وفد السويداء يفاوض "داعش"..بمعزل عن النظام
مرّ على اختطاف تنظيم "الدولة الإسلامية" 30 امرأة وطفلاً من قرية الشبكي في ريف السويداء الشرقي 8 أيام، وسط مفاوضات لإطلاق سراحهم.
وتعتبر الشبكي من أكثر القرى النائية في السويداء، يعمل أغلب سكانها الذين لا يتجاوز عددهم 2000 نسمة، بالزراعة. وقتل خلال مجزرة "الأربعاء الأسود" 67 مدنياً من القرية، أغلبهم من النساء والأطفال. وحاول التنظيم اختطاف أكبر عدد ممكن من المدنيين، بعدما جمع حوالي 60 شخصاً في مدرسة القرية وفي الموقف العام. ونجح التنظيم باقتياد المختطفين من المدرسة باتجاه البادية عبر سيارات عفّشها من القرية، في حين تمكنت الفصائل المحلية من تحرير القسم المحتجز في الموقف بعد معركة شرسة. وبدأت مفاوضات إطلاق سراح المختطفين بعد 24 ساعة من الهجوم.
مدير "شبكة السويداء 24" نور رضوان، قال لـ"المدن"، إن التنظيم تواصل مع أحد أقارب المخطوفين، عمار أبو عمار، بعد يوم واحد من الاختطاف، عبر تطبيق "واتس آب"، وأرسل له صور 14 مخطوفة، ومقطعاً مصوراً لإحداهن تتلو فيه شروط التنظيم لإطلاق سراحهن. وشملت شروط التنظيم؛ إطلاق سراح معتقلي "داعش" لدى النظام، ووقف الحملة على حوض اليرموك جنوب غربي درعا. التنظيم عاد وطلب شروطاً إضافية في اتصال ثان: عدم استخدام قوات النظام لأراضي السويداء في أي عملية عسكرية ضد التنظيم، وابتعادها مسافة 25 كيلومتراً عن مواقع التنظيم في بادية السويداء.
وأكد رضوان أن وجهاء من المحافظة ومشيخة العقل ورجال دين من بلدة حضر، شكلوا وفداً للتفاوض، معتبرين أن القضية تخص جميع أهالي السويداء، واجتمعوا في منزل أبو عمار، وقرروا، بعد التشاور مع عائلات المختطفين، رفض شروط التنظيم، التي وصفوها بـ"المذلة"، ما أدى لتعثر الجولة الأولى من المفاوضات، وسط تهديد التنظيم بقتل جميع المختطفين لديه.
مصدر مقرب من وفد التفاوض، قال لـ"المدن"، إن التنظيم تواصل معهم مجدداً، الثلاثاء، وطالب بإرسال أدوية لبعض المرضى من المختطفين، وارفق مطالبه بفيديو لمختطفة تقول إنها والبقية بصحة جيدة. إلا أن الطلب رُفض تخوفاً من نية محتملة للتنظيم باستدراج وخطف اشخاص جدد. الأربعاء، عاد التنظيم وأبلغ الوفد بأن عبير شلغين، المختطفة لديه وضعت مولوداً جديداً، وهي التي اختطفها التنظيم مع أولادها الأربعة، بعدما قتل زوجها.
"المدن" كانت قد كشفت أن النظام تفاوض بشكل منفرد وسري مع "داعش"، على إطلاق سراح المختطفات ضمن تسوية حوض اليرموك، وعرض تبديلهم بحوالي 100 "داعشي" سلموا أنفسهم للنظام في درعا، ونقل أكثر من 400 أخرين إلى بادية السويداء. مصدر "المدن" أشار إلى عدم معرفة وفد التفاوض في السويداء بأي معلومات حول مفاوضات النظام والتنظيم، وأن مفاوضات وفد السويداء مع "داعش" ما زالت مستمرة وسط إصرار "داعش" على شروطه، ووعود مسؤولي النظام بالعمل على إطلاق سراح المُختطفين.
النظام بدوره أرسل تعزيزات عسكرية إلى قرى السويداء الشرقية، التي تعرضت لهجمات "داعش"، مؤلفة من أسلحة ثقيلة ومتوسطة ومئات العناصر من "الفرقة 15" المتمركزة في السويداء، ومليشيات "الدفاع الوطني" من مركزي جرمانا والسويداء، ومن مليشيات عناصر "التسويات" في القلمون الشرقي.
وتتألف "الفرقة 15" من حوالي 2500 عنصر، 90 في المائة منهم من أبناء السويداء الذين رفضوا الخدمة خارج محافظتهم. كما أن عناصر "الدفاع الوطني" من جرمانا والسويداء من الطائفة الدرزية أيضاً، ما يشير الى خطة النظام بزج أكبر عدد ممكن من الدروز بالإضافة لعناصر "التسويات" في المواجهة مع "داعش". ولم تصل تعزيزات من مليشيا "النمر" المنهمكة بتعفيش درعا.
وانتشرت التعزيزات في القرى بين منازل المدنيين، أو في نقاط لا تبعد أكثر من كيلومترين عنها، ما يبقي هذه القرى مسرح عمليات محتمل.
وكانت مواجهات عنيفة قد اندلعت، الأربعاء، بين "داعش" وقوات النظام في مطار خلخلة شمالي السويداء، بعدما تسلل "الدواعش" من الجهة الجنوبية الشرقية للمطار، وقتلوا ما لا يقل عن 7 ضباط وعناصر للنظام، فضلاً عن احراق خزان وقود، واختفاء ثلاثة عناصر تقول مصادر "المدن" إنهم انشقوا عن النظام، وسهّلوا تسلل "الدواعش" وانسحبوا معهم بعد الهجوم.
وتستهدف قوات النظام مناطق سيطرة "داعش" في بادية السويداء بأكثر من 100 قذيفة دبابة ومدفعية وعشرات الغارات الجوية يومياً، أدت إحداها لمقتل عائلة كاملة من عشيرة الغياث في منطقة الدياثة، وتدمير سيارتين لـ"الدواعش" في منطقة الكراع.
المدنيون من عشائر بدو البادية كانوا الحلقة الأضعف خلال المواجهات الأخيرة، إذ نزح معظمهم باتجاه قرى السويداء الشرقية بعد هجمات "داعش"، لكن المليشيات الموالية طردتهم ليعود قسم منهم إلى البادية، وينتقل قسم آخر إلى السويداء في محاولة الوصول إلى درعا، لكن حواجز النظام منعتهم واعتقلت العديدين منهم.