من يُلطّخُ سمعة سهيل الحسن؟
منذ شهرين واللاذقية تعيش تحت وطأة دوريات التموين والجمارك والمكتب السري. لم تهدأ المدينة ليوم واحد من دون إشاعات تبث الخوف عن وصول الدوريات إلى الأسواق لمخالفة المتاجر وأصحابها. وتمردت الأسواق التجارية بإغلاق محالها والهروب من وجه الدوريات المختلفة، التي باتت تهاجم التجار حتى بعد منتصف الليل، فتقوم دوريات أمنية بخلع أبواب المتاجر والمستودعات إن هرب أصحابها.
فروع أجهزة الأمن تخلت عن حماية مئات التجار. فالإجازات والمهمات الأمنية وغيرها من الأوراق التي بدأ التعامل بها منذ سنين الثورة، لم تعد تحمي التاجر من التموين والجمارك، لا بل تم سحبها. ولم يبقَ في السوق من متجر، محمي سوى تلك التي تتبع آل الأسد؛ أولاد فواز ومنذر وكمال، أو تلك التي تحت حماية آل شعبو. أي بحدود 100 متجر في عموم مدينة اللاذقية.
إلا أن طارئاً قد ظهر في مدينتي اللاذقية وطرطوس، تمثّل باختفاء أشهر السيارات التي تقوم بتهريب البضائع والأغذية وحتى البشر أحياناً؛ سيارات "الفان" التابعة للعميد سهيل الحسن، قائد "مليشيا النمر" الموالية لروسيا. فجأة، توقفت عمليات التهريب بسيارت "النمر" لأنها أصبحت ملاحقة من قبل "أجهزة الدولة".
منذ بروزه على الساحة العسكرية السورية في العام 2015، عمل سهيل الحسن على بناء مشاريع اقتصادية تناسبت مع لمعان نجمه، فظهرت في مدينة اللاذقية "فانات الشام"، وهي مركبات من نوع "فان هيونداي" يقودها سائقون عسكريون لا يتوقفون على الحواجز الأمنية والعسكرية. وتتمتع "فانات الشام" بسرعة عالية مقارنة بحافلات النقل المخصصة للسفر. وبدأ مشروع الحسن بخمس "فانات" وباتت اليوم بحدود الخمسين، بحسب مصادر "المدن"، تتكفل بتنقل الركاب من وإلى الساحل من دون توقف.
"فانات الشام"، وعدا عن نقل الركاب، فهي تعتبر شبكة واسعة للتهريب. البضائع المُهربة من لبنان والأردن والعراق، تنقل إلى الساحل عبر شبكة "فانات الحسن". ولتلك الشبكة طرق تهريب مع مناطق المعارضة، لتأمين البضائع التركية إلى السوق المحلية. وذلك ما دفع بالنظام لـ"فتح تحقيقات" خَلص فيها إلى أن سيارات الحسن تُهرب جزءاً من البضائع إلى الداخل السوري، أما بقية المُهربات فيتكفل بها آل الأسد وآل شعبو.
ملاحقة أعمال التهريب لسهيل الحسن، بدأت بعدما "اعترف" أصحاب محلات تجارية بأنهم يحصلون على بضائعهم من ضباط يعملون على مركبات تعود ملكيتها لـ"النمر"، بحسب مصادر "المدن". ولذا، وضعت دوريات تتبع للجمارك على دوار الزراعة، المكان الذي تنطلق منه "فانات الحسن" لنقل الركاب. إلا أن مركبات الحسن غيرت طرقها واستطاعت الالتفاف على ملاحقة الجمارك الجزئية وغير الجدية.
لكن الرسالة وصلت لـ"النمر": "لا حرية لأعمال النقل التي تقوم بها بعد اليوم". فأسطول مركبات "النمر" لا يخضع للتفتيش، ولا يُستحصل منه "ضريبة" ولا أتاوة على أعماله. وسبق ذلك، تقارير أمنية وحزبية متعددة، تمّ تعميمها عمداً، أشارت لتعاظم ثروة الحسن، ما شكل استهجاناً وتساؤلاً لدى محازبيه في القرى الفقيرة.
الملاحقة الأخيرة أسطول الحسن للتهريب، تبدو أمراً مفتعلاً من النظام، ربما فقط لضرب الهالة المحيطة بـ"النمر" في الساحل. ثروة الحسن من أعمال التهريب، لطّخت صورته الطوباوية كمقاتل فقير وصادق. فأسطول النقل وعمليات التهريب، والأملاك العقارية الجديدة والأراضي التي بات يملكها، استخدمت للحط من شأنه، رغم عدم ملاحقته بشكل جدي.
القصة بدأت قبل ذلك بقليل، مع الدعم الروسي للحسن الذي جعله يحافظ على مسافة بينه وبين النظام، وحواضنه الشعبية. وهذا مقتل "النمر" الفعلي. إذ انقطعت علاقة الحسن بجمهور العلويين، ولم يعد يتدخل في انتقاء مقاتليه، ولا تدخل العلاقات المشيخية العلوية والقرائبية في تشكيل قواته. وارتفع شأنه لدرجة بات فيها من عليّة العسكريين المدعومين من الخارج. وأفقده ذلك شكله الشعبي المعتاد لدى العلويين. سجل زيارته الخاصة بات محصوراً بضباط رفيعي الشأن، وضباط روس، كما أنه لم يعد يحتفل مع جمهور العلويين في منزله، أو يستقبل أهالي قتلى قواته. ارتفاع قيمة "النمر" لدى الروس، ترافق مع سعادة بالغة للسلطة الأسدية بانتقاص قيمته لدى حاضنة النظام الشعبية.
مواجهة سلطة الأسد للحسن تتم بهدوء واضح، وهي مجرد إشعار حالي في مواجهته. الحسن، وبحسب مصادر "المدن"، سيلغي عمل "فانات الشام" الخمسين، ليسحب ذرائع السلطة، خاصة مع إيقاف الحواجز العسكرية على طريق دمشق أكثر من 5 مركبات للحسن والقبض على سائقيها.
مصادر "المدن" تشير إلى أن الحسن لم يعد يتمتع بأي دعم "حكومي" للقيام بأنشطة "تجارية" من دون رقابة، إلا أنها لا تخفي أنه بات يملك من الثروة ما يكفيه للعمل بصمت وبأعمال غير شرعية أخرى يمكن ابقاؤها بعيداً عن العيون.
لكن، في حرب سلطة الأسد و"النمر"، الصامتة، خسر "النمر" جزءاً جوهرياً من هويته. فلم يعد في أعين الناس رجلاً يرتدي البدلة العسكرية، ويشبههم، ويشاطرهم همومهم وأحزانهم. بل بات مثل أبناء السلطة، يلبس بدلة من الذهب. وهذا، أقصى ما يريده النظام في هذه اللحظة: تحويل "النمر" إلى مجرد فاسد آخر، تماماً مثل أي واحد من أبناء العائلة الحاكمة.
فروع أجهزة الأمن تخلت عن حماية مئات التجار. فالإجازات والمهمات الأمنية وغيرها من الأوراق التي بدأ التعامل بها منذ سنين الثورة، لم تعد تحمي التاجر من التموين والجمارك، لا بل تم سحبها. ولم يبقَ في السوق من متجر، محمي سوى تلك التي تتبع آل الأسد؛ أولاد فواز ومنذر وكمال، أو تلك التي تحت حماية آل شعبو. أي بحدود 100 متجر في عموم مدينة اللاذقية.
إلا أن طارئاً قد ظهر في مدينتي اللاذقية وطرطوس، تمثّل باختفاء أشهر السيارات التي تقوم بتهريب البضائع والأغذية وحتى البشر أحياناً؛ سيارات "الفان" التابعة للعميد سهيل الحسن، قائد "مليشيا النمر" الموالية لروسيا. فجأة، توقفت عمليات التهريب بسيارت "النمر" لأنها أصبحت ملاحقة من قبل "أجهزة الدولة".
منذ بروزه على الساحة العسكرية السورية في العام 2015، عمل سهيل الحسن على بناء مشاريع اقتصادية تناسبت مع لمعان نجمه، فظهرت في مدينة اللاذقية "فانات الشام"، وهي مركبات من نوع "فان هيونداي" يقودها سائقون عسكريون لا يتوقفون على الحواجز الأمنية والعسكرية. وتتمتع "فانات الشام" بسرعة عالية مقارنة بحافلات النقل المخصصة للسفر. وبدأ مشروع الحسن بخمس "فانات" وباتت اليوم بحدود الخمسين، بحسب مصادر "المدن"، تتكفل بتنقل الركاب من وإلى الساحل من دون توقف.
"فانات الشام"، وعدا عن نقل الركاب، فهي تعتبر شبكة واسعة للتهريب. البضائع المُهربة من لبنان والأردن والعراق، تنقل إلى الساحل عبر شبكة "فانات الحسن". ولتلك الشبكة طرق تهريب مع مناطق المعارضة، لتأمين البضائع التركية إلى السوق المحلية. وذلك ما دفع بالنظام لـ"فتح تحقيقات" خَلص فيها إلى أن سيارات الحسن تُهرب جزءاً من البضائع إلى الداخل السوري، أما بقية المُهربات فيتكفل بها آل الأسد وآل شعبو.
ملاحقة أعمال التهريب لسهيل الحسن، بدأت بعدما "اعترف" أصحاب محلات تجارية بأنهم يحصلون على بضائعهم من ضباط يعملون على مركبات تعود ملكيتها لـ"النمر"، بحسب مصادر "المدن". ولذا، وضعت دوريات تتبع للجمارك على دوار الزراعة، المكان الذي تنطلق منه "فانات الحسن" لنقل الركاب. إلا أن مركبات الحسن غيرت طرقها واستطاعت الالتفاف على ملاحقة الجمارك الجزئية وغير الجدية.
لكن الرسالة وصلت لـ"النمر": "لا حرية لأعمال النقل التي تقوم بها بعد اليوم". فأسطول مركبات "النمر" لا يخضع للتفتيش، ولا يُستحصل منه "ضريبة" ولا أتاوة على أعماله. وسبق ذلك، تقارير أمنية وحزبية متعددة، تمّ تعميمها عمداً، أشارت لتعاظم ثروة الحسن، ما شكل استهجاناً وتساؤلاً لدى محازبيه في القرى الفقيرة.
الملاحقة الأخيرة أسطول الحسن للتهريب، تبدو أمراً مفتعلاً من النظام، ربما فقط لضرب الهالة المحيطة بـ"النمر" في الساحل. ثروة الحسن من أعمال التهريب، لطّخت صورته الطوباوية كمقاتل فقير وصادق. فأسطول النقل وعمليات التهريب، والأملاك العقارية الجديدة والأراضي التي بات يملكها، استخدمت للحط من شأنه، رغم عدم ملاحقته بشكل جدي.
القصة بدأت قبل ذلك بقليل، مع الدعم الروسي للحسن الذي جعله يحافظ على مسافة بينه وبين النظام، وحواضنه الشعبية. وهذا مقتل "النمر" الفعلي. إذ انقطعت علاقة الحسن بجمهور العلويين، ولم يعد يتدخل في انتقاء مقاتليه، ولا تدخل العلاقات المشيخية العلوية والقرائبية في تشكيل قواته. وارتفع شأنه لدرجة بات فيها من عليّة العسكريين المدعومين من الخارج. وأفقده ذلك شكله الشعبي المعتاد لدى العلويين. سجل زيارته الخاصة بات محصوراً بضباط رفيعي الشأن، وضباط روس، كما أنه لم يعد يحتفل مع جمهور العلويين في منزله، أو يستقبل أهالي قتلى قواته. ارتفاع قيمة "النمر" لدى الروس، ترافق مع سعادة بالغة للسلطة الأسدية بانتقاص قيمته لدى حاضنة النظام الشعبية.
مواجهة سلطة الأسد للحسن تتم بهدوء واضح، وهي مجرد إشعار حالي في مواجهته. الحسن، وبحسب مصادر "المدن"، سيلغي عمل "فانات الشام" الخمسين، ليسحب ذرائع السلطة، خاصة مع إيقاف الحواجز العسكرية على طريق دمشق أكثر من 5 مركبات للحسن والقبض على سائقيها.
مصادر "المدن" تشير إلى أن الحسن لم يعد يتمتع بأي دعم "حكومي" للقيام بأنشطة "تجارية" من دون رقابة، إلا أنها لا تخفي أنه بات يملك من الثروة ما يكفيه للعمل بصمت وبأعمال غير شرعية أخرى يمكن ابقاؤها بعيداً عن العيون.
لكن، في حرب سلطة الأسد و"النمر"، الصامتة، خسر "النمر" جزءاً جوهرياً من هويته. فلم يعد في أعين الناس رجلاً يرتدي البدلة العسكرية، ويشبههم، ويشاطرهم همومهم وأحزانهم. بل بات مثل أبناء السلطة، يلبس بدلة من الذهب. وهذا، أقصى ما يريده النظام في هذه اللحظة: تحويل "النمر" إلى مجرد فاسد آخر، تماماً مثل أي واحد من أبناء العائلة الحاكمة.