وأعلنت القيادة القطرية لحزب "البعث" الحاكم عن إقامة ورشة عمل خاصة بمدراء صفحات التواصل الاجتماعي "على مستوى القُطر" في العاصمة دمشق، لمدة خمسة أيام، يتم فيها توجيه أصحاب الصفحات الكبرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي في محاضرات يلقيها عليهم إعلاميون موالون وأستاذة في جامعة دمشق، لإعطائهم في النهاية بعض "التسهيلات" في ما يخص "عملهم الصحافي".
ونقلت صفحات موالية للنظام أن شروط الالتحاق بالدورة تتضمن أن تكون "الصفحة ذات طابع وطني" وأن يتجاوز عدد المعجبين بها 200 ألف شخص وأن تكون نشيطة منذ عامين على الأقل ومتابعة للوضع العسكري و الخدمي و السياسي في البلاد، مع الإشارة إلى أن "الصفحات الوطنية التي لا تحقق عدد المعجبين المطلوب للالتحاق بالورشة سيقام لها ورشات عمل لاحقة على مستوى المحافظات".
وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها النظام السوري بهذا النوع من فرض الرقابة والتوجيه على وسائل الإعلام المحلية والاجتماعية في مناطق سيطرته، وبدا واضحاً في التعليقات على الإعلان مدى الاستياء من قبل الموالين للنظام لما اعتبروه محاولة لتدجين وتشويه مواقع التواصل الاجتماعي، التي لعبت دوراً كبيراً في تفريغ الغضب الشعبي لدى موالي الداخل من القضايا الخدمية السيئة، في ملفات مثل الكهرباء والمياه والتعليم، وربطها بفكرة الثورة "الشريرة"، مع الحفاظ على خطاب النظام السياسي الراديكالي في ما يخص الجانب العسكري والسياسي الأشمل، مع فقدان الشارع السوري للثقة بالإعلام التقليدي في البلاد منذ سنوات طويلة.
وأقام النظام العام 2012 دورات إعلامية مشابهة في إيران لإطلاق عدد من أكبر الصفحات السورية الحالية مثل "دمشق الآن" و"يوميات قذيفة هاون" وغيرها من المشاريع الإعلامية التي تعمل على نشر البروباغندا الرسمية محلياً وعالمياً، وذلك بجهود من وزير الإعلام السوري السابق عمران الزعبي، الذي نظم حينها ورشات عمل، من أجل تأهيل صحافيين سوريين ومراسلين ميدانيين تابعين للنظام.
إلى ذلك، تشهد العاصمة دمشق في الفترة الحالية إطلاق عدد من المشاريع الإعلامية الجديدة التي تحاكي تجارب إعلامية بارزة قبل العام 2011، والتي تحولت إلى جانب المعارضة لاحقاً مثل موقعي "عكس السير" و"زمان الوصل"، وذلك عبر التركيز على الأخبار المحلية من كافة الأطراف السياسية مع الابتعاد عن تقديم أي موقف سياسي أو رأي عميق، والنتيجة هي إعلام يعود بالبلاد إلى حقبة ما قبل تعدد الآراء في البلاد، والتي كان فيها الإعلام "الجريء" اسماً للإعلام الموالي للسلطة والذي يقدم مجرد متنفس للشارع لا غير، وتبرز هنا مشاريع ناشئة مثل "سناك سوري" و"مسار الشام" على سبيل المثال.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها