مستشار الرئيس التونسي لـ"المدن": مصير الصّيد بيد الائتلاف الحاكم
لم تتوقف ردود الأفعال حول مبادرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، غير أن اللافت هو موقف رئيس الحكومة الحبيب الصيد، الذي أكد في البداية استعداده للاستقالة ومن ثم رفض الاستقالة، مشيراً إلى وجود سيناريوهات أخرى دستورية لإقالة الحكومة، وهو ما دفع المراقبين للحديث عن "معركة غير معلنة" بين رئاستي الجمهورية والحكومة، الأمر الذي نفاه مستشار الرئيس التونسي نورالدين بن تيشة في حديثه لـ"المدن".
الصيد أكد، في رده الثاني على مبادرة رئيس الجمهورية، أن توقيت الاعلان عنها شكل مفاجأة بالنسبة له، معبراً عن "امتعاضه" من عدم استشارته قبل طرح المبادرة، كما أكد في حوار صحافي أنه لا يفكر أبدا في الاستقالة، فيما قال الناطق باسم الحكومة خالد شوكات، إن حكومة الحبيب الصيد لن تستقيل الا عبر الاليات الدستورية، مشيراً إلى أن من يرغب بسحب الثقة منها عليه اللجوء إلى البرلمان.
المستشار الأول لرئيس الجمهورية نورالدين بن تيشة أكد لـ"المدن"، أن تصريحات شوكات "لا تخص رئاسة الجمهورية في شيء، فالمسألة بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم والحكومة، ولكن رئيس الدولة بإمكانه إعطاء تقييمه ورؤيته وتوجهاته للشعب التونسي، فيجب ألا ننسى أن حوالى مليوني تونسي أعطوا أصواتهم للباجي قائد السبسي ليكون رئيساً للدولة ضامناً لوحدتها وممثلاً لهم"، واعتبر أنه إذا كان السبسي "يعطي التوجهات ويدق ناقوس الخطر"، فذلك "لا يعني أنه في خلاف مع أحد لأنه ليس في نفس المستوى مع أي من المؤسسات، ولكن التعامل مع رئيس الحكومة تعامل عادي ومتواصل وإذا قررت الأحزاب تغييره فلها ذلك وإذا قررت المواصلة معه فلها ذلك أيضا، فهذه مسألة تخصهم".
وأضاف "رئيس الجمهورية التقى كل الأحزاب السياسية والمنظمات والشخصيات الوطنية للاستماع لرأيهم حول الوضع الحالي وقام بزيارات ميدانية لتشخيص الوضع عموما في البلاد، وهو ليس من الأشخاص الذين يقدمون مبادرات لتفشل، بل لكي تنجح وتساهم في إخراج تونس من الوضع المتأزم الذي تعيشه، وليس مطروحاً على رئيس الدولة استشارة كائن من كان (قبل طرح أي مبادرة) فرئيس الجمهورية علاقته مباشرة مع المواطنين الذين صوتوا له والذين لم يصوتوا له كذلك، وفي السياسة عنصر المفاجأة مهم لإنجاح المبادرات".
بن تيشة نفى أيضاً ممارسة الرئيس السبسي ضغوطاً على رئيس الحكومة لدفعه إلى الاستقالة، مضيفاً أن "رئيس الجمهورية لم يطلب من رئيس الحكومة الاستقالة، والمسألة ليست شخصية، وبالنسبة لرئيس الدولة هي مسألة تشخيص للوضع السياسي العام وتحديد لأولوياته ثم تكوين حكومة وحدة وطنية، وعلى الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية الكبرى اختيار الشخصية التي سترأسها".
وأشار، في السياق، إلى أن أحزاب الائتلاف الحاكم لا تقوم حالياً بالدفاع عن برامج الحكومة ومشاريعها "وهذا أمر يأسف له رئيس الدولة لذلك قال إنه يجب أن يكون هناك إسناد حزبي واجتماعي قوي لحكومة الوحدة الوطنية".
وكانت أحزاب المعارضة اعتبرت أن طرح مبادرة حكومة الوحدة الوطنية هو إقرار بـ"فشل" الائتلاف الحاكم في إدارة شؤون البلاد، ومحاولة لتوزيع هذا الفشل على الجميع.
بن تيشة علّق على الأمر بقوله "الواضح في رؤية رئيس الجمهورية أنه إذا وصلت البلاد إلى وضعية صعبة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً فجميع الفاعلين السياسيين يتحملون المسؤولية في ذلك، ولا داعي للبحث عمن يتحمل المسؤولية أكثر من الآخر، وهو يرى أنه على الجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه الوطن من أجل الخروج من الوضع الحالي".
وحول مطالبة حركة "النهضة" بمراعاة حجمها الانتخابي في الحكومة المقبلة، قال بن تيشة إنه "في حكومة الوحدة الوطنية سيتم الاعتماد أساساً على التضامن والتجانس والتعاون وتحمل المسؤولية بطريقة مشتركة". وتابع "بالطبع تؤخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات، ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك، فنحن الآن لسنا في موضوع محاصصة حزبية بقدر ما هو وضع إدارة المرحلة الصعبة، لذلك فاعتمادنا أساساً يكون على الكفاءة والتضامن والتجانس قبل الأوزان الانتخابية".