السبت 2024/10/19

آخر تحديث: 13:18 (بيروت)

إطلاق العام الدراسي قرار سياسي: مصير الفدرالية والطائفة الشيعية

السبت 2024/10/19
إطلاق العام الدراسي قرار سياسي: مصير الفدرالية والطائفة الشيعية
في حال عدم إطلاق العام الدراسي لن تستفيد وزارة التربية ولبنان من المساعدات الدولية(يحي حبشيتي)
increase حجم الخط decrease
دخلت الخلافات حول تأجيل العام الدراسي والإصرار على إطلاقه بموعده في التعليم الرسمي إلى روابط المعلمين. وبات هناك توجهان في الروابط، وكل طرف يشد لتثبيت وجهته. حزب الله يدفع نحو تأجيل العام الدراسي لأسباب عدة تبدأ بالبعد التربوي (عدم جواز تعلم جزء بسيط من الطلاب على حساب كل طلاب لبنان) ولا تنتهي بالبعد الأمني. وحول هذه النقطة ثمة مخاوف من خرق إسرائيلي للبيانات التي طلبت وزارة التربية من مديري المدارس العمل عليها، أي تسجيل الطلاب والأساتذة على المنصة لمعرفة كيفية توزع خريطة نزوحهم في لبنان. وقد رفض حزب الله المشاركة في تسجيل هذه البيانات. وبدا لافتاً عدم مجاراة حركة أمل حزب الله في هذا الشأن.

خلافات في رابطة التعليم الأساسي
ظهرت هذه الخلافات في رابطة التعليم الأساسي. فقد صدر بيان باسم الرابطة يرفض "رفضاً قاطعاً التحاق الأساتذة حضوريا في المدارس المعتمدة كمراكز ايواء أو غيرها وذلك حرصا على ارواحهم وأمنهم خلال تنقلهم على الطرقات والتي اصبحت في كثير من المناطق تعدّ خطرة". ودعا البيان "الوزارة بالبحث في آلية أخرى لجمع إحصاءاتها المتعلقة بالأساتذة. وطالب بتأجيل انطلاقة العام الدراسي إلى حين الاتفاق على خطة للعام الدراسي تراعي ظروف الجميع وفي مقدمتهم الاساتذة المهجرين قسراً". لكن رئيس الرابطة حسين جواد (حركة أمل) عمم بأن "البيان الذي صدر باسم رابطة التعليم الأساسي ويدعو إلى عدم الالتزام بقرار الوزير لا يعنينا ولا يلزم الرابطة". ووفق مصادر "المدن" صوت 8 أعضاء من أصل 15 في الهيئة الإدارية وكل مقرري الفروع على البيان قبل صدوره، ما يعني أنه يمثل الرابطة. في المقابل تلفت مصادر أخرى أن جواد كان على سفر "واستغل البعض غيابه لإصدار البيان".

مصير الطائفة الشيعية والفدرالية
هناك رأيان أو وجهتان في روابط المعلمين في القطاع الرسمي. وجهة يمثلها حزب الله، ويجاريه فيها التيار الوطني الحر، ترفض بدء العام الدراسي، تقول المصادر أن منطلقاتها تربوية وأمنية وليست سياسية. ووجهة أخرى تمثل باقي القوى السياسية تعتبر أنه لا يجوز أن يبدأ التعليم في القطاع الخاص، حضورياً ومن بعد، ويتأجل التعليم في القطاع الرسمي، ما يسهم في إضعافه أكثر وأكثر. وبالتالي منطلقاتها تربوية وليست سياسية.

