ادارة الرئيس باراك أوباما تكذب في كل كلمة تقولها في الشأن السوري، فيما الأمم المتحدة منحازة بالكامل لروسيا وايران والرئيس السوري بشار الأسد، او هذه هي على الأقل حصيلة الاسبوعين الماضيين اللذين حاولت الأمم المتحدة خلالهما انقاذ ماء وجه مجلس الأمن الدولي، وقراراته “الملزمة” وجدوله الزمني للأزمة السورية، فأصرّت على عقد مفاوضات سورية، وزار وزير الخارجية الاميركي جون كيري الرياض، والتقى المعارضين السوريين، وحاول لي ذراعهم بتهديدهم بوقف المساعدات الاميركية الانسانية للاجئين السوريين ما لم يشاركوا في المفاوضات.
وعندما حاولت المعارضة انتزاع ضمانات من المسؤول الاميركي، اجابها “حليفها” بنفس العبارات التي يرددها في العلن، لناحية ان مصير الرئيس السوري بشار الأسد يحدده السوريون.
لم يحترم كيري عقول السوريين، ولا عقول متابعي الأزمة السورية، فجزء لا بأس به من المساعدات الانسانية للاجئين السوريين يذهب الى “الهلال الاحمر السوري”، الذي يديره نظام الأسد، وهو ما حمل قطر والسعودية على التقنين في تبرعاتها في المؤتمرات الماضية التي عقدتها الامم المتحدة لجمع التبرعات للاجئين السوريين.
ثم عندما يقول كيري ان مصير الأسد يحدده السوريون، هل يعني ذلك ان المقاتلات الروسية وضباط “الحرس الثوري الايراني” هم ايضا جزء من هؤلاء “السوريين” الذين يعملون على تحديد مصير الأسد؟ ام ان المسؤول الاميركي، بقوله ان مصير الأسد يحدده السوريون، يكرر عبارة تافهة دأب على تردادها المسؤولون الروس والايرانيون على مدى الاعوام الماضية؟
استخفاف كيري بالمعارضة السورية و”داعميها”، الذين اتهمهم مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا سيتفان ديمستورا في رسالته الى مجلس الأمن بعرقلة المفاوضات، ربما دفع كيري للضغط عليهم. لكن ردة الفعل العربية فاجأت كيري ومساعديه، ودفعتهم الى التبرير، ودفعت العاملين في وزارته، مثل مسؤول سوريا مايكل راتني، الى التنصل من اقوال كيري في الرياض، ومحاولة التبرير بالقول انه تم تحويرها.
بيد انه لم يكن هناك اي تحوير او تزوير، كيري قال موقف أميركا الحقيقي المتمسك ببقاء الأسد، ثم راح هو وراتني يكذبان ويحاولان التملص من تلك الاقوال.
وحتى لا نظلم كيري، قد يكون موقفه الشخصي هو نفسه الذي اعلنه يوم تثبيته وزيرا مطلع العام ٢٠١٢، عندما قال ان الوسيلة الوحيدة لاقناع الأسد بالرحيل هو دعم المعارضة عسكريا والاثبات ان لا سبيل للرئيس السوري للبقاء في الحكم.
لكن رأي كيري لا يهم، فصانع السياسة الاميركية في سوريا هو الرئيس باراك أوباما نفسه، وهو يؤيد تماما قيام روسيا وايران بالاستيلاء على سوريا والقضاء على داعش والنصرة. لهذا السبب، دأب أوباما على اختيار سلسلة من العاملين في “مجلس الأمن القومي”، وهؤلاء هم الذين يقررون السياسة فعليا، ممن يعتقدون ان حل الأزمة السورية يتمثل في اعادة تأهيل الأسد، وابقائه في الحكم، والسماح له بإلحاق الهزيمة بكل خصومه.
بيد انه في السنوات الماضية، كان رأي أوباما المنحاز للأسد تحت الضوء وخاضعاً للرأي العام الاميركي وموقف حلفاء اميركا العرب والاتراك. لكن في السنة الاخيرة له في الحكم، لم يعد أوباما مهتما لا بالرأي العام الاميركي ولا بحلفاء اميركا، فأطلق العنان لسياسته ولفريقه، واوعز الى كيري بالقيام بما يلزم لفرض سطوة روسيا وايران والأسد داخل سوريا، وانهاء المعارضة السورية بكل اشكالها.
وكما في اميركا كذلك في الأمم المتحدة، التي استحت في الماضي ابان دعوتها ايران للمشاركة في جنيف ٢ وسحبت الدعوة بعد تهديد المعارضة بالمقاطعة، لم تعد الأمم المتحدة تخجل من بلاهة طروحاتها المنحازة للروس والأسد، وصارت تصر على عقد مفاوضات “بمن حضر”، على الأقل إضاعة للوقت حتى يتسنى للأسد وحلفائه السيطرة عسكريا على الارض السورية.
اميركا تكذب والأمم المتحدة تنحاز، وكلما ادرك المعارضون السوريون ذلك، كلما نجحوا في تحسين ادائهم والعمل على الأهم، اي الصمود عسكريا والانتظار حتى مجيء ادارة أميركية قد تكون اكثر انصافا.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها