شعر رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون بالغبطة. إستفاق صباح اليوم الأربعاء على خبر إنتظره وتوقعه قبل غيره. سمع بهدوء تغيير عدد من أركان الإدارة السعودية. لم يصدّق ربما بداية، فالخبر الأهم في التعيينات الجديدة بالنسبة إليه هو تنحية وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.
هو صباح الجنرال الربيعي، إذ يعتبر الآن أن إحدى العقبات الأساسية أمام وصوله إلى قصر بعبدا، أزيلت من طريقه، خصوصاً أنه لطالما أكد أن لا أحد في لبنان أو السعودية يضع "فيتو" على إسمه سوى الفيصل شخصياً، وهو كان ينتظر إزاحته من منصبه منذ تولّي الإدارة الجديدة في المملكة زمام السلطة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
مفاجأة الصباح سبقتها أخرى عصر اليوم الذي سبق. أثناء تلاوته مقررات إجتماع تكتل "التغيير والإصلاح" الأسبوعي، فجّر عون قنبلة سياسية بطريقة عفوية. بدأت الغرابة مع تلاوته المقررات شخصياً. لم يفعل ذلك منذ مدة طويلة. وهو عادة لا يفعلها إلّا إن كان ما يستدعي ذلك. بدا منفعلاً ومنزعجاً. ومن فرط الإنفعال، ردّ بعصبية، على سؤال حول موقفه حلفائه من التمديد للقادة الأمنيين، بالقول: "لست هنا لأناقش مواقف حلفائي، هذا قراري أنا، من أراد أن يسير معي فأسير معه ومن أراد أن يتركني سوف أتركه، طفح الكيل وبلغ السيل الزبى".
لا يحتاج الموقف إلى تأويل أو تحليل. الأمور واضحة. ضاق عون ذرعاً بحلفائه، ولم يعد يستطيع تقديم هدايا مجانية، فيما الحلفاء الذين يعول عليهم لا يقدمون سوى الوعود تلو الأخرى.
على الرغم من الوضوح، ترفض مصادر التكتل تحميل الأمور أكثر مما تحتمل. تعتبر لـ"المدن" أن "ما قاله عون يندرج في سياق التعبير عن موقف معين، وهو ليس فضاً للشراكة مع أحد، ولكن لا بد من وضع النقاط على الحروف". واذ ترفض الدخول في التفاصيل أكثر، لا تخفي وجود تباين في وجهات النظر بين الحلفاء، وخصوصاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتقول: "نحن لم نتخل عن حلفائنا، وقدمنا لهم الغالي والرخيص، وحان الوقت ليراعوا مطالبنا، وهي تتخطى المطالب الشخصية"، قبل أن تذكر بـ"التمديد للمجلس النيابي"، و"القانون الأرثوذكسي" و"مسألة التمديد للقادة الأمنيين".
بالنسبة لأحد المقرّبين من عون فإن الأمور تتخطى كل هذه المسوغات. يشير لـ"المدن" إلى أن المسألة الأساسية هي الإنتخابات الرئاسية، وإن كان حلفاء عون يدعمونه عبر تعطيل وصول أي شخص غيره إلى بعبدا، لكن "ذلك لا يكفي" بالنسبة للجنرال، فهو لم يعد يستطيع الإنتظار ولا بد من خطوات عملية لإتمام ذلك.
لعل هذا هو فحوى رسالة عون الغاضبة إلى الحلفاء. تنسجم هذه القراءة مع قراءة أحد المصادر المقرّبة من "حزب الله"، التي تقول لـ"المدن" إن "العماد عون يريد رئاسة الجمهورية بأي ثمن، وهو يرفض التمديد بغية ذلك"، لكنها تلوم عون على "مساهمته في توتير الأجواء مع الرئيس برّي الذي دعمه ويدعمه في كل معاركه".
كل ذلك يقود حكماً إلى قيادة الجيش. ربما هي محاولة التفاف واستباق لأي قرار، خصوصاً أن عون يريد عرقلة التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي، أو في أقصى الحدود بيعها مقابل أي شيء آخر.
عموماً، تبقى الرسالة الأبلغ، تلك التي وجهها إلى "حزب الله". وإن كانت، ليست واضحة تمام الوضوح بعد، لكن أحد السياسيين البارزين، يشير، عبر "المدن"، إلى أن عون يقرأ في الإستنزاف الإيراني في المنطقة، في مقابل القوة السعودية الصاعدة، والميدان السوري مؤخراً سيكون كتاباً معمماً على الجميع لقراءته، خصوصاً أن هذه التطوارت تنضم إلى أمل جديد لدى عون بالحصول على ضوء أخضر سعودي بعد مرحلة "فيتو" الفيصل، ولذلك يترقب أكثر من سياسي مخضرم حركة عون، وتحديداً في إتجاه السعودية في الأيام المقبلة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها