أزمة المحروقات:"قسد" تلاحق المُهربين..بعدما أوقف النظام"التعاون"
أطلقت دورية تابعة لـ"قوات سوريا الديموقراطية"، الأربعاء، النار على مجموعة أشخاص كانوا يحاولون تهريب النفط بين بلدتي الشحيل وبقرص، على متن عبارات عبر نهر الفرات، شرقي ديرالزور. وتسبب ذلك باحتراق صهاريج تخزين النفط وعبارة على الضفة الشامية للنهر الخاضعة لقوات النظام.
مشاهد صهاريج تهريب النفط الخام المنتقلة بين مناطق "قسد" والنظام، تظل المسيطرة على المشهد، وإن تراجعت أعدادها بشكل كبير بعد توقف المفاوضات السرية والعلنية، بين "الأكراد" ونظام دمشق، والتي تدور حول مواضيع متعددة ومنها الاعتراف الدستوري بـ"الإدارة الذاتية" الكردية. توقف المفاوضات، ترافق مع توتر بين الطرفين، ما تسبب بإيقاف عملية استجرار النفط "الرسمية" بينهما، وانتعاش تجارة التهريب.
استمرار تهريب النفط من مناطق "قسد" إلى مناطق النظام، عبر "شركة القاطرجي الدولية" الخاضعة للعقوبات الأوروبية، ترافق مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في مناطق "قسد" بحدود 10 آلاف ليرة للبرميل. وتسبب ذلك بمظاهرات واحتجاجات، وقطع الأهالي للطرق أمام الصهاريج، في مواقع متعددة.
وتراجع عدد الصهاريج "النظامية" التي تقطع سد الفرات من الضفة الشرقية إلى الغربية، إلى بضع عشرات من الصهاريج يومياً، مقابل أكثر من 200 صهريج على الأقل كانت تعبر يومياً منذ سيطرة "قسد" على مدينة الطبقة وسدها قبل عامين. ولا تعتبر هذه العملية تهريباً للنفط، بل تحكمها ضوابط واتفاقات، ويتكفل وسطاء بنقل النفط بين الطرفين. وعبرت 4 صهاريج فقط، الثلاثاء، بينما لم يشهد الإثنين مرور أي صهريج.
وتزامن هذا التراجع التدريجي لأعداد الصهاريج المتجهة لمناطق النظام، منذ أسبوع، مع تشديد قوات "التحالف الدولي" إجراءاتها لمنع تهريب النفط ومشتقاته من مناطق نفوذ "قسد" بالجزيرة باستخدام القوارب والانابيب عبر نهر الفرات نحو الضفة الشامية الخاضعة لقوات النظام شرقي ديرالزور. واستهدفت طائرات "التحالف"، في 14 نيسان/أبريل، مجموعة صهاريج محملة بالنفط على ضفاف النهر. واعتقلت "قسد" بعض الأشخاص العاملين بمجال التهريب.
النظام اعترف بأن الإنتاج النفطي من "المناطق المحررة" يُعادل بالكامل 24 ألف برميل، في حين تحتاج البلد يومياً إلى 136 ألف برميل. وما تستطيع وزارة النفط تأمينه، بحسب اعترافات صحيفة "الوطن"، لا يتعدى نسبة 24% فقط من الاحتياجات الفعلية. وتعني "المناطق المُحررة" حقول النفط في الرقة وجنوبي ديرالزور، إلا أن مصادر "المدن" تؤكد أن معظم تلك الكميات هي من الحقول الخاضعة لسيطرة "قسد" في الحسكة وديرالزور.
مصدر في "هيئة الطاقة" التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، أكد لـ"المدن"، إن توتراً يشوب العلاقات بين الإدارة الكردية والنظام، انعكس على عمليات ارسال انتاج النفط المحلي بالجزيرة إلى حمص والساحل. فالنظام كان قد فَصَلَ، خلال آذار/مارس، عشرات الموظفين في "مديرية حقول الحسكة" التابعة لوزارة النفط والذين يحصلون على رواتبهم من "الإدارة الذاتية" ويعملون في حقول رميلان شرقي الحسكة، لترد "الإدارة الذاتية" الكردية بفصل موظفين يتبعون لحكومة دمشق يعملون في تلك الحقول رغم الحاجة لخبرتهم للاستمرار بالعمل.
وهناك عشرات الموظفين التابعين لـ"مديرية حقول الحسكة" في حقول رميلان، يحصلون إلى جانب رواتبهم من النظام على رواتب من "الإدارة الذاتية"، مع الولاء لـ"قسد" وإدارتها الذاتية. النظام أصدر قوائم بأسماء الموظفين المفصولين، الذين كانوا على ملاك وزارة النفط ويعملون لدى "الإدارة الذاتية" براتب إضافي، ووصلت الدفعة الاولى من أسماء المفصولين قبل شهر، والثانية الأسبوع الماضي.
الطرد المتبادل لموظفين، بنفس المستوى والكفاءة، أحدث فراغاً في بعض الدوائر التي باتت بلا مدراء أو نواب. ورفضت وزارة النفط في حكومة النظام إرسال مستلزمات تحتاجها إدارة حقول الحسكة للاستمرار بالعمل، مثل قطع تبديل وزيوت وكيماويات وغيرها.
وكشف ذلك وجود خلاف بين الجانبين حول الوضع الدستوري لـ"الإدارة الذاتية"، وكذلك حصة كل منهما في الانتاج والتي تصل إلى 60% لصالح الإدارة الكردية مقابل 40% لحكومة النظام.
واتهمت "الإدارة الذاتية" عبر وكالة "هاوار" الناطقة باسمها، النظام بإيقاف استجرار النفط من مناطقها، بعد فشل المفاوضات، وذلك لحصار "الإدارة" باعتبار أنه لا يمكن لـ"الإدارة" تسويق نفط الجزيرة إلا إلى مناطق النظام. وأكدت الإدارة أن النظام هو سبب الأزمة الحادة بالوقود في مناطق سيطرته.
وكان النظام قد حصر استجرار النفط من مناطق "قسد" بـ"شركة القاطرجي الدولية" لنقل النفط الخام عبر الصهاريج إلى المصافي في الساحل وريف حمص، نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية في شبكة الأنابيب القديمة. وتتحكم "القاطرجي" أيضاً بخطوط تهريب النفط الحالية بين مناطق "قسد" والنظام".
كما تعمل "القاطرجي" على استقطاب مجموعة من مهندسي النفط أصحاب الخبرة الطويلة بالعمل في حقول نفط الحسكة وديرالزور، في مناطق سيطرة "قسد"، لتطوير عملها في نقل النفط وتسويقه، والانتقال إلى انتاجه من تلك الحقول. وخصصت "القاطرجي" رواتب تتراوح بين 1000 و3000 آلاف دولار مستغلة الأجور المتدنية للمهندسين التي تتراوح بين 100 و200 دولاراً.
وسارع بعض المهندسين إلى تقديم استقالته أو أخذ إجازة بلا راتب من شركات القطاع العام للالتحاق بـ"القاطرجي" التي تخطط لاستيراد حفارات إصلاح من الصين بهدف المشاركة بإصلاح حقول المنطقة الشرقية. لكن "قسد" طردت في منتصف نيسان عمال "شركة القاطرجي" المتواجدين في حقل الطابية للغاز شمالي ديرالزور، والذي كانت تشرف عليه "شركة كونوكو"، لتطوير وإستغلال الغاز الطبيعي فيه منذ العام 1998.