"القلبين الأقدسين" تحتجز علامات الطلاب..خروق بالجملة للقانون والمنهج الفرنسي

وليد حسين
السبت   2024/07/06
القلبين الأقدسين- السيوفي من مدارس التوأمة وتتلقى مساعدات من وكالة التعليم الفرنسي(فيسبوك)
أوقفت مدرسة القديس يوسف لراهبات القلبين الأقدسين السيوفي دفاتر العلامات النهائية لطلاب مرحلة التعليم الثانوي لأن أهلهم لم يدفعوا مئة دولار للنادي الرياضي. وربطت الحصول على العلامات بدفع اشتراك النادي.

وشكا أهالي طلاب لـ"المدن" بأن إدارة المدرسة فرضت دفع الاشتراك السنوي على الطلاب عنوة. هذا رغم أن التسجيل في النادي هو نشاط غير مدرسي ويفترض أن الطلاب أحرار في الانتساب للنادي من عدمه.

الخوف من الحاق الأذى بالطلاب
في التفاصيل بدأت المدرسة توزيع العلامات على الطلاب منذ يومين، فتفاجأ أهالي الطلاب بأن الإدارة رفضت إعطاء دفاتر العلامات قبل تسديد مبلغ مئة دولار كرسم تسجيل في النادي. بعض الأهالي رضخوا لهذا الابتزاز ودفعوا الرسم كي يحصلوا على العلامات والبعض الآخر ما زال ينتظر. ويوعز الأهالي سبب الرضوخ لطلب الإدارة إلى خوفهم من الحاق الأذى بالطلاب. وهذا الأمر شائع في كل المدارس ويمنع الأهل من المطالبة بحقوقهم خوفاً من إدخال إدارات المدارس الطلاب في نزاعهم مع الأهل.

ويؤكد أهالي طلاب أن الإدارة أرسلت في النصف الثاني من العام الدراسي كتاباً تبلغ الأهل بأن عليهم دفع رسم اشتراك النادي بقيمة مئة دولار. ظنوا في البداية أن المقصود بالبلاغ الطلاب الذين تسجلوا بهذا النشاط. لكن لاحقاً تبلغوا أن الاشتراك الزامي على جميع الطلاب في الصفوف الثانوية بمعزل عن استخدام الطلاب النادي من عدمه. استفسر البعض وكان الجواب أن التسجيل في النادي الزامي لأن المنهج الفرنسي يفرض على الطلاب امتحان رسمي بالرياضة. 

ذريعة المنهج الفرنسي
لم يأخذ أهالي طلاب هذا الكلام على محمل الجد لأنه لا دخل للنادي بامتحان الرياضة. فالطلاب لديهم حصص رياضة مرتين بالأسبوع ويتعلمون فيها الأنشطة المطلوبة للامتحان، لاسيما أن المنهج الفرنسي يعتبر الرياضية مثلها مثل أي مادة أخرى. وبما أن النشاط في النادي هو في الأساس بعد المدرسة أو في خلال الوقت الضائع والراحة في المدرسة، فلا يدخل في عداد حصة الرياضة ولا الامتحان الرسمي الفرنسي. وتصرفوا بلا مبالاة اعتقاداً منهم أن الإدارة ستراجع نفسها وتصرف النظر عن هذا الأمر الغريب. لكن منذ يومين وعندما بدأت المدرسة توزيع العلامات، رفضت تسليم أي إفادة قبل تسديد رسم المئة دولار.

حجة الإرادة بفرض رسم إلزامي للنادي، تحت ذريعة الالتزام بالمنهج الفرنسي، تتنافى مع أبسط الأسس التربوية والقانونية اللبنانية والفرنسية. ففي حال كان النادي يدخل ضمن أنشطة الامتحان الرسمي لكان على الإدارة الصمت وعدم المطالبة بأي رسم. فالمادة تدخل ضمن القسط المدرسي طالما أن المنهج الفرنسي يعتبر الرياضة مادة كغيرها من المواد. فهل يدفع الأهل ثمن كل مادة على حدة من خارج القسط؟ ولماذا تصرفت مع الرياضة بهذه الطريقة؟ أما في حال كان النادي بمثابة نشاط غير صفي، فهو، حكماً، نشاط حر ولا يجوز أن يكون إلزامياً. إلا إذا كانت المدرسة لا تكتفي بالأقساط وتريد مبالغ إضافية بلا أي مبررات. أما السؤال الأساسي المطروح: الا يعتبر هذا الأمر ازدراء من المدرسة بالرياضة طالما أنها مادة مثل سواها من المواد في المنهج الفرنسي؟ فهل تقبل وكالة التعليم الفرنسي في لبنان أن تتعامل مدارس التوأمة بهذه الطريقة مع الأهل؟

رسوم مجهولة بذريعة القرطاسية
رسم التسجيل في النادي المفروض عنوة على الأهل لصفوف الثانوي يعتبر أمراً عادياً أمام التصرفات غير المعقولة للإدارة بما يتعلق برسم القرطاسية. فالأخير فُرض على جميع الطلاب حتى من دون قرطاسية. ووفق مصادر الأهل، أوقفت الإدارة إلزامية دفع رسم القرطاسية بعد الأزمة الاقتصادية في لبنان. وأتى القرار لصالح ترك الأهل يشترون القرطاسية على حسابهم الخاص. ومطلع العام الدراسي اشترى الأهالي القرطاسية وأرسلوا كل المستلزمات المطلوبة إلى المدرسة، إضافة إلى مستلزمات النظافة (مثل ورق الحمام). لكن تفاجأ الأهل بأن الإدارة أرسلت تبلغهم دفع القرطاسية (تراوحت المبالغ بين 230 و255 دولاراً بحسب المرحلة التعليمية)، مع دفعات الأقساط. وعندما اعترض الأهالي على هذا الأمر، تبلغوا أن المقصود بالرسم ليس القرطاسية، وأن التسمية سقطت سهواً. وعندما استفسروا عن المقصود بالرسم تبلغوا أنه بمثابة مساهمة من الأهل في المصاريف التشغيلية للمدرسة. وهنا مرة جديدة ارتكبت الإدارة سابقة غير مشهودة، لا سيما أن المصاريف التشغيلية هي من ضمن القسط المدرسي. ما يعني أن الإدارة تتجاهل عقول أهالي الطلاب ومعرفتهم بأبسط الأسس القانونية للأقساط المدرسية.

المدرسة تنتمي لمدارس التوأمة الفرنسية وتتلقى مساعدات من وكالة التعليم الفرنسي. وقد حصلت المدرسة على مساعدة تركيب طاقة شمسية، كسائر مدارس التوأمة. وكان الهدف من هذه المساعدة تخفيف المدارس الأعباء عن الأهل، أي تخفيض الأقساط بنسب تتناسب مع انخفاض المصاريف التشغيلية. وهذا يؤدي إلى الحفاظ على التعليم الفرنسي في لبنان، وينعكس توسعاً في انتشار التعليم الفرنسي، حيال المنافسة مع البكالوريا الدولية. فلطالما كانت شكوى المدارس في لبنان حيال انقطاع التيار الكهربي غلاء المحرقات لمولدات الطاقة الخاصة بالمدارس. وأخذت المدارس هذا الأمر ذريعة لرفع الأقساط.

تكريس التفاوت الطبقي
وكالة التعليم الفرنسي استدركت المخاطر من خلال مشروع تخفيض كلفة المحروقات عن مدارسها بنحو ستين بالمئة. لكن مدارس التوأمة استفادت من المساعدة وعادت ورفعت الأقساط. وهذا الأمر يضعه أهالي الطلاب في عهدة وكالة التعليم الفرنسي أيضاً.

لكن شكوى الأهالي من الإدارة لا تقف عند هذا الحد. إذ تقوم الأخيرة بتعييّن لجنة الأهل لتكون طيعة لها ولخدمة الإدارة لا للدفاع عن حقوق الطلاب وأهلهم، وهذا يتنافى مع أسس التعليم الفرنسي.

إلى ذلك أقدمت الإدارة على تنظيم نشاط سنوي للطلاب لإغناء تجاربهم المشتركة. لكن رسم هذا النشاط كان بقيمة 160 دولاراً عن كل طالب. وبطبيعة الحال كثر من الطلاب لم يشاركوا بهذا النشاط بسبب الكلفة الباهظة. ووصلت إلى إدارة المدرسة شكاوى من أهالي طلاب، متمنين لو أن المدرسة تعود لتنظيم نشاط مجاني يشارك فيه الجميع مثلما كان معتمداً في السابق. وعدم تنظيم النشاط الختامي العزيز عليهم لتكريس التفاوت الاجتماعي بين الطلاب. لكن الرد أتى في الحفل الختامي على لسان مديرة المدرسة إيلين ريشا، التي أسمعت الأهالي ما مفاده أنه يجب أن يتعلم الطلاب أن الحياة قائمة على تفاوت طبقي. بمعنى آخر، يجب على الطلاب التعود بأن الأهالي المقتدرين يستطيعون تأمين هذه الرفاهية للأبناء فيما الأهالي غير المقتدرين لا يستطيعون المشاركة.

تجدر الإشارة إلى أن "المدن" تواصلت مع إدارة المدرسة للاستفسار عن شكوى الأهالي، ومعرفة رأي الإدارة لحفظ حقها في الرد. لكن السكرتيرة الخاصة بمديرة المدرسة إيلين ريشا قالت بداية إن الأهالي يعرفون السبب. أي لا داعي للتوضيح. وعندما طلبنا توضيحا من ريشا كي لا يؤخذ هذا الكلام كرد رسمي، قالت إن ريشا غير موجودة في المكتب. وعندما طلبنا تزويدنا برقم هاتفها الخاص كي نتواصل معها لضرورة الأمر، رفضت الطلب.