لم يكن في بال شقيق سميرة وخال هدى، الزميل سمير أيوب، أن الطائرات المسيّرة الإسرائيلية "ستخطىء الهدف"، كما زعمت إسرائيل، وهو الذي قصد بليدا، وتحديداً منزل شقيقته الشهيدة سميرة، لاصطحابها إلى عيناثا، ومن ثم إكمال الطريق إلى بيروت برفقة إبنتها هدى وبناتها الثلاث، هربأ من جنون القصف الإسرائيلي، الذي يعربد في بليدا وعيترون وعيناثا وجاراتها.. لم يكن في باله، أنه سيصاب بهذه الخسارة الفاجعة وأول من يشهد بعينيه احتراق أحبائه الأربع ووفاتهن، والشهيدة الحيّة هدى. فتمنى لو كان هو الشهيد لفدائهن بروحه، بعدما كان شهد الموت على نفسه أكثر من مرة، من العدو ذاته، الذي قارعه سنوات طويلة بين أودية وتلال الجنوب.
سطور العائلة
في سجل عائلة أيوب العيناثية، سطور طويلة من النضال والمقاومة، وعلى وجه الخصوص مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، الذي استهل بقريب سميرة، الشهيد علي حسن أيوب، الذي واجه هجوماً إسرائيلياً في قريته عيناثا ببارودته التشيكية عام 1972، يوم كان واحداً من عناصر الحرس الشعبي، الذي أنشأه الحزب الشيوعي اللبناني في أواخر ستينات القرن الماضي ليكون أول شهيد شيوعي في المقاومة، وأيضاً شقيق سمير وسميرة، جميل عبد الحسين أيوب، الذي قضى شهيداً في عدوان تموز- آب 2006 في ضواحي بلدته، التي قدمت في تلك الحرب وحدها أكثر من ثلاثين شهيداً وشهيدة، مدنيين ومقاومين.
بانتظار الأب
يوم عيناثا وبليدا وعيترون، التي اجتمع الحزن بها، كان يوماً آخر، وهو يوم قبل الوداع الأخير، والتحاف التراب، للشهيدات الأربع، سميرة الوالدة والجدة وريماس وتالين وآلين محمود شور، اللواتي ينتظرن قدوم والدهن من إفريقيا على جناح الطائرة، ليذرف عليهن دموع اللوعة والقهر والمصيبة، بعدما كان يأمل أن يستقبلهن مع والدتهن بدموع الفرح وبهجة اللقاء والعناق والنجاح المدرسي، الذي كان حليفهن في مدرسة راهبات الأقدسين في عين إبل القريبة من بلدتهن عيترون، خصوصاً ريماس التي كانت تستعد للشهادة المتوسطة، وتصطحب معها صور بطاقة الترشيح، التي تبعثرت حول سيارة والدتها المحترقة والمتفحمة، وتحولت إلى محجة لعشرات الصحافيين المحليين والعرب والأجانب، علهم يجدون بقايا ذخائر وأسلحة كانت بحوزة العائلة، كما ادعى وأشاع ذلك جيش الاحتلال الاسرائيلي.
على بعد مسافة قصيرة من هذه السيارة الشاهدة، استقبل سمير، الذي نجا من الموت، ليروي ما حدث، وشقيقه كامل، المعزين والوافدين والمتضامنين، بانتظار دفن شقيقتهما سميرة غداً في بلدة بليدا، وهي قرية زوجها، وانتظار قرار دفن الطفلات الثلاث، بعد وصول والدهن من الخارج.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها