أفرجت السلطات الأردنية عن الإعلامية في شبكة "الجزيرة" الإنكليزية، رولا أمين، بعدما قامت "دائرة التنفيذ القضائي" في مديرية الأمن العام الأردني باعتقالها أمس الإثنين، بموجب حُكم صادر عن محكمة بيادر وادي السير الشرعية، على خلفية رفضها تلسيم طفلتها إلى والدها الأردني، رجل الأعمال والعامل في المجال الإعلامي، محمد العجلوني. وذلك، على الأرجح، إثر الحملة التضامنية الواسعة التي حظيت بها رولا، من صحافيات وصحافيين في أكثر من بلد، إضافة إلى الأوساط الحقوقية والمجتمع المدني ودوائر المنظمات والجمعيات المناهضة للتمييز ضد المرأة.
وكتبت رولا تغريدة، عصر اليوم الثلاثاء، قالت فيها: "إلى كل الأعزاء، خرجتُ من السجن، وسأنضم إلى ابنتي دينا استناداً إلى حلّ مؤقت". ثم قالت في تغريدة ثانية: "انا ممتنّة لكل الدعم الكريم وكل من تحدث لصالح ابنتي دينا".
وعلى الرغم من الطابع "العائلي" للقضية، إلا أن المتضامنين اعتبروا أن ما حصل مع رولا أمين يعدّ قضية شأن عام تستوجب التحرّك، خصوصاً بعد اعتقالها وتجريمها، ما أثار غضب عدد كبير من الإعلاميين والصحافيين العرب، ممن تكاتفوا في الساعات الأخيرة للمطالبة باستنكار ما تعرضت له زميلتهم والمطالبة بالإفراج عنها، وذلك عبر هاشتاغات تم إطلاقها في "فايسبوك" و"تويتر"، أبرزها #FreeRula_Amin و #FreeRula و #Not_without_my_daughter.
وغردت الإعلامية بولا يعقوبيان متسائلة باستنكار: "أي شريعة غاب تلك التي تحرم ابنة 5 سنوات من أمها وتزج الأم في السجن لرفضها قرار محكمة غيّرت حكمها بعد 3 مراجعات من متنفذ ثري". وقالت الإعلامية لانا مدور إنها تعرف رولا الأمين "منذ كانت تعمل في قناة سي إن إن"، معتبرة أن "إعلامية محترمة مثلها يجبّ أن تكرّمها الأردن لا أن تسجنها".
وفيما طالب عدد من الإعلاميين والمتضامنين الملكة رانيا بالتدخل في قضية رولا الأمين ومساعدتها، اعتبر آخرون أنها "تمثل كل إمرأة في المنطقة العربية أبعدت عن أطفالها بسبب القوانين البطريركية الجائرة". وقالت المستشارة القانونية المتخصصة بقضايا المرأة، ثريا بهجت، إنّ "قضية رولا أمين تسلّط الضوء على الكراهية الشديدة تجاه النساء في منطقتنا، حيث الفساد المستشري وحيث يتم التلاعب بالقضاء من قبل أصحاب النفوذ". وهو ما أكدت عليه الناشطة اللبنانية نادين معوض، التي غردت بالقول إنّ "قانون الشريعة الأردني، يسمح بحضانة الطفل حتى سن الخامسة عشرة. لذلك فإن ما حصل مع رولا أمين هو أمر غير قانوني، لا سابق له، ومقزز في الوقت عينه".
وفي سياق حملة التضامن في مواقع التواصل، أطلق ناشطون عريضة الكترونية موجهة للملكة رانيا والسلطات الأردنية تدعوها فيها إلى الإفراج عن رولا أمين وإبطال قرار المحكمة غير القانوني القاضي بمنح حضانة الطفلة البالغة من العمر 5 سنوات للزوج. وأفاد نص العريضة، التي يتم تداولها في "فايسبوك" و"تويتر" إلى أن "الأردن لا يمكن لها أن تسمح بتأثير المال والسلطة على الأحكام القضائية وسيادة القانون" وأن "الحكم القاضي بسجن رولا أمين هو حكم غير عادل وغير قانوني، إذ إن محكمة الاستئناف انقلبت على قرار المحكمة السابقة، التي منحت حق الحضانة للأم، وهو ما لا يحق لمحكمة الاستئناف، بموجب القانون، فعله".
وفي تصريح لوسائل إعلام أردنية، قال وكيل رولا أمين، محمد أبو حليمة، إن "حبس موكلته جاء بناءً على قرار قضائي على الرغم من أنّ مهلة التنفيذ البالغة أسبوعاً لم يمر منها سوى يوم واحد"، إذ تم إبلاغ رولا بإخطار صادر عن قسم التنفيذ بأن عليها تسليم ابنتها بمهلة أسبوع، ومع أن القرار الصادر بموجبه هذا الإخطار كان من محكمة غير مختصة، تم إصدار الإخطار وتبليغه إلى رولا واعتقالها بعد يوم واحد فقط، أي قبل ستة أيام من انقضاء المهلة القانونية الواردة في الإخطار نفسه. وأوضح أبو حليمة بأن "موكلته، التي دخلت في نزاع أمام القضاء الشرعي مع طليقها، تملك قرار ضم مستعجل لطفلتها البالغة من العمر 5 سنوات. لكن طليق موكلته استأنف قرار الضم المستعجل هذا أمام محكمة الاستئناف الشرعية التي أصدرت قراراً بإلغائه بالفعل"، لافتاً إلى أن "هذا القرار المستعجل لا يقبل الطعن من الاساس".
وكانت رولا أمين، التي حصلت على الجنسية الأردنية بعد زواجها من الأردني محمد العجلوني، قد رفضت الإقامة في عمّان، بعد طلاقها، وتوجهت إلى بيروت قبل سنوات بصحبة طفلتها، قبل أن تعود إلى عمّان وتلجأ إلى القضاء الذي حكم لصالح الوالد بحضانة الطفلة، وذلك بعدما قررت المحكمة الغاء قرار معجل التنفيذ الذي كان قد صدر نهاية العام الماضي.
وإذ أشارت وكالة "عمون" للأنباء إلى أنّ "الإفراج عن رولا أمين رُبط بتسليم الطفلة إلى والدها"، صرّح محمد العجلوني، طليق رولا، للوكالة بأن "الخلاف مع طليقته يعود لعدم إمكانية مشاهدة طفلته"، وقال "أنا ملتزم بالقانون الأردني بأن تكون الحضانة لوالدتها، لكنني أطلب رؤية ابنتي في المدد المحددة".
ونقلت وكالة "عمون" عن وكيل رولا أمين، محمد أبو حليمة، توضيحه بأنّ "طفلة رولا، دينا، ترعرعت منذ ولادتها وحتى أصبح عمرها 4 سنوات في حضن والدتها دون أي إنقطاع، حتى قام والدها بانتزاعها من حضانة والدتها رغماً عنها في آب/ أغسطس 2013. وحين حصلت رولا على قرار معجل التنفيذ بضم الطفلة، بقيت معها لمدة ثلاثة أشهر، ثم قام والد الطفلة بالتعدي على حضانة الصغيرة مرة أخرى واختطفها من والدتها وحصل على إلغاء للقرار المعجل، علما ان هذا الحكم بالإلغاء كان مستندا لاكاذيب تتعلق بسفر الام لم يتم التحقق منها وتم تجاهل سجلات الحدود التي تثبت ذلك، وبقيت دينا عند والدها أحد عشر شهرا إلى أن حصلت رولا على قرارها المعجل في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2014 بناء على تقييم مختصين نفسيين واجتماعيين للضرر النفسي الذي أصاب دينا بعد بقائها بعيدة عن والدتها 11 شهرا". وأوضح أبو حليمة بأنه "من الواجب أن تبقى الطفلة في حضانة الأم، خصوصاً وأنها في سن حضانة النساء وهذا أمر لم تراعه محكمة الاستئناف ومناقض لمصلحة الصغيرة".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها