لم يمرّ إعلان شركة كوكاكولا في مدينة طرابلس على خير. فهذا الإعلان، الذي عُلّق على عددٍ من اليافطات الكبيرة، وفيه رجلٌ وامرأة يتقابلان وجهاً لوجه وتتوسطهما زجاجة كوكاكولا، أقدمت البلدية على إزالته من أمام مسجد التقوى، بطلبٍ من هيئة علماء المسلمين التي اعتبرته "يخدش الحياء". ما ولد جدالاً واسعاً بين مؤيدي القرار البلدي ومعارضيه.
خطوة البلدية أثارت ضجّة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ صوّب المعارضون سهامهم على هيئة العلماء، واعتبروها تحاول فرض سلطتها باسم الدين على المدينة، وتجاري سلوك حزب الله في قمعه مظاهر التحرر والحياة في الجامعات والمسابح في مناطق الجنوب.
ورغم أنّ إزالة إعلان كوكاكولا أثار جدلاً افتراضيّاً من دون تسجيل اعتراضٍ شعبيٍّ على الأرض من أهالي المدينة، يمكن أن تطرح الأسئلة بشأن تقييد السوق الإعلانية والإقتصادية في طرابلس، وهي عاصمة لبنان الثانية التي من المفترض أن تنعم بنمطٍ مدني ومتنوّع بين الطوائف.
لكن قرار البلديّة ليس الأول من نوعه. ففي العام 2014، أصدرت بلدية طرابلس في عهد رئيسها السابق نادر غزال، قراراً مماثلاً بإزالة إعلانات للمشروبات الروحيّة انتشرت في شوارع المدينة، وكُتب عليها "أهلا ببيرة الريّس"، لأنّها "خالفت شروط النشر"، وانطلقت من بعدها حملة "طرابلس خالية من الكحول".
ويشير مسؤول العلاقات الإعلامية في بلدية طرابلس سميح حلواني، لـ"المدن"، إلى أنّه في عهد الرئيس السابق رشيد جمالي، صدر مرسوم ينصُّ على منع نشر الإعلانات المخلّة بالآداب العامة التي تتعارض مع ثقافة المدينة وأعرافها، و"نحن كبلدية يحقّ لنا إزالة هكذا إعلانات". فـ"أيّ شركة تأخذ إذناً مسبقاً من هيئة الرقابة في الأمن العام لنشر إعلاناتها، لكن يبدو أن دورها لم يعد مُفعلاً. رغم ذلك، أزالت البلدية يافطتين من أمام مسجد التقوى، بينما بقيت يافطات كوكاكولا الأخرى منتشرة في شوارع طرابلس".
يضيف حلواني: "الحملة الموجهة ضد هيئة العلماء مبالغٌ فيها، ونحن لبّينا رغبتها مثلما نلبّي طلبات باقي هيئات المجتمع المدني. فطرابلس مدينة محافظة وعلى المُعلنين أن يأخذوا بالاعتبار هذه الناحية التي لا تتعارض مع صيغة العيش المشترك، بل هي إلتزام منّا بالأخلاق والمبادئ التي تربينا عليها في المدينة".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها