السويداء ما بعد اغتيال البلعوس
يقتصّ الترقب من هشاشة الحياة الآمنة في السويداء جنوبي سوريا. وهذه الأيام يرتفع منسوب التعبّد أيضاً، ويبقى كذلك خلال الأيام العشرة التي تسبق عيد الأضحى، فيما يتعافى الشيخ رأفت البلعوس، شقيق الشيخ وحيد البلعوس، من آثار الانفجار التي لازمتهُ كشظيّة استقّرت فوق فكّه، جعلته مقلّ الكلام، مفضّلاً الانعتاق من دائرة الضوء والتصريحات المأمولة، لدرجة تطيل معها أمد التكهنات بمستقبل حركة "مشايخ الكرامة" بعد عملية التصفية التي طالت رموزها، في 4 أيلول/سبتمبر الحالي، وكادت تودي بجميع قادة الحركة.
ابنا الشيخ وحيد؛ فهد وليث، ظلّا على قيد الحياة بعدما أصابتهما بعض الشظايا، ومثلهما شقيقهُ الذي نجا من الموت بأعجوبة. بعد أيامٍ على عملية التصفية، نعت الحركة بارتباك وفاة زعيمها. الحركة كادت أن تستبعد الفكرة، لكنها عادت وأقرت بواقعيتها. قبل ذلك كانت قد نعت وفاة الرجل الثاني من حيث الأهمية: الشيخ فادي نعيم، ومعه الشيخ أيهم طرابيه، أحد المقربين من الشيخ البلعوس. مباشرةً أشار "مشايخ الكرامة" بأصابعهم إلى الفاعل، حدّدوه، ولم يحيدوا عن اليقين بأنها عملية استخباراتيّة معقدة هدفها تصفية عائلة البلعوس بالكامل ومعها باقي قادة الحركة. وحتى بعد تداول قصة وافد أبو ترابي، ومسؤوليته المزعومة مع ثلاثة آخرين من أبناء المحافظة، عن الإعداد للتفجير وتنفيذه، ظل يقين الحركة قائماً، ومصوّباً نحو قائد فرع الأمن العسكري في المحافظة وفيق ناصر. مصادر مقرّبة من الحركة تؤكد بأنهم لم يحققوا مع وافد أبو ترابي بعد، سوى أن القيادي في الحركة، الشيخ يحيى الحجار، قام بتسليمه إلى الشيخ نزيه جربوع المقرّب من النظام، مساء اليوم الذي شهد التفجير، ليتفاجأ الجميع بظهوره لاحقاً في إعلام السلطة، متبرعاً بإعلان مسؤوليته عن الجريمة. المفارقة ذات الدلالة هنا، أن الأمن العسكري أو سواه من الأجهزة الأمنية لم تعتقل شركاء أبو ترابي، الحسين، وأبو محمود، هما لا يزالان طليقين في قرية المزرعة. وكأن النظام بذلك يترك الفاعلين المقترحين أحراراً في قرية الضحيّة، وتحت أيدي جماعته، لعلّهم يأخذون بالثأر، وتنتهي الحكاية هنا، وإلا فما هو مبرر بقائهما طليقين.
قبلاً أخذ الاجتهاد بالتهدئة على المسار الواقعي للأحداث يتبلور أكثر بعد تشييع الشيخ وحيد، الإثنين 7 أيلول/سبتمبر، وتلك مناسبة غابت عنها كليّاً أيّ مشاركة رسمية من طرف النظام، أومن قبل مشايخ العقل، بما يمثلونه من شيوخ المجالس. التعزية اقترنت بأنصار الشيخ البلعوس، ومحبيه، الذين خرجوا عقب انتهاء مراسم التشيع بمظاهرة امتدت خطواتها من الملعب البلدي حتى محيط مبنى المحافظة باحثين بأصواتهم عن ألق الثورة السورية في بداياتها، مرددين شعارات الثورة الداعية إلى إسقاط النظام. كانت مظاهرة التشييع آخر فعلٍ ملموس يمكن معاينته كمرادفٍ لجريمة الاغتيال. بعدها حلّ الهدوء، والتمهّل، ثمّ عادت الحياة بمكرٍ إلى سردّ تفاصيل يوميّاتها المألوفة. فلا تحطيم تمثال حافظ الأسد، ولا المواجهات الدامية التي وقعت في محيط فرع الشرطة العسكرية، والأمن الجنائي، والأمن العسكري خلال يوم التفجير زلّت بخطوةٍ أخرى غير تلك. جرى تصريف الأحداث في عقول عامة الناس على أنها رد فعلٍ آني على الجريمة، كما أنّ الشيوخ المسلحين الذين أمسكوا بالحواجز العسكرية والأمنية داخل المحافظة، وعلى مداخلها، سرعان ما تخلّوا عنها إلى "لجان الدفاع الوطني"، أو إلى مقاتلي "الحزب السوري القومي الاجتماعي". القوة المسلّحة لحركة مشايخ الكرامة انكفأ وجودها في الشارع وانسحبت، لكن مقربين من الشيخ رأفت البلعوس، يؤكدون أن احتمال المواجهة العسكرية مع النظام ممثّلاً بالفروع الأمنية داخل المحافظة لا يزال قائماً، أما توقيته فمرتبط بتماثل الشيخ إلى الشفاء، وبترتيباتٍ أخرى تندرج ضمن سريّة القرار داخل قيادة الحركة.
أيضاً فالحركة غير قلقة من حدوث اقتتال درزي–درزي، تكون سبباً أو طرفاً فيه، ويكون منسوجاً على أساس اختلاف التبعية والولاءات والمصالح داخل مراكز القوى والتأثير في المحافظة. فقادة الحركة يؤكدون على هامش علاقة طيّبة تربطهم مع الجميع، ويذكّرون بأنّ الفريق المسلح لدى الشيخ نزيه جربوع وهو المحسوب على النظام كان شاركهم في معركة قرية "الحقف" هذا العام ضد "داعش". مخاوفهم تصبّ على الداخل الدرزي وكرامته، وعلى تخليصه من الواقع الذي يطوّقه بمنظومات من النهب والفساد والتي يديرها النظام، وهي ما سلبهم مقومات حياتهم الدنيا. الحركة بهذا تعتبر نفسها حراكاً دينيّاً محلّياً هدفه صون كرامة الناس، فتراهم أيضاً غير معنيين بنسج تحالفات واقعية مع جيرانهم من المنخرطين في الثورة السورية، تنتشل حراكهم من تموضعه المناطقي، وتعطيه عمقاً جديداً. لغة الحسم الراديكالي التي تميل قناعاتهم إليها، تجعلهم قليلي الحماسة أيضاً إلى أشكال التظاهر السلمي ضد السلطة القائمة. وينشغلون الآن بلملمة الآثار العميقة التي خلّفتها جريمة الاغتيال في كيان حركتهم.
ابنا الشيخ وحيد؛ فهد وليث، ظلّا على قيد الحياة بعدما أصابتهما بعض الشظايا، ومثلهما شقيقهُ الذي نجا من الموت بأعجوبة. بعد أيامٍ على عملية التصفية، نعت الحركة بارتباك وفاة زعيمها. الحركة كادت أن تستبعد الفكرة، لكنها عادت وأقرت بواقعيتها. قبل ذلك كانت قد نعت وفاة الرجل الثاني من حيث الأهمية: الشيخ فادي نعيم، ومعه الشيخ أيهم طرابيه، أحد المقربين من الشيخ البلعوس. مباشرةً أشار "مشايخ الكرامة" بأصابعهم إلى الفاعل، حدّدوه، ولم يحيدوا عن اليقين بأنها عملية استخباراتيّة معقدة هدفها تصفية عائلة البلعوس بالكامل ومعها باقي قادة الحركة. وحتى بعد تداول قصة وافد أبو ترابي، ومسؤوليته المزعومة مع ثلاثة آخرين من أبناء المحافظة، عن الإعداد للتفجير وتنفيذه، ظل يقين الحركة قائماً، ومصوّباً نحو قائد فرع الأمن العسكري في المحافظة وفيق ناصر. مصادر مقرّبة من الحركة تؤكد بأنهم لم يحققوا مع وافد أبو ترابي بعد، سوى أن القيادي في الحركة، الشيخ يحيى الحجار، قام بتسليمه إلى الشيخ نزيه جربوع المقرّب من النظام، مساء اليوم الذي شهد التفجير، ليتفاجأ الجميع بظهوره لاحقاً في إعلام السلطة، متبرعاً بإعلان مسؤوليته عن الجريمة. المفارقة ذات الدلالة هنا، أن الأمن العسكري أو سواه من الأجهزة الأمنية لم تعتقل شركاء أبو ترابي، الحسين، وأبو محمود، هما لا يزالان طليقين في قرية المزرعة. وكأن النظام بذلك يترك الفاعلين المقترحين أحراراً في قرية الضحيّة، وتحت أيدي جماعته، لعلّهم يأخذون بالثأر، وتنتهي الحكاية هنا، وإلا فما هو مبرر بقائهما طليقين.
قبلاً أخذ الاجتهاد بالتهدئة على المسار الواقعي للأحداث يتبلور أكثر بعد تشييع الشيخ وحيد، الإثنين 7 أيلول/سبتمبر، وتلك مناسبة غابت عنها كليّاً أيّ مشاركة رسمية من طرف النظام، أومن قبل مشايخ العقل، بما يمثلونه من شيوخ المجالس. التعزية اقترنت بأنصار الشيخ البلعوس، ومحبيه، الذين خرجوا عقب انتهاء مراسم التشيع بمظاهرة امتدت خطواتها من الملعب البلدي حتى محيط مبنى المحافظة باحثين بأصواتهم عن ألق الثورة السورية في بداياتها، مرددين شعارات الثورة الداعية إلى إسقاط النظام. كانت مظاهرة التشييع آخر فعلٍ ملموس يمكن معاينته كمرادفٍ لجريمة الاغتيال. بعدها حلّ الهدوء، والتمهّل، ثمّ عادت الحياة بمكرٍ إلى سردّ تفاصيل يوميّاتها المألوفة. فلا تحطيم تمثال حافظ الأسد، ولا المواجهات الدامية التي وقعت في محيط فرع الشرطة العسكرية، والأمن الجنائي، والأمن العسكري خلال يوم التفجير زلّت بخطوةٍ أخرى غير تلك. جرى تصريف الأحداث في عقول عامة الناس على أنها رد فعلٍ آني على الجريمة، كما أنّ الشيوخ المسلحين الذين أمسكوا بالحواجز العسكرية والأمنية داخل المحافظة، وعلى مداخلها، سرعان ما تخلّوا عنها إلى "لجان الدفاع الوطني"، أو إلى مقاتلي "الحزب السوري القومي الاجتماعي". القوة المسلّحة لحركة مشايخ الكرامة انكفأ وجودها في الشارع وانسحبت، لكن مقربين من الشيخ رأفت البلعوس، يؤكدون أن احتمال المواجهة العسكرية مع النظام ممثّلاً بالفروع الأمنية داخل المحافظة لا يزال قائماً، أما توقيته فمرتبط بتماثل الشيخ إلى الشفاء، وبترتيباتٍ أخرى تندرج ضمن سريّة القرار داخل قيادة الحركة.
أيضاً فالحركة غير قلقة من حدوث اقتتال درزي–درزي، تكون سبباً أو طرفاً فيه، ويكون منسوجاً على أساس اختلاف التبعية والولاءات والمصالح داخل مراكز القوى والتأثير في المحافظة. فقادة الحركة يؤكدون على هامش علاقة طيّبة تربطهم مع الجميع، ويذكّرون بأنّ الفريق المسلح لدى الشيخ نزيه جربوع وهو المحسوب على النظام كان شاركهم في معركة قرية "الحقف" هذا العام ضد "داعش". مخاوفهم تصبّ على الداخل الدرزي وكرامته، وعلى تخليصه من الواقع الذي يطوّقه بمنظومات من النهب والفساد والتي يديرها النظام، وهي ما سلبهم مقومات حياتهم الدنيا. الحركة بهذا تعتبر نفسها حراكاً دينيّاً محلّياً هدفه صون كرامة الناس، فتراهم أيضاً غير معنيين بنسج تحالفات واقعية مع جيرانهم من المنخرطين في الثورة السورية، تنتشل حراكهم من تموضعه المناطقي، وتعطيه عمقاً جديداً. لغة الحسم الراديكالي التي تميل قناعاتهم إليها، تجعلهم قليلي الحماسة أيضاً إلى أشكال التظاهر السلمي ضد السلطة القائمة. وينشغلون الآن بلملمة الآثار العميقة التي خلّفتها جريمة الاغتيال في كيان حركتهم.