الخميس 2014/07/17

آخر تحديث: 18:01 (بيروت)

دار الفتوى: مصر تبادر وقباني يستقوي بالأسد

الخميس 2014/07/17
دار الفتوى: مصر تبادر وقباني يستقوي بالأسد
مبادرة مصرية: إنتخاب مفت وعدم ملاحقة قباني وتأليف مجلس علمائي (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مع هدوء الجبهات الإعلامية في دار الفتوى بين فريق المفتي محمد رشيد قباني الذي تنتهي ولايته في منتصف أيلول المقبل، وفريق رؤساء الحكومات الحالي والسابقين، وبالتزامن مع الحرب القضائية والقانونية التي شنها المجلس الشرعي الذي يرأسه نائب الرئيس عمر مسقاوي، كانت الدبلوماسية المصرية تبحث لنفسها عن دور تحاول من خلاله تجنب ادخال الدار في متاهات الإنقسام والتشرذم.

لهذه الغاية حمل دبلوماسي مصري أفكاراً لم ترتق الى مستوى المبادرة إلى قباني. اجتمع به الأسبوع الماضي طارحاً مخرجاً من ثلاث نقاط تحت شعار "وحدة الصف والإبتعاد عن القسمة والتشرذم ومنعاً لإنتخاب مفتيين للجمهورية"، وإن كان أحدهم قانونياً وشعبياً والآخر من دون أي سند.

في الشق الأول من المبادرة إنتخاب مفت للجمهورية بعد دعوة رئيس الحكومة الهيئة الناخبة، وسحب قباني للدعوة التي أصدرها مدير الأوقاف هشام خليفة لإنتخاب مفت ثان بعد إدخال المجلس الذي يرأسه قباني تعديلات قانونية وضعت حق الدعوة لإنتخاب المفتي في يد مدير الأوقاف ووسعت الهيئة الناخبة.

في الشق الثاني من المبادرة، سحب الدعاوى التي رفعت بحق بعض الأفراد المحيطين بالمفتي على خلفية الفساد المالي والإداري واختلاس الأموال والتعهد بعدم فتحها وغيرها بعد رحيل قباني. أما الشق الثالث فهو تأليف مجلس علماء أعلى يضم قباني لكن صلاحياته لن تتعدى على صلاحيات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى بل سيكون دوره استشارياً ودينياً أو بمعنى آخر صورياً ـ شكلياً فقط.

في معلومات "المدن" أن المفتي لم يعارض هذا التصور لكنه وضع فيتو على الإسم المتداول والأكثر ترجيحاً لإنتخابه مفتياً بعد قباني وهو رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا القاضي الشيخ عبد اللطيف دريان الذي اتفق رؤساء الحكومات على اسمه وردد الرئيس سعد الحريري خلال لقاءات جدة الأخيرة اسمه أكثر من مرة، والذي يحظى بدعم 90 % من قضاة الشرع الذين يشكلون ثلث الهيئة الناخبة (40 قاضياً). الدبلوماسي المصري رأى، وفق المصادر، أن طلب قباني غير مبرر نظراً الى أن دريان مرشح طبيعي ومنطقي بحكم موقعه وحيثيته ومتوافق عليه ويحظى بدعم سياسي وكذلك ديني إضافة الى ترحيب أقليمي.


وعلى خط المبادرة، يبرز دور سوري واضح، اذ ان الدبلوماسي استاء خلال اللقاء مع المفتي من نجله راغب قباني الذي يعول على الدعم السوري خصوصا انه لم يخف أن بشار الأسد يدعم والده شخصياً وأنه يتحدث بإسمه، الأمر الذي دفع الدبلوماسي الى توجيه ملاحظات لراغب داعياً اياه الى خفض السقوف. أمام الدور السوري الذي لمسه الدبلوماسي كان لا بد من الإطلاع على الموقف مباشرة، فكان لقاء مع السفير السوري على عبد الكريم، طارحاً عليه المبادرة، فرد علي بعدم الممانعة.

على الجانب الآخر، لا تخفي مصادر المجلس الشرعي وجود مبادرة وأفكار من هذا القبيل. تؤكد أنه الى الآن لم يتواصل أي طرف مصري معها. ترفض الحديث عن قبول او رفض بما أنها لم تطرح بعد وبما أن كثراً يشككون بإمكانية نجاحها، إلا أنها تشير الى أن رؤساء الحكومة ليسوا مع خيار فتح ملفات المفتي ومن معه رغم الأخطاء والتجاوزات المالية والإدارية التي ارتكبها، وهم مع تأمين خروج لائق له حفاظا على موقع الإفتاء وليس على شخصه. لكنه في المقابل بدأ المفتي بفرض الشروط والتحدي عبر القرارات التي اتخذها مجلسه الشرعي ودعوته الى إنتخاب مفت جديد، وطلبه أن يكون له دور ما بعد رحيله، إضافة الى محاولة التدخل في اختيار المفتي المقبل وهو ما لا يمكن أن يمر لأنه ببساطة لا سلطة له على هذا الأمر كما انه ليس حتى عضوا في الهيئة الناخبة.

الحديث عن المبادرة المصرية الذي لم يصل رسمياً بعد إلى أروقة المجلس الشرعي، لا يحجب الإستعدادات المتسارعة للتحضير للمرحلة المقبلة. عضو المجلس محمد المراد يكشف عن تأليف لجنتين من أجل التحضير للإنتخابات بإنتظار دعوة رئيس الحكومة تمام سلام الهيئة الناخبة.

بالتوازي مع هذه التحضيرات، لا يزال المجلس يضغط بقوة لتطويق محاولة قباني إنتخاب مفت جديد. وبإنتظار قرار مجلس شورى الدولة في طعن المجلس الشرعي بقرارات مجلس قباني وبدعوة خليفة، تولى  القاضي عماد قبلان التحقيق في الدعوى المقدمة امام النيابة العامة التمييزية ضد اعضاء مجلس قباني بثلاث جرائم بينها انتحال الصفة، اذ من المتوقع أن تمثل الدفعة الأولى الإثنين المقبل بعد أن تم استدعاؤهم على أن يصار الى اتخاذ القرارات المناسبة.

وفي سياق الحرب المفتوحة، علم أنه بعد التقدم بطلب للتوسع في التحقيقات في دعوى مقدمة سابقاً ضد المدعو رشيد تنير وكل من يظهره التحقيق متواطئاً او شريكاً في جرم إختلاس أموال الأوقاف الإسلاميّة وتبييض أموال، لتشمل راغب قباني، صدر بحق التنير بلاغ بحث وتحرٍ بعد أن توارى عن الأنظار، كما ان النيابة العامة التميزية طلبت ابن المفتي للتحقيق معه لكنه امتنع عن التبلغ حتى انه منع الإخبار عن مكان إقامته، الأمر الذي دفع النيابة الى الإستحصال على كامل هويته واحالة الملف الى النيابة العامة الإستئنافية للإدعاء بالجرائم الموصوفة بحق المختلسين ومن يظهره التحقيق.

وبينما لا تخفي مصادر الشرعي إمكانية أن يظهر التحقيق ضلوع قباني شخصياً، تشير إلى أن الأخير يخوض معركته اليوم لأنه خائف من ملف الفساد هذا لأنه يتضمن تجاوزات مالية وإدارية وقانونية، ومن أن يلاحق قضائياً خصوصاً بعد أن وصلت الملاحقات القضائية الى الحلقة المحيطة به وإلى نجله.

increase حجم الخط decrease