لا يفوّت الإيرانيون فرصة إلا ويثبتون فيها أقدامهم في سوريا والمنطقة ككل. في ظل التلويح بالقضاء على الوجود الإيراني، أو تحجيم نفوذ طهران في سوريا، يخرج الإيرانيون مفاجأة عسكرية يثبتون من خلالها أنهم الأكثر قوة على الأرض، وأنهم أكثر من يستفيد من الخلافات الأميركية- الروسية. يقول قيادي في حزب الله إن اسقاط الطائرة تطور كبير يفرض معادلة ماذا بعد هذه العملية، بمعزل عن توقيتها. المعادلة القديمة التي كانت تقوم على أن يوجه الإسرائيلي ضربات إلى محور الممانعة في سوريا، من دون تلقيه أي ردّ سقطت. بالتالي، أي ضربة سيشنّها طيران العدو ستكون عرضة للردّ. لكن الردّ هذه المرّة، وفق القيادي، جاء أكبر مما كان متوقعاً من قبل الإسرائيليين، إذ كانوا يضعون في حساباتهم أن الردّ قد يكون على شكل ضرب أهداف أو مواقع إسرائيلية.
أما الردّ على الضربات باستهداف الطائرات فهو تطور كبير، هز بنظرية التفوق الجوي. بالتالي، فإن المعادلة الجديدة تقوم على أن الطيران الإسرائيلي قابل للتعرض للقصف مجدداً لدى إغارته على أهداف في سوريا.
يؤكد حزب الله أن المحور الذي ينتمي إليه يزداد قوة يوماً بعد يوم. وهو يثبت ذلك بشكل واقعي وميداني. فيما المحور الآخر يحاول القتال للحفاظ على قوته ومواقعه. ولا شك أن الأمور تغيّرت بشكل جذري، إنطلاقاً من المشهد السوري، الذي أصبح كلياً في يد الروس والإيرانيين. وعلى المستوى الإستراتيجي، أصبحت المعادلات مفهومة. أما على المستوى السياسي، فإن الحلول مستبعدة حالياً. أما على المستوى العسكري، فلا يوجد أي تطور ينبئ بحرب مقبلة. ما سيسعى إليه الإسرائيلي هو إعادة تثبيت قواعد الإشتباك، وفق ما كانت عليه قبل اسقاط الطائرة.
يلخّص حزب الله كل الأهداف الإسرائيلية بضرورة إبعاد الإيرانيين وحزب الله من الجولان بمسافة 40 كيلومتراً. وهذا المطلب يتعزز أكثر بعد اسقاط هذه الطائرة. ويعتبر الحزب أن روسيا لم تعد مضطرة للتجاوب مع الإسرائيليين في هذه المرحلة. ويكشف القيادي في الحزب أنه منذ فترة أتخذ قرار الردّ على الإسرائيليين، وهو لا يرتبط بمعادلات سياسية، ولم يكن هناك توقيت مدروس أو خاص لهذه العملية. لكن أهمية التوقيت تأتي بعد إتخاذ القرار بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والجدل بشأن الجدار في جنوب لبنان والبلوك رقم 9.
يستبعد حزب الله كثيراً ذهاب الإسرائيليين إلى حرب. ويرى أنه لم يكن من الممكن حصول هذه العملية بلا موافقة الروس. ينعكس هذا الكلام على الأرض تجاذباً روسياً- أميركياً. وهذا التجاذب ظهر في أكثر من مكان، سواء بإسقاط الطائرة الروسية، أو إستهداف الأميركيين لقوات الدفاع الوطني، الذي كان رسالة أميركية إلى الروس بوجوب عدم تخطّي شرق نهر الفرات. هذا المشهد هو عبارة عن حرب بالنقاط وليس حرباً شاملة.
حتى الآن لا تزال سوريا هي الساحة، ولبنان بعيد من هذه التطورات بنسبة كبيرة. لكن بإمكان لبنان الإستفادة منها، والإمساك بورقة تفاوض قوية بعد اسقاط الطائرة. وهذه الورقة يمكن رفعها بوجه وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، الذي سيزور لبنان، الخميس في 15 شباط.
يعتبر الحزب أن تيلرسون سيطرح وساطة لحلّ أزمة الجدار والبلوك رقم 9. وهو يضغط للإستجابة إلى وساطته منطلقاً من التفوق العسكري الإسرائيلي. أما اليوم فهذه المعادلة سقطت. واليوم إذا أطلق الجيش اللبناني النار على الإسرائيليين حتى ولو بالهواء، لمنعهم من بناء الجدار، فبماذا سيرد الإسرائيليون؟ كانوا يرتكزون على قوة الطائرات، لكن هذه القوة أصبحت مهددة. ويعتبر حزب الله أن حلّ مسألة البلوك مرتبط بتوفير مظلة الحماية للشركات لتبدأ بعمليات التنقيب. أما الجدار، فالخلافات على بضعة أمتار والإسرائيلي سيتراجع عن هذه النقاط لتجنّب الصدام.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها