اليوم العالمي للتراث: آثار صور متاحة للجميع

عماد تلميذ لا يهتم بشؤون التراث والآثار، إلا أن حبّه للمنافسة دفعه للمشاركة في مسابقة بحثية تُنظمها مدرسته حول تاريخ مدينة صور. تلقي القصة الضوء على مجموعة من المعلومات المهمة حول المدينة التي "يقدر عمرها بـ5000 سنة". في اليوم المحدد لعرض الأبحاث يقدم كل تلميذ شرحاً حول حقبة تاريخية يختارها للمدينة. كأن يشرح ربيع سبب تسمية المدينة بين الأسطورة ورأي العلماء. فبينما يرجع العلماء اسم المدينة الى معنى كلمة "صر" باللغة الفينيقية، أي الصخرة، تبعاً لطبيعة صور الصخرية. تقول الأسطورة، في المقابل، أن الإسم يعود الى محبوبة الإله الفينيقي ملكارت، وكان اسمها تيروس Tyrous. من جهتها تحدثت مروى، صديقة عماد، عن صناعة الزجاج التي اشتهرت بها المدينة.

اختار عماد أن يتكلم عن إكتشاف الأرجوان، ليلقي الضوء على استيراد صور للحرير من الصين منذ العام 115 قبل الميلاد، من ثم اعادة تصديره مصبوغاً باللون الارجواني ليلبسه ملوك الصين. تنتهي القصة بفوز عماد الذي إكتشف شغفه بالتاريخ والآثار بمجرد تعرفه عليهما. والأمر الأخير يشكل هدفاً أساسياً من أهداف المشروع.

يعتبر ممثل وزير الثقافة في المشروع أسعد سيف خلال حديث مع "المدن" أن انقطاع الصلة بين أهالي المدينة وآثارها، يعود بشكل أساسي الى تعامل مديرية الآثار، التي ينتمي اليها، مع "الموقع كمقدس لا يجوز المس به". بينما يسعى المشروع، وفق سيف، إلى "إعادة تفسير الموقع للناس بطريقة مختلفة، ليروا من خلاله دينامية الحياة التي أدت الى إنشائه والتي دارت فيه".

"المشروع مقسم الى أقسام عديدة، أولها توعية التلاميذ في المدارس". يعتبر سيف أن "التفاعل مع الجيل الجديد سيساهم في الحفاظ على الموقع. أما القسم الثاني فيتعلق بالعمل التطوعي، لإنشاء رابط بين المتطوعين وموقع البص". ووفقاً لسيف، سيتم خلال الجزء الثالث من المشروع وضع خطة لإدارة الموقع وفقاً لإتفاقية التراث العالمي، تتناول "تعاطي المدينة مع الموقع من الناحية الإقتصادية والاجتماعية والأثرية والترميمية". أما القسم الأخير فهو عبارة عن "مقطورة تراث صور، وهي أشبه بمتحف متنقل يحمل مجسماً للمدينة سيتنقل بين المناطق اللبنانية، للتوعية حول آثار صور والحياة فيها والصناعات التي اشتهرت بها".

من جهتها تشرح منسقة المشروع مايا حميدان في حديث لـ"المدن" أن "كل البلدان التي تحتوي على مواقع تراثية مسجلة على لائحة التراث العالمي، تحتفل بهذا اليوم". وهذه هي الحال بالنسبة لآثار صور منذ العام 1984. ويُفترض بكل موقع أثري بهذه الأهمية أن يحتوي أقله على لوحة تدل على قيمته الأثرية. و"هذا الأمر على تواضعه سيكون جزءاً من الحدث"، وفقها، وذلك "بالتعاون مع الكتيبة الإيطالية في اليونيفيل في الجنوب، وبلدية صور واليونسكو". والأخيرة، تضيف حميدان، "أطلقت حملة متحدون مع التراث (#متحدون_مع_التراث #Unite4heritage) لمواجهة حملة تدمير الآثار التي نشهدها".

تشعبت الأنشطة خلال اليوم العالمي للتراث في موقع البص الأثري. اذ جال تلاميذ المدارس في الموقع، وغنت الفتيات، وفي الطرف الآخر من الملعب الكبير الذي كان حلبة لسباق الخيل في العهد الروماني، تجمع طلاب وتلاميذ ليشاركوا الرسّام البريطاني توم يونغ في رسم لوحة للمدينة على قطعة قماش بطول 6 أمتار. يقول يونغ لـ"المدن" إنّ "الهدف من الرسم، إعطاء التلاميذ فرصة للتعبير عن أنفسهم وليشعروا بالإتصال بهذا الموقع الأثري وبالتاريخ". فمدينة صور بالنسبة اليه "هي مصدر المدن اللبنانية الأخرى. أشعر أنني أعود الى المصدر في هذا المشروع".