الأربعاء 2024/10/23

آخر تحديث: 19:56 (بيروت)

إسرائيل تنتقم من مدينة صور: 7 مبانٍ سوّيت بالأرض

الأربعاء 2024/10/23
إسرائيل تنتقم من مدينة صور: 7 مبانٍ سوّيت بالأرض
يعتقد العدو أنه بتدمير خاصرة حزب الله الاجتماعية سيتمكن من فك بيئته عنه (المدن)
increase حجم الخط decrease
إثر موجة الغارات الحربية الإسرائيلية الأولى من نوعها على مدينة صور صباح اليوم الأربعاء في 23 تشرين الأول سويت سبعة مبانٍ بالأرض، ودمرت تدميراً كاملاً، في أحياء الرمل الحديثة. كما تضرر مئات الشقق السكنية والمؤسسات التجارية، إضافة إلى إصابة مواطنين بجروح طفيفة. لكن "جنود" مؤسسة كهرباء لبنان عادوا وتسلقوا أعمدة الكهرباء، لإعادة التيار الكهربائي إلى صور، لتبقى المدينة مشعّة.

نزوح داخلي وإلى بيروت
حل هذا الدمار بعد أقل من ساعة على الإنذارات الإسرائيلية، لمجموعة متفرعات في حي الرمل في صور، التي تعد رئة المدينة. وبدأت الطائرات الإسرائيلية تنفيذ سلسلة غارات على روح المدينة النابض، فدمرت عدداً من المباني بشكل كليّ. هذا فضلاً عن شقق يوجد فيها مراكز مدنية محسوبة على "حزب الله"، منها مؤسسة الشهيد، القرض الحسن، والهيئة الصحية الإسلامية، تؤمن خدمات شتى لأبناء صور والجوار.

الاعتداء الإسرائيلي الواسع على صور، التي عاد الكثير من أهلها إليها أخيراً، بعد رحلة نزوح قاسية، حصل مع وجود مئات العائلات الصورية في منازلها. لكن تم إخلاؤها بعد تحذيرات العدو الإسرائيلي، ونداءات الدفاع المدني عبر مكبرات الصوت. فمنهم من ترك المدينة، ومنهم من بقي في الأحياء البعيدة عن الاماكن المستهدفة والمحددة، وقسم آخر لجأ على عجل باتجاه الشاطئ. وهذا ما قلل من الأضرار البشرية لتقتصر الأمور على أربعة جرحى، فيما تواصل فرق الإنقاذ العمل والتثبت من عدم وجود أي مصابين آخرين. 

غارات لقتل المدينة
قبل هذا العدوان، كانت مدينة صور، تستعيد بعضاً من روحها، من خلال عودة فتح بعض المحال المختصة باللحوم والخضار ومحلات السمانة الصغيرة، التي لم يغادر أصحابها المدينة. وبحسب بلال قشمر، المنسق الإعلامي في وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور، الذي يهتم بتأمين احتياجات غالبية الصامدين، بمن فيهم الموجودين في مراكز الإيواء، فإن عدد العائلات، وصل قبل العدوان اليوم، إلى حوالي الفين وخمسمئة عائلة، وقد غادر القسم الأكبر منهم قبل وبعد الغارات.

هذه الغارات المجنونة على صور، لم تكن الأولى منذ بدء الحرب الموسعة، في الثالث والعشرين من أيلول الماضي. سبقها غارات قاتلة، داخل المدينة القديمة وعند وسطها، متسببة بسقوط أكثر من 15 شهيداً وشهيدة جلّهم من الأولاد والأطفال. بيد أن غارات اليوم، التي سبقتها تحذيرات، جاءت بمضمون مختلف، مفاده أن الحرب مع "حزب الله" لا تتوقف عند استهداف مراكزه العسكرية والصفوة من قياديه، بل انها حرب اقتصادية واجتماعية، تركز على إلحاق ما أمكن من ضرر في موارد الحزب. إذ يعتقد العدو أنه بتدمير خاصرة حزب الله الاجتماعية، ستتمكن من فك بيئته عنه، وإضعاف موقعه تدريجياً.

حارسة المتوسط
مدينة صور، حارسة المتوسط ومدينة الحرف والتاريخ والتنوع، لم يرق للعدو الإسرائيلي أن تبقى على نضارتها وجمالها. ظن بأن تدمير مبان تختزن العلم والصحة والخدمات الاجتماعية، قد يفصمها عن بيئتها المتجذرة بالمقاومة، منذ الإسكندر المقدوني، الذي حاصرها لشهور طويلة، سنة 332 قبل الميلاد، وصولاً إلى حمل شبانها قضية فلسطين، يوم حلت بشعبها النكبة، وحتى الآن.

الاعتداء الإسرائيلي اليوم كان الأوسع على مدينة صور، المصنّفة على لائحة التراث العالمي، منذ العام 1998، من قبل منظمة اليونيسكو. وجاءت الاعتداءات تتمة واستكمالا لقتل وتدمير المباني التراثية والسوق التاريخي في مدينة النبطية وتدمير مساجد وكنائس ودور تراثية وأماكن أثرية. ووجد العديد من المتابعين، أن استهداف مدينة صور، التي يطلق عليها أيضا مدينة الإمام الصدر، مؤسس "حركة المحرومين"، ومن ساحة بوابتها أطلق خطاب القسم في العام 1974، هو رسالة إسرائيلية-أميركية لرئيس مجلس النواب نبيه بري. وذلك على خلفية مواقفه من المطالب الأميركية الإسرائيلية، المتعلقة بآلية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، الصادر عن مجلس الامن العام 2006، الذي توقفت الحرب على أساسه حين ذاك.

لا مواقع عسكرية
ورأى نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، أن إسرائيل تستهدف عنوة، عروسة الجنوب، ولؤلؤة المدن المتوسطية الساحلية، كونها مدينة السياحة والعيش المشترك والتنوع الطائفي والاجتماعي، وكذلك للنيل من جمالها، الذي لا يستطيعون تقليدنا به ولا منافستنا. وقال صبراوي لـ"المدن": "إننا لا نجد تفسيراً واحداً لاستهداف العدو مدينتنا، فالأماكن التي طالتها الغارات، لا يوجد فيها مواقع عسكرية ولا حتى عناصر، فمن بقي في المدينة، هم الناس المغلوبون على أمرهم، الذين لا حول ولا قوة لهم، لا يستطيعون الذهاب الى اي مكان للإيواء، ولا يجدون حتى سيارة تنقلهم وتنقل أوجاعهم.

شكوى لحماية التراث
تجدر الإشارة إلى أن المكتب الإعلامي لوزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى أكد أنه "على إثر التهديدات التي وردت اليوم من قبل العدو الإسرائيلي بقصف جزء كبير من مدينة صور التاريخية، التي تقع بين موقعي البص والمدينة الأثريين المُدرجين على لائحة التراث العالمي لليونسكو، تواصلت وزارة الثقافة مباشرةً مع رئيس بعثة لبنان الدائمة لدى اليونيسكو السفير مصطفى أديب. وطلبت منه اجراء المراجعات اللازمة لدى هذه المنظمة في ضوء تهديدات هذا اليوم، من أجل حماية المدينة القديمة ذات القيمة العالمية الاستثنائية. وقد بادر سعادة السفير أديب مساعيه فوراً طالباً من اليونسكو التدخّل السريع لحماية تراث مدينة صور الذي يُعتبر ملكاً للإنسانية جمعاء بتراثه المادي وغير المادي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها