"المدن" تنشر تفاصيل الغارة الإسرائيلية على عقربا
كشفت مصادر عسكرية قريبة من النظام، لـ"المدن"، تفاصيل ونتائج الغارات الإسرائيلية، مساء 24 آب/أغسطس، على مواقع عسكرية إيرانية في قرية عقربا جنوبي دمشق.
مصادر "المدن" أكدت أن الغارات استهدفت بشكل مباشر مصانع لتطوير الطائرات القتالية المُسيرة، تتبع لـ"حزب الله" و"فيلق القدس"، أُقيمَت ضمن فيلات سكنية في قرية عقربا.
المصادر أشارت إلى أن المضادات الجويّة التي اطلقت من سفح جبل قاسيون أصابت صاروخاً اسرائيلياً واحداً فقط، سقط في الأراضي الزراعية ضمن عقربا، على بعد كيلومترين من الموقع المستهدف، ضمن منطقة تخضع لسيطرة قوات النظام.
وأكدت المصادر أن ثلاثة مبانٍ؛ واحد لتطوير الدرونز، وآخر لتخزين الذخائر والمعدات، وثالث لمبيت العناصر والضباط الأجانب، قد جرى تدميرها بالكامل و"لم يخرج منها أحياء".
وأكدت مصادر "المدن" انتشال جثث 22 شخصاً، منهم 19 إيرانياً وثلاثة لبنانيين يتبعون للجهاز التقني في مليشيا "حزب الله".
توتر بين "حزب الله" والأمن السوري
ورغم الانفجارات والحرائق الضخمة التي أعقبتها، لم تسمح المليشيات الشيعية المسيطرة على المنطقة لفرق الإطفاء السورية بالتدخل نهائياً. بل استقدمت المليشيات صهاريج مياه من منطقة السيدة زينب المجاورة، أكبر معقل إيراني في محيط دمشق.
وأثار منع تدخل فرق الإطفاء والدفاع المدني وأجهزة الأمن السورية، خلافاً مع قيادة "حزب الله" في المنطقة. وكادت الأمور أن تتطور لاشتباك مُسلح، بحسب مصادر "المدن"، قبل أن يتم احتواء الوضع من ضباط في "المخابرات الجويّة" بناء على تعليمات من قيادة الأركان، بترك الأمر لـ"حزب الله" والمليشيات الإيرانية بالتصرف كما يشاؤون.
معمل الدرونز
وأكدت مصادر "المدن"، أن معدات أولية وصلت على دفعات إلى منطقة التصنيع، أدخلتها سيارات تابعة لـ"حزب الله" عبر طريقين؛ أحدهما طريق عقربا الرئيسي والآخر طريق السيدة زينب، بشكل سرّي ومن دون تفتيش لحمولة السيارات. وبعد اكتمال وصول المعدات، بدأ توافد المختصين بتطوير الدرونز، منذ صباح الخميس 22 آب/أغسطس، أي قبل يومين من الضربة الإسرائيلية.
موقع Aurora Intel المُهتم بالشأن الإسرائيلي، نشر بُعيد الضربة، صورة جوية في "تويتر"، لطائرة من طرازBoeing 747 تحمل رمز 2 J9F EP-SHB حطت في مطار دمشق الدولي قادمة من طهران، في 4 آب/أغسطس، ومن المتوقع أن حمولتها كانت المُعدات الخاصة بتصنيع وتطوير الطائرات المُسيرة.
مصادر "المدن"، قالت إن 2 J9F EP-SHB التابعة للخطوط الإيرانية، حطت فعلاً في مطار دمشق الدولي في 4 آب/أغسطس. وقد عتمت السلطات السورية على حركة الطائرة، وماهية حمولتها. لذا، فقد رجحت المصادر أن تكون حمولة الطائرة هي المعدات الخاصة بالمشروع الإيراني لطيران الدرونز.
مصادر "المدن" أشارت إلى أن العسكريين والفنيين والخبراء دخلوا المواقع في عقربا على دفعات، منذ 22 آب، وانضم لهم قبل الضربة الإسرائيلية قيادي في "الحرس الثوري" الإيراني، ملقب بـ"حقيبة الجولان"، ولم تتمكن المصادر من معرفة إسمه الحقيقي ورتبته. مصادر "المدن" أشارت إلى أنه أربعيني العمر، مسؤول عن ملف الأسلحة والدفاع الجوية والطائرات المُسيّرة في سوريا، وقد رُصِدَت نشاطات له بالقرب من الجولان، وقد قضى مع كل مرافقيه ومساعديه، خلال الاستهداف الإسرائيلي.
ونعى الإعلام الموالي لـ"حزب الله" اثنين من أتباعه قضوا في استهداف عقربا، من دون تحديد مهامهم العسكرية. مصادر "المدن" أشارت إلى أن حسن يوسف زبيب، نجل يوسف زبيب الإداري في قناة "المنار" الناطقة باسم "حزب الله"، وياسر أحمد الضاهر، واللذان قضيا في استهداف عقربا، يعتبران من أبرز التقنيين لدى الحزب، وكانا يقيمان في السيدة زينب جنوبي دمشق، ويخرجان في مهام دورية إلى إيران للخضوع لدورات تدريبية في مجال تجهيز الطائرات المسيّرة. ويُعتقد أنهما كانا على متن الطائرة 2 J9F EP-SHB التي نقلت المعدات إلى دمشق. إذ عادا للظهور في السيدة زينب بعد 6 آب/أغسطس، بعد فترة اختفاء طويلة نسبياً، وفقاً لمصادر "المدن".
الروس
مصادر "المدن" أشارت إلى أن قاعدة حميميم العسكرية الروسية أبلغت قيادة إدارة أركان النظام، الخاضعة بشكل كامل لسيطرة روسية، بضربة إسرائيلية وشيكة، قبل 6 دقائق من حدوثها، ولكنها لم تحدد موقع الاستهداف.
ومنعت حميميم الأركان وكافة الجهات الأمنية والعسكرية من التدخل بعد الاستهداف، إلا في حال وقوع خسائر غير متوقعة خارج المواقع الخاضعة لسيطرة المليشيات الإيرانية.
عملية عرنة
قال الجانب الإسرائيلي بعد استهداف عقربا، إن مجموعات تتبع لـ"فيلق القدس" جرى رصدها بالقرب من قرية عرنة جنوب غربي سوريا، خلال محاولة إطلاق طائرة قتالية نحو الأراضي الإسرائيلية. ونشر المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي مقطعاً مصوراً يبين رصد محاولة تلك المجموعة.
مصادر "المدن" قالت إن السبب الرئيسي لفشل محاولة إطلاق الدرونز الإيرانية في عرنة، كان بسبب الحمولة الزائدة فلم تتمكن من الإقلاع. المجموعة المنفذة عادت إلى مقر التصنيع في عقربا، لتعديل الدرونز، والتحضير لمحاولة جديدة.
تواطؤ روسي
مصادر "المدن" أشارت إلى امكانية وقوف الروس خلف تحديد إحداثيات مصنع تطوير الطائرات الإيرانية في عقربا. الأركان السورية كانت قد أبلغت حميميم بمحاولة "فيلق القدس" ومليشيا "حزب الله" إطلاق الدرونز باتجاه اسرائيل، من مناطق حدودية.
وزير الدفاع السوري كان قد ارسل كتاباً للروس، قبيل الضربة بأيام، شرح فيها النشاط الإيراني في عقربا، ومحاولة المليشيات الإيرانية استهداف اسرائيل، مُحذراً من تبعية الموضوع في حال استطاعت المليشيات الإيرانية فعلاً إطلاق تلك الطائرات.
مصادر "المدن" قالت إن الروس أبلغوا وزارة الدفاع وقيادة الأركان، بمتابعة نشاط تلك الخلية، وتحديد أماكن تواجدها. وبعد أيام قليلة جاءت الضربة الإسرائيلية التي مسحت المصنع في عقربا.
"المدن" كانت قد نشرت سابقاً، أن الإيرانيين نقلوا طائرات مسيّرة عبر مطار "تي فور" العسكري إلى مطار الديماس العسكري، لتحضيرها وتطويرها بقصد استهداف اسرائيل بشكل مباشر.
مصادر "المدن" قالت إن تقارير وردت للإيرانيين بعلم الروس بتلك الشحنات ورصد نشاطهم في الديماس، ما استدعى إخلاء المنطقة ونقل المعدات باتجاه المصنع الجديد في عقربا.
إيران تخلي بعض مواقعها
وقالت مصادر "المدن" إن المليشيات الإيرانية، اخلت 6 مقرات على الأقل بعد الضربة التي استهدفت عقربا، جميعها في محيط منطقة الاستهداف وصولاً لمحيط مطار دمشق الدولي. وتحوي تلك المقار ذخائر وصواريخ نوعية، نُقل قسم منها إلى جرود القلمون، وقسم آخر إلى الفرقة الأولى في منطقة الكسوة.
بشار الأسد مع ضرب الإيرانيين؟
الوفد الروسي الذي زار دمشق في 8 آب/أغسطس، كان قد حمل رسالة من بوتين إلى بشار، جزء منها يتحدث عن الدور الإيراني في سوريا، والتجاوزات التي لم تعد مقبولة بنظر الروس، وفقاً لمصدر "المدن". الرسالة أشارت إلى ضرورة عدم تدخل الجانب السوري نهائياً في أمر الإيرانيين، والالتزام بإرسال تقارير دورية حول نشاطهم إلى الروس، مؤكدة أن الفترة المقبلة ستشهد ضربات مكثفة باتجاه مواقع إيران في سوريا، خاصة ضمن المناطق الجنوبية من دمشق وصولاً لدرعا والقنيطرة.
وأكدت مصادر "المدن"، أن بشار الأسد ابدى تجاوباً مع الروس، وأيد رأيهم بشكل صريح، وتحدث عن وصول الدولة السورية لمرحلة "اختناق" من الدور الإيراني العسكري في سوريا، مؤكداً وقوفه بجانب أي قرار يقلص من نفوذ تلك المليشيات!.