السويداء.."بدنا نعيش" مستمرة رغم التهديدات للامنية
هددت إدارة كلية التربية في السويداء، واتحاد طلبة المدينة، طلاب كلية التربية بالفصل من دراستهم، في حال مشاركتهم بالاحتجاجات التي تحصل في المدينة تحت مسمى "بدنا نعيش"، بهدف مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد عامة والسويداء خاصة.
وجاءت التهديدات عقب تجمع العشرات ظهر الأحد، أمام كلية التربية وترديدهم لشعارات مطالبة بحقوق الطلبة ومكافحة الفساد المستشري في المؤسسة التعليمية، وشعارات معبرة عن الوضع الاقتصادي في البلاد، وأخرى مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تدهور الوضع الاقتصادي.
وردَ منظمو حملة "بدنا نعيش" على التهديدات من خلال صفحتهم على "فايسبوك" قائلين: "للطلاب وللقوى الأمنية ولكل إنسان لم يرَ صورتنا الحضارية في الشارع بأننا سنبقى سلميين وأننا لا نريد سوى لقمة عيش وحقوق توصلنا بالبلد جميعاُ إلى بر الأمان".
وعرّف منظمي حملة "بدنا نعيش"، عن أنفسهم بأنهم حملة غير دينية وغير سياسية ولا تقبل تحييدها عن مطلبها الأساسي بالعيش الكريم، وتحسين الوضع المعيشي والأمني وتشمل جميع الموجوعين من السوريين من دون النظر لدين أو انتماء، سلمية ترفض العنف، مع الحفاظ على كافة ممتلكات الدولة، بعيداً عن التحزبات السياسية والقومية والطائفية.
وتستقطب صفحة حملة "بدنا نعيش" على "فايسبوك" أكثر من 32 ألف عضو، بينهم المعارض والموالي للنظام، وأعضاء خارج البلاد، في سابقة قد تكون الأولى من نوعها في سوريا على صعيد تنظيم حدث معين يضم أغلب الشرائح السورية، مع اتفاق ضمني على أهمية الحراك وبقائه حيادياً عن الطرفين "المعارضة والنظام"، لضمان استمراره وتوسعه.
وأوضح مصدر مطلع في السويداء ل"المدن"، أنها المرة الثامنة التي يتجمع فيها عشرات الشبان والشابات في مناطق مختلفة من السويداء "أمام مبنى المحافظة، وشهبا، وكلية التربية" للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وأن الحالة العامة للمحتجين هي أقرب ما تكون للرمادية، فمن خلال الشعارات التي رفُعت يحاول منظمي حملة "بدنا نعيش" البقاء على مسافة واحدة من "المعارضة والنظام"، رغبة منهم في كسب تأييد شعبي وتوسيع رقعة الاحتجاجات على طول البلاد.
وأضاف المصدر أن توقيت الحملة والظروف التي أتت فيها مهمة للغاية، حيث أن السويداء لها طابع ديني خاص، ومصنفة على أنها محافظة أقليات دينية، وبذلك لن يتمكن النظام من توجيه اتهامات للمحتجين على غرار ما حصل في بقية المناطق التي شهدت حراكاً سلمياً مع بدء الثورة السورية، كالإرهاب والتطرف.
مأزق النظام
ومن جهة ثانية، لطالما تغنى النظام بحماية الأقليات، واليوم هذه الأقليات تخرج في الشارع رافضة سياسته ومطالبة بالتغيير وإن لم يكن بطريقة مباشرة وصريحة. ويعلم نظام الأسد ضمنياً أن الحملة إذا ما استمرت، فالشعارات ستتطور حتى الوصول صراحة للمطالبة بإسقاطه.
كما يخشى النظام من أن عودة الاحتجاجات للشارع، من شأنها كسر جدار الخوف مرة أخرى في مناطق سيطرته، لا سيما وأنه استمر، بعد اخلائه لمناطق المعارضة في درعا وريف دمشق، في نهجه الأمني تجاه كل من يعارضه، وكل من يرفع صوته مطالب بأدنى حقوقه المعيشية.
وأشار المصدر إلى أن المحتجين تعرضوا لتهديدات غير مباشرة، من خلال حسابات على "فايسبوك" تابعة للنظام السوري توعدتهم بالحساب القاسي لفعلتهم هذه، ولعل أبرز تهديد صريح كان من قبل أمين حزب البعث في السويداء فوزات شقير، الذي اتهم عبر جريدة "الوطن" الأسدية، المحتجين بالعمالة والارتزاق وتلقيهم دعماً خارجياً لافتعال المظاهرات.
وبعد تنظيم أكثر من احتجاج ضمن السويداء إستدعى فرع الأمن السياسي في المدينة عدداً من الشبان للتحقيق معهم، وهو الأمر الذي أكده ريان معروف، مدير تحرير موقع "السويداء 24" ل"المدن"، قائلاً إن رئيس فرع الأمن السياسي العقيد وفيق شعبان، استدعى خلال الأسبوع الماضي عدداً من الفتية والشبان وجرى التحقيق معهم في مقر الفرع، حول أسباب خروجهم في الاحتجاجات، وعن الجهة التي تقف خلفهم وتدعمهم ليخرجوا في الشارع، وعن أبرز المنظمين لهذه الاحتجاجات وميولهم السياسية.
وأضاف ريان معروف، نقلاً عن أحد الشبان الذين جرى التحقيق معهم، أن شقير حذر الشبان بطريقة مبطنة من مغبة الاحتجاج مرة أخرى، ووقوف الشبان مع التيار المتآمر على النظام والشعب السوري، على حد وصفه.
وأشار معروف إلى أن النظام لم يقم، حتى الآن، بنقل أي تعزيزات أمنية الى المدينة بعد بدء الاحتجاجات فيها، الا أن مراكز حيوية كمبنى المحافظة والمؤسسات الحكومية وسط المحافظة شهدت حضور أمني وعسكري مكثفان بمحيطها.
الموقف الشعبي من "بدنا نعيش"
قالت مصادر متعددة في مدينة السويداء ل"المدن"، إن المجتمع الشعبي في مدينة السويداء منقسم ما بين مؤيد للحراك بسبب تردي الأوضاع المعيشية في البلاد والأمل في حصول تغيير، ومعارض ليس لفكرة الاحتجاجات إنما خوفاً من سياسية النظام القمعية، وطريقته الأمنية بالتعاطي مع كل من يرفع صوته للمطالبة بحقوقه.
وأضافت مصادر "المدن"، أن رموز العوائل الكبرى ووجاهاتها في مدينة السويداء لم يصدر عنها بعد أي موقف حيال حملة "بدنا نعيش"، ولم يأخذ موضوع الحملة أي بعد "عائلي" بعد.
ورجحت مصادر "المدن" أن يكون النظام بدأ فعلياً بالتواصل مع رموز ووجهاء العوائل الشعبية والدينية على حد سواء للوقوف على مسؤوليتها بضبط الشارع وانهاء الاحتجاجات كما حصل في مرات سابقة.
كما ان أهالي المحافظة يتخوفون من افتعال النظام لحدث "أمني"، من شنه دب الرعب في المحافظة مجدداً للسيطرة على الاحتجاجات فيها، واخفات أصوات المعارضين والمحتجين، على غرار ما حصل سابقاً، في حملات مماثلة لحراك "بدنا نعيش"، حيث افتعل في عام 2015، تفجيرين وسط المحافظة قتل على أثرهما أكثر من 30 شخصاً بينهم أحد مشايخ الطائفة في المدينة، رداً منهُ على حملة "خنقتونا" التي شهدت حراكاً شعبياً واسعاً، أو الاستثمار بورقة "داعش" مجدداً.