"نداء تونس" يسعى لاستبعاد الجبهة الشعبية من الحكومة المقبلة؟
يواصل رئيس الحكومة التونسية الجديدة الحبيب الصِّيد مشاوراته مع مختلف الأحزاب السياسية الفائزة بالانتخابات التشريعية، حيث تشير بعض التسريبات الإعلامية إلى أن الحكومة المقبلة قد تقتصر على وزراء من "نداء تونس" وحلفائه كـ"آفاق تونس" و"الاتحاد الوطني الحر" و"المبادرة الدستورية"، فضلاً عن حركة "النهضة"، التي أعلنت، نيتها المشاركة في الحكومة، مع احتمال استبعاد "الجبهة الشعبية".
رئيس الكتلة النيابية لـ"الاتحاد الوطني الحر" محسن حسن، أكد لـ"المدن" أن الحكومة المقبلة ستضم 35 عضواً، وزيراً وكاتب دولة، مشيراً إلى أن حزبه يفضّل أن تضم الحكومة مزيجاً من الكفاءات الحزبية والمستقلة.
وأضاف "عقدنا منذ أيام اجتماعات مع نداء تونس للاتفاق على هيكلة الحكومة وبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي، ونعتقد أن الحكومة يجب ألا تقوم على المحاصصة الحزبية، بل أن تكون مجمّعة لأكبر قدر ممكن من الأحزاب المكونة للمشهد السياسي والتي تشترك برؤية وبرامج اقتصادية متقاربة، نظراً لدقة المرحلة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً".
الصِّيد أجرى مؤخراً مشاورات مع أحزاب "نداء تونس" و"النهضة" و"الاتحاد الوطني الحر"، فضلاً عن الجبهة الشعبية، لمناقشة برنامج الحكومة المقبلة وتركيبتها، ويفترض أن يُعلن عن تشكيلتها قبل الخامس من شهر شباط/فبراير المقبل، لتتم المصادقة عليها لاحقا من قبل البرلمان التونسي.
التسريبات الإعلامية تشير إلى احتمال استبعاد الجبهة الشعبية من الحكومة المقبلة التي يُفترض أن تضم خمسة وزراء من النهضة، من بينهم القياديين العجمي الوريمي وسمير ديلو والناطق باسم الحركة زياد العذاري، فضلا عن بعض الشخصيات من "نداء تونس" كالأمين العام الطيب البكوش ونائب الرئيس لزهر القروي الشابي، إضافة إلى شخصيات من الأحزاب القريبة من "النداء" كرئيس "آفاق تونس" ياسين إبراهيم ورئيس الكتلة النيابية لـ"الاتحاد الوطني الحر" محسن حسن، فضلاً عن رئيس حزب "المبادرة الدستورية" كمال مرجان، مع احتمال الاحتفاظ ببعض الوزراء في حكومة مهدي جمعة كوزير الدفاع غازي الجريبي ووزير الصناعة كمال الناصر.
وكان الوريمي قد أكد في وقت سابق لـ"المدن" أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أجرى مشاورات مع رئيس حركة "النهضة"، راشد الغنوشي، قبل يوم من تكليف الصِّيد رسمياً بتشكيل الحكومة، وأشار إلى أن الغنوشي لم يبدِ اعتراضه على شخصية الصِّيد.
الوريمي نفى بالمقابل وجود أي "صفقة سياسية" بين "النداء" و"النهضة" في ما يتعلق برئيس الحكومة أو تشكيلتها المقبلة، لكنه أكد أن "النهضة" ستشارك في الحكومة فقط في حال كانت العروض المقدمة تتناسب مع وزنها كثاني قوة سياسية في البلاد، لافتاً إلى أن الحركة لا ترضى أن تكون "مجرد ديكور" داخل الحكومة الجديدة.
المدير التنفيذي لـ"نداء تونس" بوجمعة الرميلي أشار في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام مؤخراً إلى أن الباجي قائد السبسي سيوسع صلاحيات رئيس الجمهورية بحيث لا تقتصر فقط على الجوانب الدبلوماسية والعسكرية، وهو ما أثار تخوفاً لدى بعض المراقبين من تحجيم دور رئيس الحكومة الجديدة بحيث يختص فقط بملفات الأمن والاقتصاد، في مقابل توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية لتشمل بقية المجالات.
المحلل السياسي توفيق ونّاس أشار إلى احتمال سعي رئيس الجمهورية الجديد إلى "مركزة الحكم" أو إدارته من قصر قرطاج، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى وجود "تحدٍ ديموقراطي" يتعلق بعدم تشغيل المؤسسات وفق ما نص عليه الدستور، "لأنه إذا أصبح كل شيء متمركزا في قصر قرطاج فهذا يمنع الحكومة من القيام بدورها كما ينبغي وبحرية خاصة، وقد يؤدي إلى حكومة شبه ضعيفة لأنها تأتمر بقصر قرطاج، ومن ثم قد يؤدي إلى برلمان يتلوّن حسب إرادة الرئيس أو حسب المصلحة السياسية لنداء تونس، الذي يبقى في النهاية حزب الباجي قائد السبسي".
وأضاف لـ"المدن": "أغلبية البرلمان الآن هي أغلبية رئاسية أكثر منها أغلبية حزبية، وهذه التحديات المؤسساتية هامة جدا لأنه ليس هناك انسجام كامل سواء داخل حزب نداء تونس أو في العلاقة مع أحزاب أخرى كالنهضة والجبهة الشعبية وغيرها، وهذا قد يؤدي لبعض المشاكل والخصام الداخلي".