لكن قرار بدء العام الدراسي سياسي ومتخذ على أعلى المستويات في لبنان. من ناحية قرار بدء العام الدراسي محتضن سنياً ودرزياً ومسيحياً ووقوف الثنائي الشيعي ضده يفضي إلى إشكاليات لبنان بالغنى عنها. فهذا المنطق يعزز التوجهات الفيدرالية في لبنان. ويترافق الأمر مع وجود توجه دولي بإضعاف ليس حزب الله بل الطائفة الشيعية. وهذا ما دفع حركة أمل، ولو بشكل غير رسمي، إلى التوقف عن المطالبة بتأجيل العام الدراسي، وعدم تكريس المنطق الفدرالي. ومن ناحية هناك وعود بأن الدول المانحة ستساعد لبنان مالياً وسيستفيد قطاع التربية من هذه الأموال. وفي حال عدم إطلاق العام الدراسي لن تستفيد وزارة التربية ولبنان من المساعدات.

الداعون إلى تسهيل بدء العام الدراسي ينطلقون من أن التأجيل أو التعليق لا معنى له. في السابق ظن البعض أنه بغضون شهر تشرين الثاني ستكون الحرب على لبنان قد توقفت، وطالبوا بتأجيل العام الدراسي لمدة شهر. لكن الوقائع الميدانية تشي بأن الحرب قد تطول لأشهر عدة. وتعليم الطلاب حضورياً أو من بعد أو بأي طريقة أفضل من إقفال المدارس والجامعات نهائياً، وانتظار توقف الحرب.

خطة تربوية لتمويل اللجان
في المقابل، يعتبر الداعون لتأجيل العام الدراسي أن "التأجيل" ضروري، ليس للدواعي الأمنية فحسب، بل بغية البحث بالخطة التربوية التي وضعتها وزارة التربية. فهم يطالبون بتحديد موعد مع وزير التربية للبحث في الخطة قبل إطلاقها رسمياً، فيما الوزارة ترفض طلبهم. فقد وضع بعض المسؤولين في الوزارة خطة من دون مراجعة المعنيين بتنفيذها على الأرض. ويؤكدون إنه لم يكلف أي مسؤول في خلية الأزمة في الوزارة نفسه لزيارة ولو مدرسة واحدة أو مركز إيواء واحد لمعرفة الواقع على الأرض. بل وضعوا خطة تحمل في طياتها قرار مصيري يتعلق ليس بعمل المديرين والأساتذة على الأرض، بل بمصيرهم الشخصي في ظل مخاطر الانتقال على وقع الضربات الإسرائيلية. والعدو بات يستهدف مبانٍ تأوي نازحين في مختلف المناطق ولا رادع عنده من استهداف مدرسة، تحت ذريعة وجود قيادي في حزب الله. وهذا أحد أسباب رفض حزب الله تسجيل بيانات أساتذته وخريطة توزع نزوحهم.

وتضيف المصادر أن المدارس الرسمية في مختلف المناطق باتت مراكز إيواء، وأرقام وزارة التربية غير دقيقة. وقد وضعت في خطتها تعليم الطلاب النازحين في مدارس رسمية، غير متوفرة على الأرض. وتستغرب المصادر كيف تهمّ منظمة اليونيسف إلى التبرع لاستئجار مدارس خاصة لتعليم طلاب القطاع الرسمي في فترة بعد الظهر، فيما ترفض المنظمة الأممية دفع متوجباتها لصناديق المدارس الرسمية وهي مبالغ زهيدة (40 دولاراً عن كل تلميذ). وكانت الصناديق المدارس فارغة ما استدعى من الوزير الحلبي اصدار قرار بالتزام الأهل بدفع رسم بقيمة خمسين دولار عن كل طالب، ما أدى إلى بلبلة في لبنان. ولم تكلف اليونيسف نفسها لدفع المتوجبات، وليس الهبات.

وتعتبر المصادر أن دوافع بدء العام الدراسي هو استقطاب الدعم الدولي لوزارة التربية وليس هدفه الحرص على قطاع التربية ومستقبل الطلاب وتعليمهم كما يجب. وستنتهي الأموال التي تحصل عليها الوزارة في جيوب موظفي اللجان التي تشكلت في الوزارة، مثل كل اللجان السابقة. فالوزارة تعيش منذ مدة على هذه اللجان، التي يتقاضى أعضاؤها حوافز بالدولار. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها