خمس وزارات مستحدثة في الحكومة الجديدة. ربما، ما دفع الرئيس الحريري إلى اختيار هذه الوزارات الجديدة من دون إعطائها حقائب يأتي لتجنّب "البطالة الوزارية المقنّعة" عبر تسمية ستة وزراء سيكونون بلا عمل، فتم اختراع لكل وزير عنوان يعمل عليه، ولكن بدون وزارة، وبدون خطة أو موازنة معينة حتى الآن ستخصص لكل وزير بهدف الإنكباب على دراسة الملفات التي أوكلت إليه.
يقول أحد الوزراء إن الوزير هو من يصنع وزارته، وليست الحقيبة هي التي تصنع الوزير. بالتالي، فإن عدداً من وزراء الدولة الجدد يبدون حماستهم لإثبات جدارة معينة في العناوين التي منحت لهم. وذلك عبر إعداد دراسات تحدث فارقاً في الأزمات التي يعاني منها. في سياق اهتمام الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري بمسألة اللاجئين، تم استحداث وزارة دولة لشؤون النازحين، وسمّي لها معين المرعبي، الذي لديه سجلّ حافل في العمل الإغاثي خاصة في الشمال وعكار. فيما أصر عون على استحداث وزارة دولة لشؤون الفساد، وأخرى لشؤون رئاسة الجمهورية، مقابل تسمية الحريري وزارتي المرأة وحقوق الإنسان. وكذلك تم إرضاء الوزير ميشال فرعون بوزارة دولة لشؤون التخطيط بدلاً من وزارة السياحة.
عملياً، حتى اللحظة، هذه الوزارات بلا برامج عمل واضحة، وبلا أي موزانة، فيما سيكون عملها مرتبطاً وفق الانتماء السياسي لكل وزير، أي أن وزير الدولة لشؤون الفساد، سيكون من فريق عمل رئيس الجمهورية، الذي يرفع راية محاربة الفساد، فيما وزير الدولة لشؤون المرأة سيكون عمله مرتبطاً برئيس الحكومة، الذي كان ينوي استحداث حقيبة لهذه الوزارة لكنه لم يفلح.
وكما أن لا موازنة لهذه الوزارات، ليس هناك من مكاتب لها، فإن كل وزير من هؤلاء سيداوم في أحد المكاتب المستأجرة من مجلس الوزراء، أو سيتم تخصيص مكاتب لهم في السراي الحكومية. وهذا الأمر متروك لرئاسة الحكومة.
ولكن، ماذا في استطاعة هؤلاء الوزراء؟ لا جواب واضحاً، ولا مهة واضحة، فيما أقصى ما يمكن أن يفعلوه هو تقديم إستشارات للحكومة وللوزارات الأخرى. فمثلاً، في إمكان وزير الدولة لشؤون النازحين التنسيق مع وزارات التربية والشؤون الاجتماعية والصحة بهدف توفير ما يحتاج إليه اللاجئون. وفي إمكانه إعداد خطط لكيفية تنظيم إقاماتهم وطريقة معيشتهم وموارد رزقهم، لكن هذا يحتاج إلى مكتب عمل ومكتب استشاري يعدّ الدراسات. وهذا غير متوافر بعد، ومن غير المحسوم إذا ما كانت الموازنة ستشمل هذه الوزارات. وكذلك بالنسبة إلى وزارتي مكافحة الفساد، وشؤون المرأة، اللتين ليس في امكانها سوى تقديم دراسات وآراء استشارية تخص المواضيع التي تأتي في سياق وزاراتهم.
فيما تبقى الوزارة المستحدثة الأبرز، هي وزارة التخطيط، نظراً للإسم الذي أطلق عليها. فقديماً كان في لبنان وزارة للتخطيط، وهي إحدى أهم الوزارات التي مرّت بتاريخ تشكيل الحكومات في البلد، خصوصاً أنها كانت تعد الخطط التنظيمية والمدنية، وهي التي وضعت تصاميم عديدة للمنشآت والوزارات والإدارات في شتى المجالات، ولاحقاً ألغيت وزارة التصميم لمصلحة مجالس تحاصصية، تم تقسيمها على الطوائف والمذاهب، كمجلس الجنوب، صندوق المهجرين، ومجلس الإنماء والإعمار.
ومن المؤكد حتى الآن، أن وزارة التخطيط لن تكون على شاكلة الوزارة الملغاة، لأنها خالية من أي كيان إداري أو تنظيمي، قادر على وضع الخطط، حتى أنه لم يحدد بعد في أي مجال ستهتم هذه الوزارة. وعليه فإن هذه الوزارات الخمس المستحدثة، تبقى بعناوين بلا مضامين، وخالية من أي وظيفة عملية، وما تحتاج إليه هو وضع إطار وأسس لميدان عملها، بهدف تفعيلها، وقبل ذلك ستبقى العناوين حبراً على ورق.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها