معركة الزبداني.. بأوامر حزب الله
شهدت مدينة الزبداني خلال اليومين الماضيين تصعيداً عسكرياً، حيث بدأ النظام هذا التصعيد بالترويج إلى نيته اقتحام المدينة، تزامناً مع بدء توارد المعلومات عن وجود حشود في منطقة الديماس، ورصد أرتال من حزب الله استُقدمت إلى محيط مدينة الزبداني، وترافق ذلك مع ارتفاع لوتيرة القصف على المدينة.
بدأت بوادر المعركة الخميس الماضي، بتهجير العائلات النازحة الموجودة بالقرب من حواجز النظام في منطقة الانشاءات، وتمركز عناصر من ميليشيا حزب الله في منازل المهجّرين، إضافة إلى انتشارهم الواضح على حواجز بلدة بلودان الواقعة تحت سيطرة النظام، وتنتشر فيها ميليشيا "الدفاع الوطني" مما أثار الامتعاض حتى في صفوف مؤيدي النظام.
حاولت قوات الجيش مدعومة بعناصر من حزب الله والدفاع الوطني بدء عملية الاقتحام من محور مستشفى الباقوني، الواقع في القطاع الشمالي الغربي، لكن تم صد هذه المحاولة وتكبيد القوات المهاجمة خسائر بشرية أضطرت بسببها للعودة إلى مواقعها. بينما قام الطيران المروحي بإلقاء مناشير تدعو إلى الاستسلام وتجنيب المدينة المدمرة مزيداً من الدمار.
فصائل المعارضة من جانبها أطلقت عملية أسمتها "البركان الثائر" في الزبداني، لوقف تقدم قوات النظام وحزب الله. وبدأت المعارضة عمليتها باستهداف الفندق الأزرق، الواقع على طريق بلودان، الذي يعد غرفة عمليات لقوات النظام، فاستهدفته بقذائف الدبابات، تلا ذلك هجوم مباغت نفذته الفصائل على حاجز "الشلاح"، الذي يعتبر من أهم وأكبر الحواجز في المنطقة، ويقع في القطاع الشمالي الشرقي للمدينة، حيث تم اقتحامه بالدبابات وعربات "بي أم بي" والسيطرة على المواقع التي يتألف منها الحاجز، وهي كتلة سناك التنور، ومعمل الثلج، وحاجز القناطر، والفيلا. وعلى إثر هذه الخسارة قامت قوات النظام بهجوم معاكس، تمكّنت خلاله من استرجاع حاجزي القناطر، والفيلا، وأصبحت الاشتباكات بين مبانً متلاصقة، استمرت إلى صباح السبت، وأنتهت بسيطرة فصائل المعارضة على جميع أبنية الحاجز، واغتنامها دبابة وبعض الأسلحة والذخائر المتوسطة والخفيفة. وتزامنت عملية اقتحام حاجز "الشلاح" بمناوشات مع الحواجز القريبة "الحرش، والسنديان، والحورات، وقصر الشيخ زايد، وحاجز المستشفى".
قوات النظام واصلت حملتها العسكرية صباح السبت، إذ شنّت هجوماً جديداً، مدعومة بميليشيا "الدفاع الوطني" وحزب الله، في منطقة قلعة الزهراء، في القطاع الشمالي للمدينة، وما تزال الاشتباكات مستمرة إلى الآن، فيما بلغت حصيلة قتلى حزب الله 3 أشخاص عرف منهم علي الضاحي من بلدة سحمر البقاعية، بالإضافة إلى مقتل عنصر من "الدفاع الوطني"، وتم سحب جثثهم من قبل الفصائل، التي تمكنت أيضاً من استهداف سيارة ضابط غرفة عمليات المنطقة، في نقطة "المسلخ"، بصاروخ حراري موجه، كما تم استهداف حاجزي موزة والحورات في القطاع الشرقي.
حصيلة الاشتباكات منذ يوم الخميس الماضي وحتى السبت، بلغت ١٨ قتيلاً من حزب الله، قالت مصادر "المدن" إنهم من قرى النبي شيت، سحمر، مشغرة،عين التينة، في حين سقط حوالى 30 عنصراً من قوات النظام، عرف منهم النقيب طلعت زهر الدين من السويداء حيث تم تشييعه اليوم في بلدة الصورة الكبيرة، والملازم حيدر اسماعيل من حمص. أما حصيلة المعارضة فقد بلغت 8 قتلى.
وترافقت هذه المعارك مع طلعات جوية مكثفة للطيران الحربي والمروحي، حيث تم توثيق إلقاء ٨٦ برميلاً متفجراً على مدينة الزبداني، إضافة إلى ٢٨ صاروخاً، أطلقها الطيران الحربي، وأكثر من 100 صاروخ "غراد"، فضلاً عن القصف المستمر بالمدفعية الثقيلة من كافة الحواجز والنقاط المحيطة بالمدينة، الأمر الذي أدى إلى احتراق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في سهل الزبداني من دون تمكن السكان من إطفائها.
مدير المستشفى الميداني في الزبداني عامر برهان، قال لـ"المدن" إن "العملية العسكرية تأتي بأوامر مباشرة من حزب الله بهدف تأمين الشريط الحدودي المحاذي لمناطقه على الطرف اللبناني، فقد أيقن حزب الله أن احتمال السقوط المفاجئ للأسد بات كبيراً، فأصبح هاجسه تأمين الشريط الحدودي خوفاً من عمليات انتقامية بعدما أوغل في دماء السوريين".
واعتبر برهان أن الزبداني بالنسبة إلى حزب الله تمثل "المنطقة الاستراتيجية الأهم في هذا الشريط، لقربها من معبر المصنع (الحدودي بين لبنان وسوريا) ومن خطوط إمداد الحزب و مجاورتها للعمق البشري له في البقاع الغربي". وأضاف "النظام يعلم تماماً أن تكلفة الاقتحام ستكون عالية جداً من الناحية البشرية، وقد جرب ذلك من قبل وفشل"، وأشار إلى أن النظام انتقل إلى سياسة القصف على المدينة، وحصارها، من أجل دفعها "إلى الاستسلام تحت مسميات التسوية والمصالحة الوطنية، من دون أي نية حقيقية لهدنة أو وقف إطلاق نار".