مشهديّة التقارب بين الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي، التي بدأت منذ نحو سنة عقب انتهاء الانتخابات البلديّة، بدأت تطرح تساؤلات في الأوساط الطرابلسيّة، عن احتمال ترجمته بتحالفٍ انتخابي مُقبل. الطرح لم يأتِ من عدم. ثمّة مصلحةٌ مشتركةٌ يلتمسها الرأي العام بين الرجليّن، في مواجهة تيّار المستقبل، وتحديداً رئيس الحكومة سعد الحريري، خصمهما المشترك.
الوقائع تشي بغير ذلك. فـ"التحالف" الإنمائي بين ميقاتي وريفي، لم يُترجم حتّى الآن تحالفاً انتخابياً. لكنّ استثماره السياسي لن يكون بعيداً.
ينطلق ريفي في حوارٍ مع "المدن"، من طبيعة العلاقة التي تربطه بالرئيس ميقاتي. فـ"على المستوى الشخصي تربطنا علاقة طيّبة. وعلى المستوى السياسي، لكلٍّ منّا توجهه وخطابه المختلف عن الآخر. لكن أخيراً، جرى تراسل بيني وبين الرئيس على التعاون في الانماء في إطار البلدية وخارجها، فكان ذلك موضع قبولٍ وإيجابيّة".
"وثيقة الشرف" التي طرح ريفي إعدادها بين كلّ سياسيي طرابلس، للالتزام بتحييد العمل الانمائي عن العمل السياسي، أدت إلى ترسيخ فكرة "التعاون الإنمائي" مع ميقاتي. "صحيح أن التعاون الانمائي لا يعني تعاوناً انتخابيّاً، لكن، هناك استفادة سياسيّة حُكماً، ستنعكس نظرةً إيجابيّةً بين الفريقيّن وفي المردود الشعبي"، يقول ريفي.
لا تختلف أوساط ميقاتي بـ"إيجابيتها" تجاه ريفي. وفي اتصالٍ مع "المدن"، يشير مستشار ميقاتي الدكتور خلدون الشريف، إلى أنّه منذ انتهاء الانتخابات البلديّة التي فاز فيها ريفي بأغلبيّة المقاعد، اعتبر الرئيس ميقاتي أنّ على الجميع العمل من أجل طرابلس.
وفي حينها، زار ميقاتي البلديّة، ووضع نفسه في تصرفها، على أن تكون مشاريعها "مقنعة". فـ"نحن لسنا من الذين يعملون وفق أجندة إضعاف خصمنا، إنّما ندعمه إذا كان عمله جيداً. واللواء ريفي، طرح 3 مواضيع انمائيّة. في الكهرباء، وسبق لنا أن قدمنا تراخيص شركة نور الفيحاء، وعند حصولنا عليها نرحّب بكلّ من يريد أن يشتري أسهماً. في مستشفى القلب، لا يزال التعاون قيد الدرس. وفي البلديّة، أبدينا كامل جهوزيّتنا للتعاون الانمائي"، وفق الشريف.
يضيف الشريف: "لم يحصل نقاش في الانتخابات بعد، لأنّه في هذا القانون الانتخابي من مصلحة كلّ جهة أن تخوض الانتخابات منفردةً. بالتالي، فإنّ الحديث عن تحالفات انتخابية غير مفيد. لكنّ، التبريد في السياسة وفكّ الاشتباك بين ميقاتي وريفي، هو لمصلحة طرابلس وأهلها".
ريفي وخريطة التحالفات
في الحديث عن خريطة التحالفات التي يُعدّها ريفي للمرة الأولى، يشير إلى أنّه يعمل على تقديم نفسه، كـ"قوّة تغييرية" ومعارضة ورافضة للقوى التقليديّة ومنطق الدويلة والفساد. "الانتخابات ستكون الاختبار الأساسي لنا. ولا شكّ أننا نرى قبولاً من جيل الشباب الذي يؤمن بمشروعنا. فإذا قبل الناس طرحنا، سنحمل هذه الأمانة إلى المجلس النيابي ونخوض المعركة على أساسها. أمّا إذا كانت النتيجة معاكسة، فسننسحب احتراماً لنتائج صناديق الاقتراع".
حُلفاء ريفي "هم القوى السياديّة والمدنيّة"، وفق تعبيره. "سنتحالف مع القوى السياسية التي تشبهنا". فـ"التواصل مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون والقوى الشيعية الخارجة من قبضة حزب الله لا يزال مستمراً، بغية تأسيس قوّة سياسية معارضة ذات مشروع سيادي".
وعن الشائعات بشأن أزمته الماليّة وعدم دفع مستحقات الموظفين وخلافات داخل فريقه، يؤكد ريفي أنّه "ليس مشروعاً مالياً"، ولم يقدم نفسه على هذا الأساس. يضيف: "لا أتلقى تمويلاً مالياً من السعودية والإمارات كما يشيع البعض. هناك 5 لبنانيين يؤمنون بخطي ويساهمون في تمويلي، جزء منهم يمرّ بضائقة ماليّة، انعكست على المساهمات التي نقدمها. لكنّ، الأمور تتجه نحو الحلحلة. أمّا العلاقة بين شبابنا، فهي مبنيّة على التنافس والتمايز. وهذا طبيعي داخل كلّ فريق أو تيّار، وأنا راضٍ عن واقعي".
ويحمّل ريفي العهد الجديد مسؤولية تطيير الانتخابات الفرعية، وهو يعتبر أن هيئة الإشراف على الانتخابات غير محايدة، لأنّها انعكاسٌ للسلطة ورغباتها. "هذا العهد في أول انطلاقته، ولم يُجرِ استحقاقاً انتخابياً واحداً متجاوزاً النصّ الدستوري. وهناك مناورات لتطيير الانتخابات العامة والتمديد للمجلس مرّة رابعة بحجة البطاقات والاجراءات التقنيّة".
مشروع حزب الله
يعترف ريفي أن التحديات لم تعد سهلة، في مواجهة "المشروع الإيراني وحزب الله، بعد صفقة جرود عرسال". لكنّ، التبرير تحت حجّة "الواقعية" ليس مبرراً. "سنبقى نرفض إعطاء شرعية لحزب الله، وهذا ليس تنظيراً. فالسلاح الفلسطيني هيمن على البلد ثم غادر، والاحتلال الإسرائيلي غادر، والوصاية السورية غادرت. كذلك، سلاح حزب الله لن يدوم".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها