الجمعة 2024/04/26

آخر تحديث: 11:59 (بيروت)

"أم.تي.في" تدّعي على الدولة: لا صفة قانونية..وخرق لالتزاماتها

الجمعة 2024/04/26
"أم.تي.في" تدّعي على الدولة: لا صفة قانونية..وخرق لالتزاماتها
المحامي مارك حبقة خلال ظهوره على "صار الوقت"
increase حجم الخط decrease
لا يعدو إعلان قناة "أم تي في" تقديم دعوى قضائية ضد الدولة اللبنانية، كونه مزايدة في ملف إشكالي، تتداخل فيه عوامل الشعبوية والقانون، لكنه لا جدال في أن ما جرى يشكل "سابقة قانونية"، بالنظر الى أن القناة التلفزيونية "غير ذات صفة" قانونية لتُقاضي الدولة اللبنانية في ملف النازحين، حسبما يقول خبراء في القانون.
 
View this post on Instagram

A post shared by MTV Lebanon (@mtvlebanon)


وقد أثار إعلان وكيل محطة MTV، المحامي مارك حبقة، عن الدعوى المذكورة، خلال اطلالته مع الاعلامي مارسيل غانم، دهشة في الأوساط القانونية والحقوقية، وذلك لتضاربها مع القانون ومفهوم حقوق الإنسان الذي تدافع عنه القناة. 

وقال حبقة: "أصبحنا بحاجة إلى دعوى نُلزم فيها الدولة اللبنانية باتخاذ خطوات جدية في موضوع النازحين كي لا نبقى في مؤتمرات وادّعاءات"، وذلك في تبريره للدعوى القضائية التي سيرفعها اليوم الجمعة باسم المحطة، مشيراً الى تأييد حصل عليه من رئيس مجلس إدارتها ميشال المر.

وقال حبقة: "نحن نعيش احتلالاً مقنّعاً مع الوجود السوري في لبنان"، مشيراً الى أن الدّعوى تستثني كلّ مواطن سوري يُقيم بشكلٍ شرعي. ولفت إلى أنه "على الدولة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها في ملفّ النازحين السوريين ولن نقبل بتكرار حادثة باسكال سليمان". 

وتطالب الدعوى القضاء اللبناني بإصدار قرار يُلزم الإدارة اللبنانية، ممثلة بوزارات الداخلية والخارجية والدفاع، والجيش، بإلغاء الإفادات للسوريين ومحاسبة المخالف للقانون.
 

ابتداع دور
تبتدع "أم تي في" دوراً جديداً، حيث تقفز من كيانها كوسيلة إعلامية يجب أن تقدم محتوى يحرج السلطات ويدفعها للتحرك، ويكون بمثابة إخبار للنيابات العامة، الى دور قانوني ليست صاحبة صفة فيه. 

لذلك، أثار الاعلان الدهشة، ويعود ذلك الى أن القناة التلفزيونية، كمُدّعية هنا في ملف عام، هي كيان "غير ذي صفة"، كما يجزم مرجع قانوني لبناني. ويقول لـ"المدن": "تستطيع أي قناة تلفزيونية أن تتقدم بدعوى قضائية متصلة بها، مثل الدعوى التي رفعتها قناة "الجديد" في التسعينيات ضد مجلس شورى الدولة، رفضاً لقرار إقفالها.. كما يمكنها أن ترفع دعوى أمام القضاء المدني أو العدلي، لرفع الضرر عنها".. لكن في ملف النزوح، "لا تمتلك القناة صفة قانونية"، وهي بذلك "مثلها مثل أي مواطن لبناني لا صفة له لمحاكمة الدولة في هذا الملف، ولا محاسبة السوريين إلا في حال تقديم دعاوى ضد أشخاص تسببوا بضرر لها، لأنها ليست قضية جنائية أو قضية نزاع". 

أما الادعاء على المصارف التي فتحت حسابات للسوريين، أو حتى على مصرف لبنان، في حال مخالفة قانون النقد والتسليف، فهو خاضع للنقاش القانوني، فإذا اعتبرت نفسها متضررة مباشرة من ذلك، فتستطيع أن تقاضي الكيان التجاري، وإذا لم تثبت الضرر المباشر عليها كفرد، فإنها لا تستطيع محاكمة مصرف تجاري في قضية عامة هي من اختصاص هيئات رقابية حكومية، في حال ثبتت مخالفة القانون، أي افتتاح حسابات لأشخاص لا يحملون أوراقاً ثبوتية، أو إقامات في لبنان. 

شركات الاتصالات
وتختلف هذه الحسابات عندما تقارب ملف الاتصالات، إذ يستحيل أن تتمكن محطة تلفزيونية من محاكمة شركات الاتصالات، لأنها غير ذات صفة ايضاً. وإذا كان بالفعل هناك تجاوز للقانون، فإلمفترض بها، من ضمن دورها كوسيلة إعلامية، أن تقدم محتوى تلفزيونياً يتحول الى إخبار للنيابة العامة ذات الاختصاص لمقاضاة الشركتين.

أما الجهات الرقابية في لبنان، فلا تستطيع محاكمة الشركتين إلا في حال ثبوت بيعها لشرائح لأشخاص مجهولين من دون أوراق ثبوتية. فإذا حصل السوري على شريحة مقابل هويته السورية، فإن بائعه وممثل الشركة في المناطق، يكون قد أنجز ما ترتب عليه قانونياً، وهو أمر معمول به في معظم دول العالم، حيث يمكن لأي فرد أن يحصل على شريحة اتصالات مقابل هويته الشخصية أو جواز سفره، وهو أمر غير متصل بالإقامة. 

وبينما يشبه حق الحصول على شريحة اتصالات، مبدأ شبك الهواتف على شبكات الانترنت، فاللافت أن القناة، في مقاضاة شركات الاتصالات، تخالف مبدأً حقوقياً هو "حق الانترنت للجميع" و"حق الاتصال للجميع".. وهنا تبدو مخالفة هذا الحق صادِمة، لأن القناة تلتزم بالحقوق الفردية، وتدافع عن الحريات.. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن تكون الحقوق "على القطعة". 


مزايدة شعبوية
إزاء هذا المشهد، تصبح الدعوى القضائية بمثابة مزايدة شعبوية في ملف سياسي تتداخل فيه العوامل الإقليمية والدولية والسياسية المحلية. الدولة اللبنانية، في المبدأ، هي العنصر الأضعف، في حال النظر الى التعقيدات السياسية والصراعات الإقليمية والدولية حول ملف النازحين.. وفي حال النظر الى الإجراءات الحكومية التي تصاعدت منذ العام 2018 على أقل تقدير، مثل قوافل العودة الطوعية، واصطدمت بموانع سياسية داخلية، وعقبات سورية وإقليمية ودولية. فضلاً عن أن الدولة، التي اتخذت اجراءات خلال الأشهر الماضية، تبدو عاجزة عن القيام بأي خطوة، منعاً لخرق التزاماتها القانونية والحقوقية في الإعلانات المتصلة بحقوق الانسان، والمعاهدات والإعلانات الدولية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها