جيوب "داعش" الأخيرة في سوريا
بعد دخول المعركة الأخيرة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، أسبوعها الثاني، ما زال التقدم على الأرض بطيئاً رغم حديث "قوات سوريا الديموقراطية" عن تقدم قواتها وسيطرتها على قرية الباغوز تحتاني شرقي ديرالزور، بالتزامن مع محاولات التقدم على جبهة تل الشاير في ريف الحسكة.
اعترافات 5 قياديين من "داعش" كانت قد اعتقلتهم سابقاً المخابرات العراقية بينهم القائد الأمني الأبرز شرقي ديرالزور صدام الجمل، قادت الى تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع "داعش"، وتنفيذ سلسلة انزالات جوية داخل مناطق سيطرته على الحدود، وفي قرى الطائف وغسان والاسكندرون والقيروان والخاتونية الخاضعة لسيطرة "قسد" شرقي الحسكة. سلسة العمليات تلك أدت لاعتقال عناصر وقيادات من "داعش" كانوا قد تسللوا من العراق، ومن بينهم المتحدث باسم التنظيم "أبو الحسن المهاجر"، الجمعة، وفق مصادر مقربة من "التحالف الدولي".
ويتركز وجود التنظيم حالياً في جيب يضم بلدات هجين والبوخاطر والشعفة والكشمة والسوسة والباغوز الفوقاني شمال شرقي نهر الفرات، قرب الحدود مع العراق. وكانت المنطقة ترتبط عبر صحراء الأنبار، بجيب آخر فيه نحو 20 تجمعاً سكنياً في مناطق أبو حامضة والتويمين والدشيشة وتل الجاير، بالقرب من معبر تل صفوك الحدودي في الحسكة. وبات ذلك الجيب في الحسكة مُحاصراً من الشرق من قبل "الحشد الشعبي" العراقي، ومن الشمال والغرب من "قوات سوريا الديموقراطية".
وتخلو مناطق سيطرة "داعش" الحالية، أو تكاد، من المنشآت النفطية، رغم قربها من أطراف بحيرات النفط في باديتي هجين والشدادي الواقعة تحت سيطرة قوات "التحالف الدولي" التي عززت وجودها هناك عبر ارسال الأرتال العسكرية من قاعدتي الحمة شرقي مدينة تل تمر وخراب الجير بالقرب من رميلان، باتجاه جبهات حقلي كبيبة والعمر النفطيين؛ نقطتي انطلاق قوات "التحالف" نحو معاقل التنظيم الأخيرة في المنطقة.
مع بدء العمليات لمواجهة آخر جيوب التنظيم قبل أسبوعين، سيطرت "قسد" على بلدة الباغوز تحتاني وتقدمت نحو الباغوز فوقاني في ناحية السوسة شمالي البوكمال، بدعم من الجيش العراقي الذي توغل بضعة كيلومترات داخل الأراضي السورية من جهة قرية الباغوز العراقية للمساهمة بإحكام الحصار على مقاتلي التنظيم، وقطع طرق امدادهم من صحراء الانبار.
ولا بد من عقد تفاهمات حول مناطق حقول النفط لصالح استمرار وجود القوات الفرنسية والأميركية، التي لن تنسحب من دون الحصول على ما تريده في مصلحة "قسد". حسم المعركة ضد "داعش" يُنهي المبرر الذي تشكلت على أساسه "قسد"، على يد "وحدات حماية الشعب" الكردية في العام 2015. ومع ذلك، تزداد التعزيزات الفرنسية والأميركية شرقي الفرات. فرنسا أرسلت في نيسان/أبريل عشرات القناصين للمشاركة في المعارك، وتثبيت وجود "قسد"، واستطاعوا إكمال طريقهم نحو ديرالزور رغم مرورهم بحاجز عسكري لقوات النظام جنوبي مدينة القامشلي.
ولتبرير البطء، يتذرع تحالف "قسد" بتفخيخ التنظيم للطرق بمحيط المدن والبلدات التي يتحصن بها، وبالظروف الجوية، وأيضا باتخاذ التنظيم للمدنيين كدروع بشرية، ومنهم آلاف المعتقلين المدنيين الذين يعتقد أن بينهم صحافيين عرب وأجانب وموظفي منظمات دولية ومحلية. وتعمل القوات الفرنسية، وبقية قوى "التحالف" على تحرير أولئك المعتقلين، بصفقة تبادل أسرى، تسعى لعقدها مع قيادات التنظيم، التي تريد استعادة مئات الأسرى من أطفال ونساء احتجزتهم "قسد" في معارك سابقة.
ويسعى التنظيم إلى تأمين خروج شخصيات مهمة، يمكن أن يكون بينهما زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ومرافقيه، نحو الحدود بين الحسكة السورية والأنبار العراقية. وذلك، بعد تضييق "قسد"، بمساعدة القوات العراقية، الخناق على التنظيم ضمن الشريط الممتد على مسافة 30 كيلومتراً شمالي البوكمال شرقي الفرات، بعد السيطرة على بلدة الباغوز الحدودية مع زيادة الضغط على جبهة هجين، من محوري الفرات والبادية غربي هذا الجيب.
بعد إنهاء وجود تنظيم "داعش"، سواء بالمفاوضات أو بالحرب، على ضفة الفرات الشمالية الشرقية، وبالقرب من معبر تل صفوك، ستبقى بقع أخرى ضمن البادية "الشامية" خاضعة لسيطرة التنظيم، لكنها خارج مرمى نيران القوات الحليفة للأميركيين. وبذلك تكون ذريعة الحرب على التنظيم قد انتهت نهائياً، وسيحين وقتها الحديث عن اختبار جدية تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول إمكانية سحب القوات من الشرق السوري.
القضاء على وجود "الدولة الإسلامية" في المنطقة الحدودية شرقي سوريا، سيدفع روسيا وإيران والنظام، للاستفراد باستعراض محاربة بقايا التنظيم داخل سوريا، مع استمرار وجود عناصر التنظيم بين البوكمال وتدمر.
أهم مناطق سيطرة التنظيم الأخيرة هي الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوبي العاصمة دمشق، حيث تدور معارك ضارية مع قوات النظام. بينما يبقى قتال "جيش خالد بن الوليد" في حوض اليرموك غربي درعا من حصة فصائل الجيش الحر، ما دامت روسيا إيران تتحاشيان الاقتراب من حدود إسرائيل.
هذا الوضع المستقبلي للمنطقة، قد لا يعجب المعارضة السورية ولا دول الخليج التي طالبها ترامب مراراً بدفع الأموال مقابل البقاء شرقي سوريا، على أمل أن يشرع "التحالف الدولي" بإنشاء ممر على جانبي الحدود السورية–العراقية خال من المليشيات الإيرانية المنتشرة بكثافة شرقي ديرالزور، والتي تسابق الزمن لوضع معبر البوكمال الحدودي بالخدمة رغم التوجس من استهدافه من قبل إسرائيل و"التحالف الدولي" في حال استخدمه لإرسال دعم عسكري لـ"حزب الله" من قطع صواريخ أرض-أرض التي كان يتم تركيبها في انفاق في جبال الكسوة في ريف دمشق.
ولدى واشنطن وحلفائها القدرة والفرصة على تطبيق سيناريو آخر لإنشاء ممر يقطع الاتصال البري بين بغداد ودمشق، عبر ملاحقة فلول التنظيم وعبور نهر الفرات قرب بلدة السوسة إلى مناطق سيطرته في الشامية غربي البوكمال. حينها سيتم اختراق الوجود الضعيف لقوات النظام وحلفائها الإيرانيين باتجاه البادية السورية، مع تقدم مماثل لقوات من الجيش الحر من "منطقة 55" في محيط معبر التنف الحدودي.
اعترافات 5 قياديين من "داعش" كانت قد اعتقلتهم سابقاً المخابرات العراقية بينهم القائد الأمني الأبرز شرقي ديرالزور صدام الجمل، قادت الى تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع "داعش"، وتنفيذ سلسلة انزالات جوية داخل مناطق سيطرته على الحدود، وفي قرى الطائف وغسان والاسكندرون والقيروان والخاتونية الخاضعة لسيطرة "قسد" شرقي الحسكة. سلسة العمليات تلك أدت لاعتقال عناصر وقيادات من "داعش" كانوا قد تسللوا من العراق، ومن بينهم المتحدث باسم التنظيم "أبو الحسن المهاجر"، الجمعة، وفق مصادر مقربة من "التحالف الدولي".
ويتركز وجود التنظيم حالياً في جيب يضم بلدات هجين والبوخاطر والشعفة والكشمة والسوسة والباغوز الفوقاني شمال شرقي نهر الفرات، قرب الحدود مع العراق. وكانت المنطقة ترتبط عبر صحراء الأنبار، بجيب آخر فيه نحو 20 تجمعاً سكنياً في مناطق أبو حامضة والتويمين والدشيشة وتل الجاير، بالقرب من معبر تل صفوك الحدودي في الحسكة. وبات ذلك الجيب في الحسكة مُحاصراً من الشرق من قبل "الحشد الشعبي" العراقي، ومن الشمال والغرب من "قوات سوريا الديموقراطية".
وتخلو مناطق سيطرة "داعش" الحالية، أو تكاد، من المنشآت النفطية، رغم قربها من أطراف بحيرات النفط في باديتي هجين والشدادي الواقعة تحت سيطرة قوات "التحالف الدولي" التي عززت وجودها هناك عبر ارسال الأرتال العسكرية من قاعدتي الحمة شرقي مدينة تل تمر وخراب الجير بالقرب من رميلان، باتجاه جبهات حقلي كبيبة والعمر النفطيين؛ نقطتي انطلاق قوات "التحالف" نحو معاقل التنظيم الأخيرة في المنطقة.
مع بدء العمليات لمواجهة آخر جيوب التنظيم قبل أسبوعين، سيطرت "قسد" على بلدة الباغوز تحتاني وتقدمت نحو الباغوز فوقاني في ناحية السوسة شمالي البوكمال، بدعم من الجيش العراقي الذي توغل بضعة كيلومترات داخل الأراضي السورية من جهة قرية الباغوز العراقية للمساهمة بإحكام الحصار على مقاتلي التنظيم، وقطع طرق امدادهم من صحراء الانبار.
ولا بد من عقد تفاهمات حول مناطق حقول النفط لصالح استمرار وجود القوات الفرنسية والأميركية، التي لن تنسحب من دون الحصول على ما تريده في مصلحة "قسد". حسم المعركة ضد "داعش" يُنهي المبرر الذي تشكلت على أساسه "قسد"، على يد "وحدات حماية الشعب" الكردية في العام 2015. ومع ذلك، تزداد التعزيزات الفرنسية والأميركية شرقي الفرات. فرنسا أرسلت في نيسان/أبريل عشرات القناصين للمشاركة في المعارك، وتثبيت وجود "قسد"، واستطاعوا إكمال طريقهم نحو ديرالزور رغم مرورهم بحاجز عسكري لقوات النظام جنوبي مدينة القامشلي.
ولتبرير البطء، يتذرع تحالف "قسد" بتفخيخ التنظيم للطرق بمحيط المدن والبلدات التي يتحصن بها، وبالظروف الجوية، وأيضا باتخاذ التنظيم للمدنيين كدروع بشرية، ومنهم آلاف المعتقلين المدنيين الذين يعتقد أن بينهم صحافيين عرب وأجانب وموظفي منظمات دولية ومحلية. وتعمل القوات الفرنسية، وبقية قوى "التحالف" على تحرير أولئك المعتقلين، بصفقة تبادل أسرى، تسعى لعقدها مع قيادات التنظيم، التي تريد استعادة مئات الأسرى من أطفال ونساء احتجزتهم "قسد" في معارك سابقة.
ويسعى التنظيم إلى تأمين خروج شخصيات مهمة، يمكن أن يكون بينهما زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ومرافقيه، نحو الحدود بين الحسكة السورية والأنبار العراقية. وذلك، بعد تضييق "قسد"، بمساعدة القوات العراقية، الخناق على التنظيم ضمن الشريط الممتد على مسافة 30 كيلومتراً شمالي البوكمال شرقي الفرات، بعد السيطرة على بلدة الباغوز الحدودية مع زيادة الضغط على جبهة هجين، من محوري الفرات والبادية غربي هذا الجيب.
بعد إنهاء وجود تنظيم "داعش"، سواء بالمفاوضات أو بالحرب، على ضفة الفرات الشمالية الشرقية، وبالقرب من معبر تل صفوك، ستبقى بقع أخرى ضمن البادية "الشامية" خاضعة لسيطرة التنظيم، لكنها خارج مرمى نيران القوات الحليفة للأميركيين. وبذلك تكون ذريعة الحرب على التنظيم قد انتهت نهائياً، وسيحين وقتها الحديث عن اختبار جدية تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول إمكانية سحب القوات من الشرق السوري.
القضاء على وجود "الدولة الإسلامية" في المنطقة الحدودية شرقي سوريا، سيدفع روسيا وإيران والنظام، للاستفراد باستعراض محاربة بقايا التنظيم داخل سوريا، مع استمرار وجود عناصر التنظيم بين البوكمال وتدمر.
أهم مناطق سيطرة التنظيم الأخيرة هي الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوبي العاصمة دمشق، حيث تدور معارك ضارية مع قوات النظام. بينما يبقى قتال "جيش خالد بن الوليد" في حوض اليرموك غربي درعا من حصة فصائل الجيش الحر، ما دامت روسيا إيران تتحاشيان الاقتراب من حدود إسرائيل.
هذا الوضع المستقبلي للمنطقة، قد لا يعجب المعارضة السورية ولا دول الخليج التي طالبها ترامب مراراً بدفع الأموال مقابل البقاء شرقي سوريا، على أمل أن يشرع "التحالف الدولي" بإنشاء ممر على جانبي الحدود السورية–العراقية خال من المليشيات الإيرانية المنتشرة بكثافة شرقي ديرالزور، والتي تسابق الزمن لوضع معبر البوكمال الحدودي بالخدمة رغم التوجس من استهدافه من قبل إسرائيل و"التحالف الدولي" في حال استخدمه لإرسال دعم عسكري لـ"حزب الله" من قطع صواريخ أرض-أرض التي كان يتم تركيبها في انفاق في جبال الكسوة في ريف دمشق.
ولدى واشنطن وحلفائها القدرة والفرصة على تطبيق سيناريو آخر لإنشاء ممر يقطع الاتصال البري بين بغداد ودمشق، عبر ملاحقة فلول التنظيم وعبور نهر الفرات قرب بلدة السوسة إلى مناطق سيطرته في الشامية غربي البوكمال. حينها سيتم اختراق الوجود الضعيف لقوات النظام وحلفائها الإيرانيين باتجاه البادية السورية، مع تقدم مماثل لقوات من الجيش الحر من "منطقة 55" في محيط معبر التنف الحدودي.