الإثنين 2024/03/18

آخر تحديث: 00:09 (بيروت)

ذكرى الثورة السّوريّة في بيروت: عن التضامن الإنساني

الإثنين 2024/03/18
ذكرى الثورة السّوريّة في بيروت: عن التضامن الإنساني
لا بد من طرح الأسئلة حول معنى "التضامن" في المنطقة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لعلّ أكثر الحجج التّي ينطلق بها أبناء معارضة اليوم، لتبسيط نفورهم وخلافهم مع الأنظمة العربيّة، وتحديدًا حكّام المشرق المنكوب، المستباح لكل من يرغب من محاور وأقطاب سياسيّة -اللهم عدا سكانها أنفسهم- هو اعتبار أن هذه الأنظمة كالإيراني والعراقي والسّوريّ واليمني وحتّى اللبنانيّ والفصائل الفلسطينيّة، وسائر الميليشيات المتفرّعة عن كل هذه الأنظمة، وعن محور "الممانعة"، بقيت وطغت وتوسعت واقترفت الفظاعات بحقّ شعوبها، على حساب القضيّة الفلسطينيّة وباسمها، مستخدمةً حال الفلسطينيّ كسلاح سياسيّ وساحة للمساومة على النفوذ والثروات أيضًا.

الآن، وبحلول الذكرى الثالثة عشر للثورة السّوريّة، وفي خضّم المذبحة التّي تُرتكب بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزّة، وجبهات "المساندة" التّي فُتحت في كل الدول آنفة الذكر، باتت هذه المقاربة وبالرغم من بدائيتها، تستدعي الوقوف عندها، واستذكارها، وتفنيدها وتعميقها، وطرح الأسئلة حول معنى "التضامن" في المنطقة، خصوصًا بعد 13 عامًا على انكشاف النتائج المبهرة لإيديولوجيا هذا المحور الذي سفك الدماء باسمها.

ندوة حواريّة
وتحت هذه الفكرة وفي مدارها، أقامت شبكة "مدى" ندوة حواريّة، بمناسبة الذكرى الـ13، مساء الأمس 17 آذار الجاري، في المقرّ العام للشبكة في الأشرفيّة. وهدفت لمناقشة التضامن كأداة للممارسة السّياسيّة، بوصفهم "منظّمين وملتزمين بالربيع العربيّ"، وخصوصًا في ظلّ التحركات القائمة في سوريا حاليًّا، والحالة التضامنيّة العامة مع فلسطين ردًّا على الإبادة في غزّة، ولطرح أسئلة حول تاريخ هذه القضايا، وتداعيات التضامن مع الثورة السّوريّة من لبنان، وتحديد دورهم ودور اليسار اللّبنانيّ في مواكبة التحولات الشعبيّة والنظاميّة الكبيرة في المنطقة.

والحوار، جرى بين كل من الكاتب علي مراد، ومقدمة البرامج التلفزيونية ديما صادق، والكاتب الفلسطينيّ -السّوريّ المعصتم خلف، والصحافي جان قصير، والمسؤول الإعلاميّ لمؤسسة سمير قصير جاد شحرور. وحضر الجلسة عددٌ من الشباب، فضلًا عن نشطاء سياسيين سوريين.

يُذكر أن إعلان الندوة، الذي نشرته سابقًا شبكة "مدى" على منصات التواصل الاجتماعيّ الخاصة بها، قد أثار بعضًا من البلبلة، وتحديدًا في صفوف المجموعات المعارضة واليساريّة نفسها، باعتبار أن بعض الوجوه التّي شاركت في الندوة، رغم أنهم نشطاء معارضون (من "النخب") للمنظومة الحاكمة ولحزب الله في لبنان، إلا أن ذلك لا يعني أنهم مخولون للقيام بندوة ومحاضرة عن الثورة السّوريّة، بحسب ما نُقل. وكان من الأجدى دعوة بعض الوجوه التّي كان لها نشاط فعليّ في أعمال الثورة وإتاحة حيز لها لمشاركة أفكارها، مع الحاضرين والإعلام.

أسئلة حول التضامن
واُستهلت الندوة، بمشاركة كل من المحاضرين، بسرد تجاربهم مع الثورة السّوريّة من موقعهم المهنيّ والوطنيّ والإنسانيّ، وأشارت ديما صادق في حديثها إلى الانتقال الجذريّ في مواقفها السّياسيّة إبان الثورة، واعتبرت أنها اللحظة التّي جعلتها تُعيد مراجعة كل انحيازاتها، من "مواطنة شيعيّة صالحة"، لناشطة تعرضت إلى صدمة ثقافيّة وسياسيّة، وغذتها بهذه المراجعة، وأكدّت أن مفهوم التضامن يختلف بين شخص وآخر، لكن شكل التضامن الإنسانيّ عادةً ما يكون ضيقًا أمام التضامن المصلحيّ. ووصفت نفسها من ضمن المجموعات التّي تتضامن مع الشعوب على هذا الأساس، المنطلق الإنسانيّ.

أما جان قصير، فتحدث عن تأثيرات الثورة السّوريّة على المجتمع اللّبنانيّ، أكان لمن تلقاها بصورةٍ إيجابيّة أم سلبيّة وتطرق إلى دور الإعلام وتحديدًا البديل في مؤازرة النضال الثوريّ حينها. وأكدّ أن اليوم وفي خضم المذبحة في غزّة، يجب مراجعة معنى ومفهوم التضامن، أكان مع السّوريّ والفلسطينيّ. وتحدث جاد شحرور، عند دور الإعلام في المجال التضامنيّ.

هذا وأشار علي مراد، إلى مفهوم التضامن في لبنان، على مدى السنوات الطويلة السّابقة، وحتّى لحظة قيام الثورة السّوريّة واليوم أمام المجزرة في غزّة، مستعرضًا المسار التّاريخيّ والتباين الثقافي والإيديولوجيّ والسّياسيّ والهوياتيّ في عملية التضامن، وغياب مفهوم المصلحة الوطنيّة أحيانًا. بينما تطرق المعتصم خلف، إلى تجربته مع الثورة بوصفه فلسطينيًا سوريًّا والعبء المضاف الذي تطرحه هذه الهوية على أصحابها خلال الثورة، مؤكدًا أن جيل الشباب المعارض اليوم، يمتلك امتيازًا في طرح أسئلة أعمق وأشمل، لفهم ماهيّة التضامن، ومواجهة هذه الأنظمة طرديًّا.

وتبع الجلسة، أسئلة للحاضرين، ومنهم من النشطاء السّوريين، الذين اعتبروا أن السبيل الوحيد لمعرفة أنماط التضامن مع الشعب السوري والفلسطينيّ، يستدعي فهم معنى التضامن، بالمعنى المُجرد ثمّ إلحاقه بالمعنى السّياسيّ والثقافيّ الأشمل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها