مخيم اليرموك: تنازل النظام أخيراً
بفرح شديد، استقبل الأهالي المحاصرون في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، نبأ التوقيع على اتفاق جديد، بين قوات المعارضة والنظام السوري، يفضي إلى وقف الأعمال القتالية فيه وفك الحصار المفروض عليه منذ أواسط ديسمبر/كانون الأول، العام 2012، خرج على اثره الأهالي المنهكين الى الشوارع للتعبير عن سعادتهم بالتخلص من نير الحصار، والتحرر من ذل الحصول على المساعدات الغذائية ومزاجية توزيعها، بعدما تحولت إلى أداة بيد النظام وأعوانه، يتم من خلالها مساومتهم على قوت ابنائهم ومعاقبتهم في آن معاً؛ على عدم الوقوف في وجه فصائل المعارضة داخل المخيم .
ينفرد الاتفاق الجديد في أوجه عديدة، وجديدة، خلافاً للاتفاقات السابقة. فقد تم التوقيع عليه في بلدية اليرموك، داخل المخيم، وليس داخل السفارة الفلسطينية، أو المراكز الفلسطينية في مدينة دمشق كما جرت العادة، كما شارك النظام مباشرة في التوقيع على الاتفاق، ممثلاً بشخص رئيس فرع فلسطين، العميد الركن ياسين ضاحي، على عكس المرات السابقة، التي كانت فيها الفصائل الفلسطينية "الجبهة الشعبية -القيادة العامة"، المتحالفة مع النظام، تنوب عنه في هذه المسألة، وهو بحسب ما يفسره مصدر مطلع على ما دار في كواليس الاجتماعات التي سبقت الاتفاق، أنه "موافقة من قبل النظام على اقصاء فصائل التحالف الفلسطيني (القيادة العامة – الصاعقة – فتح الانتفاضة)، من احتكار ملف اليرموك، ولاسيما أنها أعاقت أي تقدم فيه لا يصب في مصلحتها، وذلك استجابة لطلب الاطراف الأخرى في المخيم. ويتابع المصدر موضحاً لـ"المدن": "لم يبق لهم اي مصداقية (التحالف الفلسطيني) بعد افشالهم العديد من الاتفاقات، وعدم التزامهم بوقف القتال أو ادخال المساعدات إلى داخل المخيم، وفتح الطريق أمام حركة الاهالي. وهذا ما تؤكده وثيقة الاتفاق التي تضمنت بنداً في نهايته يقول: الضامن الوحيد لكل ما سلف (البنود)، هي الدولة، ممثلة بالعميد الركن ياسين ضاحي، رئيس فرع فلسطين فقط وكافة الأمور الأمنية.
ويرى الناشطون أن هذه التنازلات التي قدمها النظام لدفع عجلة الاتفاق، جاءت بعد فشل الفصائل الفلسطينية الموالية له في تحقيق أي تقدم عسكري في جبهة اليرموك، فضلاً عن فشلها عبر وسيلة الحصار الصارم، من دفع الأهالي المحاصرين إلى مواجهة فصائل المعارضة داخل المخيم، باعتبارهم السبب وراء المأساة التي يعيشونها، و أيضاً، رغبة النظام في التخلص، أو على الأقل، تهدئة كافة الجبهات المقاتلة ضده في دمشق ومحيطها، عبر القيام بالتهدئة و إجراء التسويات معها.
و يضاف إلى كل ذلك سبب آخر؛ فرضته التطورات الحاصلة في العراق، واشتعال انتفاضة العشائر في شمال العراق ضد حكومة المالكي، حيث يعتبر الناشط الاعلامي رامي السيد أن تنازل النظام في اليرموك وسعيه نحو إبرام الاتفاق جاء "كخطوة استباقية نتيجة مغادرة جزء كبير من الميليشيات العراقية إلى بلادها للدفاع عن (نظام) المالكي"، تفادياً لحصول أي ثغرات لا يكون بمقدور النظام سدّها، نظراً لمقاتلته على جبهات عديدة.
ويتضمن الاتفاق الجديد في ابرز بنوده: وضع نقاط تمركز حول حدود المخيم الادارية، تشكيل لجنة عسكرية و قوة امنية لحفظ الأمن داخل المخيم، فتح المداخل الرئيسية شارعي اليرموك و فلسطين، وترميم البنى التحتية، ومنع دخول أي شخص متهم بالقتل حتى تتم المصالحة الأهلية، من يحمل السلاح من أبناء المخيم خارجه يسمح له الدخول بصفته مدنياً. إلى جانب تسوية أوضاع المعتقلين، ووقف إطلاق النار فوراً، والتعهد بمنع دخول اي مسلح من المناطق المجاورة إليه، وضمان عدم وجود سلاح ثقيل في المخيم.
موعد البدء بتنفيذ الاتفاق، كان ظهر السبت، إذ تجمع المئات من الاهالي الفرحين على جانبي المدخل الرئيس للمخيم، وهم يتابعون بعيون متلهفة، الآليات وهي تقوم بازالة السواتر الترابية، وتعيد فتح الطريق إلى المخيم. لكن قراراً صدر عن محافظة دمشق، أوقف العمل بإزالة تلك السواتر، ريثما ترسل المحافظة أحد موظفيها للاشراف على تلك العمليات. ورغم ذلك، تحاشى الاهالي والناشطون على حد سواء التوقف عندها، محافظين على تفاؤلهم بقرب انفراج أمرهم والتخلص من كابوس الحصار المميت، حيث من المتوقع ان تعاود العمل الاثنين.