"اليرموك": من يئد الفتنة؟
برز العديد من المخاوف قبل دخول المخيمات الفلسطينية في سوريا أتون الصراع الدائر وبعده، وظن الكثير من الناشطين الفلسطينيين الداعمين للثورة بأنها مخاوف لا مبرر لها في ظل الإنصهار الكامل الذي تجلى في الكثير من المناطق السورية والذي أكده شعار "فلسطيني وسوري واحد " الدال على هذه الحالة من التكامل والمشاركة معا بداية من مخيم درعا وعبر كل المحطات صعودا ًمع اتساع رقعة الثورة السورية.
وكان على رأس هذه المخاوف تحول الفلسطينيين في سوريا إلى ورقة خريف يتقاذفها الطرفان؛ المعارضة من جهة والنظام من جهة أخرى، وبالرغم من كل التأكيدات التي قدمها الطرفان لاحترام خصوصية وجودهم في سوريا غير أن الأوضاع بالنسبة لهم تزداد تدهورا ً يوما ً بعد يوم ليجدوا أنفسهم يواجهون أكبر مخاوفهم وهي معاملتهم كأقلية بدون احترام خصوصية وضعهم وتعقيداته السياسية والإجتماعية وأولها، أن المخيم مكانهم الطبيعي الذي لا يملكون غيره ريثما يتحقق حلمهم بالعودة، ولعل الأدلة كثيرة ومريرة عن الأوضاع المأساوية لمن خرج منه نازحا ً داخل سوريا وخارجها إلى لبنان ومصر والأردن حيث يعيشون ظروفا معيشية لا يمكن وصفها إلا بالسيئة للغاية؛ اضافة إلى التمييز في التعامل القانوني والإعتباري بينهم وبين السوريين النازحيين والتي وصلت إلى التمييز حتى بالحقوق الإغاثية!
وكان على رأس هذه المخاوف تحول الفلسطينيين في سوريا إلى ورقة خريف يتقاذفها الطرفان؛ المعارضة من جهة والنظام من جهة أخرى، وبالرغم من كل التأكيدات التي قدمها الطرفان لاحترام خصوصية وجودهم في سوريا غير أن الأوضاع بالنسبة لهم تزداد تدهورا ً يوما ً بعد يوم ليجدوا أنفسهم يواجهون أكبر مخاوفهم وهي معاملتهم كأقلية بدون احترام خصوصية وضعهم وتعقيداته السياسية والإجتماعية وأولها، أن المخيم مكانهم الطبيعي الذي لا يملكون غيره ريثما يتحقق حلمهم بالعودة، ولعل الأدلة كثيرة ومريرة عن الأوضاع المأساوية لمن خرج منه نازحا ً داخل سوريا وخارجها إلى لبنان ومصر والأردن حيث يعيشون ظروفا معيشية لا يمكن وصفها إلا بالسيئة للغاية؛ اضافة إلى التمييز في التعامل القانوني والإعتباري بينهم وبين السوريين النازحيين والتي وصلت إلى التمييز حتى بالحقوق الإغاثية!
هذا ما يعانيه ابناء مخيم اليرموك الواقع في ضاحية دمشق الجنوبية والذي يعتبر أكبر المخيمات في سوريا ولا زال حتى اليوم يرزح تحت حصار خانق تفرضه قوات النظام منذ أكثر من 160 يوماً، منعت عنه المواد الغذائية والطحين والأدوية وخدمات الكهرباء والإتصالات التي قد تأتي لعدة ساعات فقط بعد انقطاع لمدة أيام، اضافة إلى القصف العنيف الذي تتساقط حممه على الصامدين فيه بشكل يومي، والذي شهد خلال الأيام الأخيرة اطباقاً محكماً للحصار واغلاقاً تاماً للمخيم.
قُطعت عنه لمدة ستة أيام المواد الغذائية القليلة أصلا ً التي كان يستطيع الأهالي ادخالها لعائلاتهم بعد معاناة طويلة مع الحاجز التابع للنظام، وهذا الحصار هو الضريبة التي دفعها المخيم بعد دخول الجيش الحر وتمركزه، وأسفر عن نزوح حوالي نصف سكانه من الفلسطينين البالغ عددهم ما يقارب 200 ألف لاجئ.
ومنذ بداية الثورة السورية وحتى بعد دخول الجيش الحر إلى المخيم وتحوله إلى ساحة صراع مع النظام الذي حاصره مباشرة؛ كان المزاج العام للفلسطينيين داعما ً ومؤيدا ًلها وخلال الأشهر الستة التي مرت منذ دخوله حتى الآن، فشلت كل محاولات النظام للقضاء على الحاضنة الشعبية للحر في المخيم رغم القصف الشديد والحصار المتواصل والتضييق بكل السبل التي يستطيعها على أهله لدفعهم إلى مغادرته أو قلبهم على الجيش الحر، ولكن ما شكل صدمة لهم وزاد من مخاوفهم هو ما قامت به مجموعات مسلحة محسوبة على كتائب عاملة في منطقة "الحجر الأسود" المحاذية للمخيم والتي تنسب نفسها إلى الجيش الحر.
حيث قامت احدى هذه المجموعات باعتقال اثنين من ابناء المخيم واعدام احدهم وتعذيب الآخر وقد تدخل حينها عدد من قادة الجيش الحر لنزع فتيل الأزمة. ثم قامت لاحقا ً مجموعة أخرى بسرقة المعدات الطبية في مشفى الباسل الذي أعادت تأهيله بصعوبة بالغة مؤسسات العمل الإغاثي لخدمة أهل المخيم بعد القصف الذي استهدفه، تبعتها محاولة سرقة مستودع الأونروا في شارع المدارس وسط المخيم، تصدى الأهالي لها مع عناصر الجيش الحر من ابناء المخيم.
منذ ايام قليلة قامت مجموعة جديدة يترأسها "أبو هارون" بسرقة العديد من البيوت في شارع ال15، وهذه الممارسات قد وضعت أهالي المخيم في موقف معقد، فهم من جهة مؤيدون للثورة والكثيرون من ابنائهم مقاتلون في صفوفها. ومن جهة أخرى هؤلاء الذين يقومون بسرقة بيوتهم ومشفاهم هم أيضا ً كما يقولون ابناء هذه الثورة. وتزايدت مطالبات الأهالي بوضع حد لهذه التجاوزات التي تسيء إلى الثورة وإلى تضحياتهم بأمانهم ودمائهم و دماء ابناءهم التي قدموها قربانا ً على محراب الحرية في سوريا. وكانت إحدى هذه المطالبات مظاهرة نسائية انطلقت في اليرموك بتاريخ الأول من أيار، مطالبةً بخروج الجيش الحر من المخيم بعد أن اساءت تصرفات هذه المجموعات إلى أهله.
وفيما لم يصدر أي تحرك من المجلس العسكري للجيش الحر في هذا الصدد، أصبح مقاتلو الجيش الحر من ابناء المخيم في موقف صعب للغاية، إما أن يستجيبوا لمطالب التصدي لهؤلاء وتنجح بذلك محاولات النظام المستمرة لشق اللحمة بين الفلسطينيين والسوريين اذا ما تطور الوضع؛ وحرف بندقيتهم إلى أنفسهم بدلا ً منه، أو يحتوون الموقف ويبقون تركيزهم على التكاتف لانجاح الثورة وافشال مخطط الفتنة التي تقوم به هذه المجموعات خدمة للنظام والذي بدوره يعني؛ عدم الاصطدام معهم مما يترك المجال لهم مفتوحا ً للقيام بمزيد من التجاوزات مستقبلا ً. وطالما لم يتدخل المجلس العسكري المسؤول عن تلك المنطقة لرفع الغطاء عنهم ومحاسبتهم، ستبقى الفتنة قائمة في اليرموك المحاصر بانتظار من يئدها.
وفيما لم يصدر أي تحرك من المجلس العسكري للجيش الحر في هذا الصدد، أصبح مقاتلو الجيش الحر من ابناء المخيم في موقف صعب للغاية، إما أن يستجيبوا لمطالب التصدي لهؤلاء وتنجح بذلك محاولات النظام المستمرة لشق اللحمة بين الفلسطينيين والسوريين اذا ما تطور الوضع؛ وحرف بندقيتهم إلى أنفسهم بدلا ً منه، أو يحتوون الموقف ويبقون تركيزهم على التكاتف لانجاح الثورة وافشال مخطط الفتنة التي تقوم به هذه المجموعات خدمة للنظام والذي بدوره يعني؛ عدم الاصطدام معهم مما يترك المجال لهم مفتوحا ً للقيام بمزيد من التجاوزات مستقبلا ً. وطالما لم يتدخل المجلس العسكري المسؤول عن تلك المنطقة لرفع الغطاء عنهم ومحاسبتهم، ستبقى الفتنة قائمة في اليرموك المحاصر بانتظار من يئدها.