لا يكفي وصف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لمواطنه الملياردير إيلون ماسك، بأنه "نجم جديد"، لوصف واقع حال رجل الأعمال وأكبر المستثمرين في التقنيات. فصورته مع أفراد العائلة والتي نشرتها إبنة ترامب، تظهر الرجل في موقع متقدم، يحيله الى "رئيس الظل"، استناداً الى استثماراته وتعويله على العهد الجديد، للنفاذ من الإجراءات التي تحاصر شركاته.
وماسك، الذي يُنظر اليه على أنه "نموذج التفوق الأميركي"، في إشارة الى شركاته من "سبايس إكس" الى "تسلا" و"ستارلينك" وغيرها، قضى ليلة الانتخابات مع الرئيس المنتخب في ناديه بفلوريدا، وقال ترامب إنه سيعيّن ماسك مسؤولاً عن الكفاءة في إدارته. وقبل ساعات من إعلان عودة ترامب إلى البيت الأبيض رسمياً، كان أكبر مؤيديه موجوداً بالفعل داخل المكتب البيضاوي.
وأثنى ترامب على ماسك في خطاب النصر الذي ألقاه، الأربعاء، وأشار إلى أن الملياردير سيُعامل بشكل جيد تحت إدارته. وقال: "يتعين علينا حماية عباقرتنا، ليس لدينا الكثير منهم". وقال: "لدينا نجم جديد، نجم يولد: إيلون ماسك".
دور سياسي
وانخراط ماسك المتزايد في السياسة، قد يجعل إمبراطوريته الصناعية في وضع يشبّهه الموظفون الحاليون والسابقون بالعصر الذهبي، عندما كان عمالقة الصناعة مثل جه.بي مورجان وجون دافيسون روكفلر، يتمتعون بنفوذ واسع في السياسة الحكومية بشكل استفادت منه أعمالهم وثرواتهم.
ومن المرجح أيضاً أن يكون هناك دور لماسك في إدارة ترمب. ففي يلول/سبتمبر، قال المرشح الجمهوري إنه سيشكل لجنة حكومية للكفاءة، يتولى ماسك قيادتها. وتتطلب الوظيفة الحكومية بدوام كامل، من ماسك، أن يضع شركاته في عهدة الثقة، لكن الوظيفة الحكومية بدوام جزئي في مجال الكفاءة لن تتطلب مثل هذا الإجراء.
دعم مالي وإعلامي
وتُظهر السجلات الاتحادية أن ماسك ساهم بما لا يقل عن 119 مليون دولار لدعم ترشيح ترامب، وأشاد بلا كلل بالرئيس الجمهوري في المرحلة الأخيرة الحرجة من حملته الانتخابية. لكن هذا الرقم، لا يُنظر اليه على أنه إنفاق عبثي، فبمجرد الإعلان عن فوز ترامب، ارتفعت أسهم شركة "تسلا" 15% في بورصة تداولات "وول ستريت"، مما ضاعف ثروة ماسك 15 مليار دولار.
ولا يقتصر الدعم على الإنفاق المالي، فما قدمه ماسك لترامب عبر منصة "اكس"، يفوق ما يمكن تقديمه له في أي ميدان. فبعد الحصار الإعلامي الذي خضع له الرئيس المنتخب، وإبعاده عن منصة "أكس" (تويتر سابقاً)، مكنت سيطرة ماسك على الشبكة من تضخيم رسائله المؤيدة لترامب، وباتت لاعباً رئيسياً في نظام بيئي إعلامي دعم المرشح الجمهوري.
في الواقع، أكد فوز ترامب دور القوة الناعمة لملكية ماسك لـ"إكس"، بعدما خضعت المنصة لتحول يميني تحت ملكية ماسك ولعبت دوراً مساهماً في حملة الرئيس الجديد، وقد وظفها ماسك في هذا الاتجاه، شخصياً، لدرجة تغريده أكثر من مئة مرة يومياً، دعماً لمرشحه المفضل.
نفوذ إستثنائي
والفوز الحاسم الذي حققه ترامب في الانتخابات الرئاسية، يمنح رجل الأعمال الملياردير نفوذاً استثنائياً سيساعد شركاته في الحصول على معاملة حكومية تفضيلية.
وتعكس سياسة ماسك استراتيجية أوسع نطاقاً لإبعاد شركاته عن اللوائح التنظيمية أو إجراءات إنفاذ القانون، وكذلك لتعزيز دعم الحكومة لها، وفقا لـ"رويترز" التي تحدثت مع ستة مصادر في شركات ماسك، مطلعة على تعاملاته السياسية والتجارية إضافة إلى مسؤولين حكوميين يتعاملان بصورة واسعة مع شركات ماسك. وقدمت المصادر رؤية نادرة للاستراتيجية داخل شركات ماسك للاستفادة الكاملة من علاقته الوطيدة مع ترامب.
وبات هذا الدعم اللامحدود، محط بحث في وسائل الإعلام الغربية، عن العلاقة ومستقبل الطرفين. تقول صحيفة "الغارديان" إن الانتصار الجمهوري، سيعود بالفائدة على أغنى شخص في العالم، فيما تحدث خبراء عن أن ماسك "يمكن أن يتوقع تعاملاً أسهل من الجهات التنظيمية والمدعين العامين الفيدراليين".
وقال مسؤول كبير سابق في "سبايس إكس"، طلب عدم الكشف عن هويته: "يرى إيلون ماسك أن جميع اللوائح التنظيمية تعوق أعماله وابتكاراته. وهو يرى إدارة ترامب وسيلة للتخلص من أكبر عدد ممكن من اللوائح التنظيمية حتى يتمكن من فعل ما يريده وبالسرعة التي يريدها".
عقود حكومية
وأثارت قوة ماسك المتنامية حماس مؤيديه الذين ينظرون إلى الحكومة باعتبارها عائقاً أمام عملياته عالية التكنولوجيا. وقد ترتفع أو تنخفض ثروات "تسلا" اعتماداً على تعامل ترامب مع مجموعة متنوعة من الدعم والسياسات والخطط التنظيمية للسيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة.
ففي الشهر الماضي وحده، حصلت على عقود بقيمة تزيد على 700 مليون دولار من قوة الفضاء الأميركية. وقد تلقت "سبيس إكس" و"تسلا" ما لا يقل عن 15.4 مليار دولار في عقود حكومية على مدى العقد الماضي، وفقاً لتحليل حديث لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتشمل شركات ماسك الأخرى شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة xAI، وشركة شرائح الدماغ "نيوراليك"، التي تبلغ قيمتها 8 مليارات دولار.
وفي تلك الشركة الناشئة المتخصصة في زراعة شرائح الدماغ، يشتكى ماسك من أن عملية موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية أبطأت الشركة عن زرع الجهاز في البشر. ويرى مصدر مطلع على عمليات الشركة أن ماسك ربما يستخدم نفوذه المتزايد في إدارة ترامب لتجاوز بعض الموافقات المتعلقة بالسلامة في هذه العملية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها