "إسلام علوش"، الأربعاء الماضي في مدينة مرسيليا الفرنسية، حيث كان متواجداً بصفة رسمية، بعد حصوله على منحة دراسية كطالب في برنامج "إيراسموس".
ومجدي نعمة هو من مواليد 1988، كان ضابطاً برتبة نقيب في جيش النظام السوري، وانشق عقب الثورة السورية ليصبح أحد كبار ضباط جيش الإسلام ومتحدثاً رسمياً باسمه، جنباً إلى جنب مع زعيمها زهران علوش، مؤسس المجموعة الذي قتل في غارة جوية في عام 2015؛ ليكون بعد ذلك اسم إسلام علوش هو الوجه الأبرز في تنظيم جيش الإسلام، حتى استقالته من منصبه القيادي سنة 2016.
واعتقل زهران من قبل السلطات الفرنسية بعد أن وجهت إليه العديد من التهم من قبل وحدة جرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس، فتم اتهامه بجرائم حرب وجرائم التعذيب والإخفاء القسري للناشطين في الغوطة الشرقية ودوما، مع الاشتباه بتورطه في تجنيد عدد من الأطفال السوريين للقتال في جيش الإسلام، والاشتباه بأنه متورط في خطف مجموعة من الناشطين السوريين، وهم: رزان زيتونة وسمير الخليل وناظم الحمادي ووائل حمادة، الذين يعرفون اليوم باسم "دوما أربعة".
والأربعة تم اختطافهم من مكاتبهم في الغوطة، حيث كانوا يوثقون الانتهاكات الإنسانية لجميع المجموعات المسلحة التي تجري في المنطقة. وحتى اليوم لم يعرف عن مصيرهم شيء. كما وجهت إلى زهران تهمة التورط في إخفاء وتعذيب وقتل مواطنين سوريين فرنسين، وهما: مازن الدباغ وباتريك الدباغ.
اعتقال مجدي نعمة جاء على خلفية ما قام به كل من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM) والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ( FIDH) والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان (LDH) بتاريخ 26 حزيران/يونيو 2019، حيث تقدموا بشكوى ضد جيش الإسلام للجرائم التي ارتكبها ما بين عامي 2013 و2018 بحق المدنين والناشطين في الغوطة الشرقية ودوما، وأرفقت القضية بوثائق وشهادات من 20 ضحية أو من عائلاتهم؛ ومن بين تلك العائلات التي تقدمت بالشكوى عائلات مجموعة "دوما أربعة".
كيف وصل إسلام علوش إلى أوروبا؟
بعد أن استقال مجدي نعمة من منصبه في جيش الإسلام سنة 2016، أو إثر إقالته منه بعد أن صار عبئاً على المجموعة المسلحة بسبب الحوار الذي أجراه مع الإسرائيلية إيزابيل تسوركوف، والذي لم يستبعد فيه عقد السلام مع إسرائيل، حاول مجدي إعادة إنتاج نفسه ك"باحث"، ودرس في إحدى الجامعات التركية، وصار اسمه يظهر بالعديد من المؤتمرات والندوات كباحث في الشأنين السوري والإسلامي، قبل أن يسافر إلى فرنسا بمنحة دراسية.
وسبق لمجدي نعمة أن دخل إلى أوروبا العام الماضي، ومكث فيها قرابة 6 أشهر، بحسب مقابلة أجرتها معه "نيويورك تايمز" على هامش مقال عن احتضان تركيا لأصوات المعارضة السورية والعربية، حمل عنوان: "Arab Exiles Sound Off Freely in Istanbul Even as Turkey Muffles Its Own Critics".
وفي اللقاء ذكر نعمة بأن سبب عودته إلى إسطنبول هو مخاوفه الشخصية من "التهام لحم الخنزير" عن طريق الخطأ، وبرودة الجو في أوروبا؛ وذكر أنه يخطط لإتمام دراسة الدكتوراه في تركيا، ولكن يبدو أن مخططاته قد تغيرت بعد ذلك، فعاد إلى فرنسا بمنحة "ايراسموس" وسط استهجان السوريين إغلاق جامعات أوروبا أبوابها في وجوههم واستقبالها لأمثال "إسلام علوش".
ماذا بعد ذلك؟
سيخضع مجدي نعمة لمحاكمة عادلة أمام القضاء الفرنسي، وسيتمكن من الحصول على كافة حقوقه، وسيقوم بتعيين محامٍ للدفاع عنه ولن يتعرض للتعذيب والتنكيل الذي مارسه على ضحاياه لأعوام؛ وذلك جعل العديد من السوريين يتساءلون عما إذا كان اعتقال مجدي نعمة أو محاكمته بهذه الشروط الإنسانية يمثلان تحقيق العدالة. ولكن شريحة كبيرة من السوريين وجدوا أن اعتقاله هو تجسيد للعدالة وضروري كرسالة لأمثاله بأنهم لن يفلتوا بجرائمهم.
يذكر أن محاكمة مجدي نعمة ستكون الأولى من نوعها، فلم يسبق أن تمت محاكمة أحد المتورطين في قيادات الفصائل المسلحة السورية المعارضة.