حشودٌ شعبيّة من الجمهور الأزرق، تقاطرت إلى باحة المركز لاستقبال الحريري في مهرجانٍ شعبي ليعلنوا فيه الولاء والدعم للائحة تيّارهم. وإن كان هذا الحشد لم يرتقِ في عدده إلى المستوى الذي يطمح اليه المستقبل، إلا أنّ الاستعراض في شوارع المدينة، الذي سبق موعد الإعلان، طغى على المهرجان نفسه.
مواكب سيّارة ودرجات ناريّة وشاحنات وباصات، تصول وتجول في المدينة رافعةً أعلام التيّار على وقع الأغاني الحماسيّة المؤيدة لـ"الشيخ سعد". للوهلة الأولى، أوحى المشهد كأنّ طرابلس كلّها زرقاء. لكنّ حشد المواكب من عكار والمنيّة والضنيّة، إلى جانب شائعات عن أنّها مدفوعة الأجر، أثار الشبهات وعلامات الاستفهام مع قطع الطرق وبعض الإشكالات مع القوى الأمنيّة.
لم يكن خطاب الحريري على قدر المتوقع. وهو إن بدا عاطفيّاً وشعبوياً أكثر من كونه يقدم برنامجاً واضح البنود والأهداف لمدينة غابت عنها المشاريع الإنمائيّة عقداً كاملاً، ركز خلاله على تصويب السهام نحو خصميّه اللدوديّن، رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي والوزير السابق اللواء أشرف ريفي.
بدأ الحريري خطابه سائلاً الحشود: "هل تعرفون ما أجمل شيء في الانتخابات؟ أني أقف هنا في وسط المثلث الذهبي، الذي اسمه طرابلس- المنية- الضنية". ومن هذا المثلث الذي يبدو في واقعه منكوباً وليس ذهبياً، وجّه الحريري تحية شكرٍ وإخلاص إلى النائب محمد الصفدي الذي استقبله في مركزه بعدما وضع ماكينته الانتخابيّة بتصرف المستقبل إثر عزوفه عن الترشح، ولأنّه تبرأ من "حكومة الصفر في المئة التي عطّلت المشاريع التي كانت جاهزة"، أيّ حكومة ميقاتي.
ردّ الحريري على استفزاز ميقاتي له حين وصفه بـ"الغريب" عن طرابلس، خلال مهرجان إعلان لائحة العزم، وأنّ طرابلس ترفض الوصاية على قرارها. وفضّل الحريري عدم النقاش في مفهوم الوصاية، واصفاً ميقاتي من دون أن يسميه بـ"خبراء وصاية وشركاء وصاية وممثلي وصاية".
استمر الحريري باللعب على وتر "من لا ينتخبنا ينتخب حزب الله". توجّه برسائل مشفرة عبر جمهوره "إلى من يريد تسليم قرار طرابلس والشمال إلى جماعات الممانعة وعاد به الحنين إلى زمن الوصاية، عليه أن يعرف أن زمن الإستيلاء على قرار الشمال والإستقواء بالمخابرات والسلاح لن يعود".
كذلك ريفي، لم يسلم بوصف الحريري له ساخراً "بطل العالم"، الذي "يغرقنا ليلاً نهاراً بتقارير وتخوين ومؤمرات". حاول الطعن بعداء ريفي لحزب الله، سائلاً: "لماذا كل لوائحك، تخوض الانتخابات في مواجهة لوائح المستقبل وتحديداً بمواجهة مرشحي المستقبل؟".
وفي ما يخصّ ملف الموقوفين الاسلاميين، أعطى الحريري وعداً خلال اجتماعه مع وفدٍ من أهالي الموقوفين في فندق الكواليتي إن أن الحلّ سيكون قريباً بعدما أنجزت مسودة القانون، وأنّ العمل جارٍ على إقرار قانون في القريب العاجل حيث من المفترض أن يقر خلال 10 أيام، من دون تحديد إذا كان سيشمل جميع الإسلاميين، وهو ما دفع الأهالي إلى التعبير عن استيائهم.
في الواقع، جاء خطاب الحريري في دائرة المواجهة الأصعب على التيّار، كأنّها إعلان رسمي لمواجهة "لوائح بشار الأسد وحزب الله"، وهو ما يردده أنصاره. هذا النهج الخطابي لقي امتعاضاً واستياءً كبيريّن لدى غير المستقبليين، الذين وجدوا أنفسهم في دائرة التخوين والاتهامات الباطلة. وهو ما دفع إلى فتح سجالاتٍ حادة على صفحات التواصل الاجتماعي فور انتهاء الحريري من خطابه، حول التنازلات التي قدمها الحريري لحزب الله من أجل بقائه في السلطة، واستعادته وعود الإنماء التي لم يحقق منها شيئاً، وصولاً إلى اتهامه بالتحول من تيّار سياسي إلى تيّار سلطوي يستخدم قوّة السلطة والأمن مع شعارات الوفاء والتخوين في حملته الانتخابيّة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها