الأربعاء 2014/07/30

آخر تحديث: 18:13 (بيروت)

بعدما استنهض سنودن المراقبة.. مشرّعون أميركيون يحاولون لَجمَها

الأربعاء 2014/07/30
بعدما استنهض سنودن المراقبة.. مشرّعون أميركيون يحاولون لَجمَها
من تظاهرة في الولايات المتحدة تنديداً بعمليات المراقبة (شاتر ستوك)
increase حجم الخط decrease

بعد أسابيع من المفاوضات، كشف رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي، باتريك ليهي، الثلاثاء، عن تحديثات أجريت على مشروع "قانون إصلاح المراقبة"، والذي فاز في نهاية المطاف بدعم البيت الأبيض بشأن إطلاق إجراءات أكثر صرامة لدعم الخصوصية، فيما يواجه اليوم ليهي ودعاة الإصلاح الآخرين، تحدياً منفصلاً يتمثّل في الحصول على الدعم الكافي من أجل إقرار القانون في مجلس الشيوخ. علماً أنّ هذا الإجراء، المعروف بـ"قانون الحرية الأميركية"، قد يحدّ من عمليات "وكالة الأمن القومي" في جمع سجلات الهواتف، وسيفرض شروطاً جديدة تتعلق بالشفافية على مجتمع وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة.

ويحتوي مشروع القانون الجديد عدداً من التحديثات الرئيسية أبرزها: تضييق نطاق جمع بيانات الاتصالات والسجلات الأخرى التي يمكن جمعها، تعزيز الشفافية، وتدعيم آليات المحكمة الأميركية في ما يتعلق بقضايا مراقبة الاستخبارات الخارجية. وبحسب ليهي، فإنّ "هذه التحديثات أتت لسد الثغرات التي شابت مشروع قانون آخر مصاحب أطلقه مجلس النواب الأميركي في 22 أيار/مايو الماضي".

بموازاة ذلك، أعلنت منظمة "هيومن رايتس واتش" دعمها لمشروع القانون الجديد، مطالبة مجلس الشيوخ الأميركي "التحرك بسرعة لإقراره". وفي بيان أصدرته، الثلاثاء، قالت كبيرة باحثي الانترنت في المنظمة، سينثيا ونغ، إنّ "وكالة الأمن القومي قوّضت بشدة ثقة الجمهور في الحكومة، وما تقوم به يشكّل ضرراً خطيراً على الحريات الأساسية وعلى المساءلة والديموقراطية في الولايات المتحدة، وعليه فإنّ مشروع القانون الجديد هو الخطوة الأولى التي تشتد الحاجة إليها، ويجب على مجلس الشيوخ التحرك بسرعة للموافقة عليه من دون السماح بإضعافه".

وكانت "هيومن رايتس ووتش" وبالتعاون مع "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية"، أصدرا تقريراً مشتركاً، الإثنين، بعنوان "مع حرية مراقبة الجميع: كيف تعيق المراقبة الصحافة والقانون والديمقراطية الأميركية"، يظهر كيف أن ما تقوم به الحكومة الأميركية من أعمال مراقبة واسعة النطاق، تعرقل بشدة عمل الصحافيين والمحامين المقيمين في الولايات المتحدة. وبحسب المنظمتين فإنّ "أعمال المراقبة تحد من حرية وسائل الإعلام ومن الحق في الإستشارة القانونية، وتؤدي في النهاية إلى عرقلة قدرة الشعب الأميركي على محاسبة حكومته".

ويستند التقرير، المؤلف من 120 صفحة، إلى مقابلات مكثفة مع عشرات الصحافيين والمحامين ومسؤولين كبار في الحكومة الأميركية. كما يوثق الآليات والأساليب التي اعتمدها الصحافيون والمحامون المتخصصون في شؤون الأمن القومي لأخذ خطوات تتسم بالحذر، أو غيروا من طرق أدائهم من أجل تأمين اتصالاتهم ومصادرهم وغيرها من المعلومات السرية، في ضوء ما كشفه الموظف السابق في "وكالة الأمن القومي"، إدوارد سنودن، عن "مراقبة غير مسبوقة تقوم بها الولايات المتحدة لوسائل الاتصالات والمعاملات الالكترونية".

وإذ اعتمد التقرير على مقابلات مع نحو خمسين صحافياً، يقومون بتغطية قضايا الاستخبارات والأمن القومي وإنفاذ القانون، كشف الصحافيون المذكورون، أنّ "عمليات المراقبة تحد من قدرتهم على الكتابة عن أمور هي مثار اهتمام كبير بالنسبة للرأي العام". وبحسب التقرير فإنّ "المراقبة زادت من حدة المخاوف الموجودة أساساً لدى الصحافيين ومصادرهم، جراء الحملة المتشددة التي تشنها الإدارة الأميركية على كل ما يتعلق بقضية التسريبات. إذ تتضمن الحملة قيوداً جديدة تطاول التواصل بين مسؤولي الاستخبارات ووسائل الإعلام، وتفرض زيادة في الملاحقات القضائية لمن يقومون بالتسريبات، إضافة إلى تهديد من له سلطة الاطلاع، الذي يلزم المسؤولين الفدراليين الإبلاغ عن أحدهم الآخر في حال وجود سلوب مريب، يوحي بوجود نية لتسريب المعلومات".

وعلى صعيد المصادر، قال الصحافيون الذين تمت مقابلتهم أنّ "المراقبة تخيف المصادر وتجعلها أكثر إحجاماً عن مناقشة القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام، حتى وإن كانت غير سرية. إذ تخشى المصادر من فقدان تصاريحها الأمنية، أو فصلها من وظائفها، أو في أسوأ الحالات خضوعها للتحقيق الجنائي".

وعليه، توصلت "هيومن رايتس واتش"و"الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" إلى أنّ "لهذا الوضع تأثيراً مباشراً على قدرة الرأي العام في الحصول على معلومات مهمة بشأن نشاطات الحكومة، وكذلك في قدرة وسائل الإعلام على لعب دور رقابي على الحكومة"، وذلك بالإضافة إلى ما خلص إليه التقرير، والذي يدين سياسة المراقبة والسرية التي تنتهجهما الحكومة الأميركية، الأمر الذي يؤدي إلى "تقويض حرية الصحافة والحق في الاستشارة القانونية، وهذه حقوق إنسانية أساسية لإقامة ديموقراطية سليمة".

increase حجم الخط decrease