وعَقَد القران قاضٍ أطلّ عبر الشاشة، من الولايات المتحدة الأميركية، فيما أجري الزفاف في بلدة ضهور الشوير-المتن، حيث حضور قوي للحزب السوري القومي الاجتماعي، وهي المنطقة التي يسميها القوميون السوريون "أرض عرزال الزعيم" أنطون سعادة، مؤسِّس الحزب، وقد رعت "مؤسسة سعادة للثقافة" تنظيم هذا الاحتفال.
والجدير بالذّكر، أن هذا الزواج، وخلافاً لما تتداوله معظم المواقع الإلكترونية وصفحات السوشال ميديا، ليس الأول من نوعه في لبنان. فمنذ نحو ثمانية أشهر، افتتح الثنائي خليل وندى رزق الله سلسلة زيجات بالطريقة نفسها، فزوّجهما عبر تطبيق "زووم"، قاضٍ في أميركا. ولما تلقيا أسئلة كثيرة عن الموضوع وكيف أنجزاه وسجّلا زواجهما في لبنان، راحا يساعدان أزواجاً آخرين في لبنان، وافتتحا موقعاً الكترونياً
وصفحات في السوشال ميديا لهذا الغرض، وقد ساعدا في إنجاز ست زيجات حتى الآن.
"اللي بيجمعه الحبّ ما بيفرقه اللّه، هي جملة أمّي وهي من خلفيّة دينيّة محافظة"، تقول مدرّسة اللغة الانكليزية نجوى سبيتي التي تزوجت في ضهور الشوير من حبيبها أستاذ الرياضيات عمر عبد الباقي، مدنياً، وعلى الأراضي اللبنانية، وافتراضياً، في آن واحد. وأتمّ الزواج أيضاً قاضٍ أطلّ عبر الشاشة من ولاية يوتا الأميركيّة، في احتفال حاشد ببلدة ضهور الشوير.
وفي التفاصيل إن العريس "الدرزي على الورق" كما يصف نفسه، لجأ إلى عالِم دين من الطائفة الشيعيّة الذي قال له أن الزّواج من حبيبته لا يصلح في لبنان، إلّا إذا "تشيّع"، ويقول أنه بالقلم والورقة درزي، وزوجته شيعيّة، وزواجهما مُعرقل في لبنان إلا إذا قصدا المحكمة الجعفرية. ويضيف أن إمكانيّة السفر صعبة بسبب الكلفة الباهظة، وكذلك أزمة جوازات السّفر، لذلك قررا اللجوء للزواج الافتراضي.
والحال أن هذا الزّواج يُفترض أن يُسجّل قانونياً في الدولة اللبنانيّة، مثل الزيجات المدنية التي تعقد في قبرص وغيرها، بحسب الزوجين.
وفي حوار صحافي سريع، أكد الزوجان أنهما راشدان وخاضا تجاربهما الخاصة في الحياة، وزيجات سابقة أيضاً، ولا يحق لأحد، سواء سلطة دينيّة أو مجتمعيّة، عرقلة هذا الزواج، مضيفين أن محيطهما العائلي والاجتماعي تقبّل الأمر بلا صعوبات. لكن عمر بقي مستاءً مما رأى البعض يفتون فيه، في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ثمة من يصدر أحكاماً معتبراً هذا الزواج "باطلًا"، وأنّهما "خارجان عن الدّين". أما نجوى، فتقول إن الزواج هو الالتزام بالشخص الآخر وكفى، وأن هذا خيارهما، يريدان أن يتزوجا في لبنان وأن يُسجّل زواجهما في الدولة اللبنانيّة، مؤكدة مطالبتها بفصل السلطة الدينيّة عن الدولة.
وطالب الزوجان المنتميان الى "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، بدعم هذه الخطوة للإضاءة على الزواج المدني والطّرق القانونية السّهلة لإتمامه، خصوصاً من المُطالِبين بالدولة المدنية، لا سيما في ظل الضائقة الاقتصادية الراهنة، وزيادة تشدد المرجعيات المعنية.
لكن الترقب يبقى سائداً، لمراقبة ما إذا كانت السلطات الدينية والرسمية ستعرقل تسجيل هذا "الزواج الافتراضي"، علماً أن عقد الزواج سيصدر عن محكمة أميركية، وسيطلب الزوجان تسجيله، مثلهم مثل كل الذين تزوجوا في محاكم مدنية خارج لبنان.
وفي وقت سابق، لجأ عدد من اللأشخاص إلى شطب قيدهم الطائفي لإتمام زواجهم على الأراضي اللبنانية، لكن السلطة أعاقت تسجيل زيجاتهم. وتأتي الخطوة مع تصاعد الجدل القديم-الجديد حول إقرار الزواج المدني الاختياري في لبنان، وتصاعد أصوات رجال الدين المعارضين بشدة، تحت شعارات مضللة وسخيفة وسامّة، لا تمت للواقع بصِلَة، كمثل القول إن ذلك ربما يفضي غداً إلى "زواج الأخ من أخته"!
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها