الأربعاء 2016/03/16

آخر تحديث: 09:20 (بيروت)

عون للمسيحيين.. عودوا إلى خيار الفدرالية!

الأربعاء 2016/03/16
عون للمسيحيين.. عودوا إلى خيار الفدرالية!
عون يبحث عن فدرالية طوائفية (تصوير: ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

قبل عقود خاض لبنان تجربه السياسية – الأمنية بقساوة. 15 عاماً كانت كفيلة برسم إطار عام لما يمكن أن يتحقق في هذا البلد، وما لا يمكن أن يتحقق. سبق في تجربته هذه المحيط العربي، الذي يتخبط اليوم، باحثاً عن هوية كيانية للدولة المتعددة عرقياً وطائفياً، مثل سوريا والعراق.


وصل اللبنانيون إلى جملة من الثوابت المفروضة بقوة الجغرافيا والديمفوغرافيا، لا يمكن تجاوزها، ولا تحييدها، في سياق البحث عن هوية هذا الكيان. وسقطت سريعاً طروحات الفدرالية، التي رفع رايتها اليمين المسيحي، بفعل الواقع، وبفعل العجز، وعدم القدرة على احياء كيان يمتد من "كفرشيما إلى المدفون".


 دولة الـ10452 كلم، إجتازت مرحلة الإختبارات، إلى مرحلة أكثر ثباتاً، تجسدت في المقولة الشهيرة: "أكبر من أن يبلع وأصغر من أن يقسم"، وهي بالمناسبة إحدى المقولات التي يجمع عليها كل أطراف الداخل اللبناني.


 بالأمس قال رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، في سياق كلمة أعم عن الوضع المسيحي، ما مفاده أن توزع الطوائف المسيحية، على كل الأراضي اللبنانية، أدى إلى خسارة هذه الطوائف "المناصفة" إنتخابياً، وتالياً سياسياً، ليعيد النقاش القديم -  الجديد عن صحة التمثيل.


ما قدمه عون، منذ طرح قانون "اللقاء الأرثوذكسي"، يشير إلى ان "جنرال" الرابية، بغض النظر عن موقفه من اتفاق "الطائف"، يسعى الى تكريس ما هو حاصل اليوم، سلباً، أي الإنتقال من الحالة التي أفرزها "الطائف" على صعيد المحاصصة الطائفية، إلى حالة راسخة أكثر، مستنداً في ذلك الى أخطاء المرحلة الممتدة منذ العام 1990.


لاشك أن التحولات في المنطقة، تدفع عملياً كل طائفة الى البحث عن ملاذ آمن لها، وهو بالمناسبة ما بات واضحاً في النقاشات السياسية، خصوصاً أن لبنان يرى نفسه جزءاً من قلق هذه المنطقة، وما يحكى عن اعادة رسم للخرائط والحدود والكيانات.


يدرك عون بناء على ذلك، أن ما يطرحه يلقى صدى في الشارع المسيحي القلق والخائف، بين الطائفة السنية، والطائفة الشيعية، خصوصاً أنه في السنوات الأخيرة المتزامنة مع الأزمة السورية، عاد الحديث بقوة الى الشارع المسيحي، عن "جبل لبنان"، بوصفه خياراً يحيد المسيحيين عن النيران المشتعلة من حولهم، وعن أي صراع آخر في الداخل اللبناني بين السنة والشيعة.


طرح "جبل لبنان" لا يرقى الى مستوى الجدية السياسية، لكنه كاف ليعبر عن واقع وقلق معاش. وما لم يتحقق بشعارات تاريخية، نجح التقارب "القواتي" - "العوني" في تحقيقه، عبر تحييد الساحة المسيحية عن الصراع، لكنه في المقابل أدخلها في ورطة البحث عن صيغة تحقق ظفراً مسيحياً، لا وطنياً، بدءاً من مجلس النواب وصولاً الى كرسي بعبدا.


منذ أشهر طويلة، وتحديداً منذ الشغور الرئاسي، دخل لبنان في مرحلة البحث عن هويته الكيانية، التي تخوضها بعض التيارات المسيحية من بوابة شعار "تحصيل حقوق المسيحيين"، من دون أي مقاربة جدية لما يمكن لهذا المدخل أن يشكله من خطر على الواقع السياسي الحالي للمسيحيين. ودفع عون في خطابه الأخير بوضوح الجميع الى خانة البحث عن هذه الصيغة، باعتراف ضمني بأن الفدرالية الجغرافية غير ممكنة، وبالتالي الإنتقال إلى صيغة أوضح لفدرالية الطوائف.


ما تقدم به عون لا يبدو جديداً بالنسبة الى أكثر من طرف سياسي في الداخل اللبناني، خصوصاً الثلاثي، الرئيس سعد الحريري – رئيس مجلس النواب نبيه بري – رئيس "اللقاء الديقراطي" النائب وليد جنبلاط، الذي كان رأس حربة اسقاط مشروع "اللقاء الأرثوذكسي" الإنتخابي الممهد حكماً لصيغة مستقبلية تنسف كل الإصلاحات السياسية التي يتحدث عنها "الطائف"، ويفتح الباب أمام صراع سياسي، وربما أمني لبحث الطوائف عن مكان لها في التركيبة السياسية.


عندما طرح مشروع "اللقاء الأرثوذكسي" الإنتخابي، تحدث مروجوه عن مبدأ "التمثيل الصحيح"، يومها وفي جلسة سياسية، ضمت بعض النواب، غمز أحدهم سياسياً ليسأل عن المعنى العام للتمثيل الصحيح، وكان يومها يقصد أن "الطائف" حقق مكسباً سياسياً رئيسياً للطوائف المسيحية عندما أوقف العد، وتحدث عن المناصفة، وليخلص الى أن فتح البازار الدستوري، قد يدفع البعض الى المطالبة بـ"التمثيل الصحيح" بمعناه الأصلي، وليختم بسؤال عن الجهة التي تقود اليها بعض الأحزاب والتيارات الشارع المسيحي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها