تخلى الرئيس الأسد عن ملابسه الرسمية وبزته العسكرية وحتى عن حزامه، مساء الأحد. وظهر في منطقة مرج السلطان-ريف دمشق، بزيّ "كاجوال" بسيط وكأنه أحد أفراد الشعب المساكين، وليس رئيس النظام الذي تسبب بمقتل أكثر من 300 ألف شخص وتهجير نصف سكان البلاد منذ 2011.
أهداف الزيارة واضحة: رسم صورة الاطمئنان والثقة بالنصر وحسن "إدارة الأزمة" في محيط العاصمة، ومحو الصورة الأخيرة للأسد في قاعدة حميميم العسكرية بطرطوس، والتي أثارت سخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي بين الموالين والمعارضين على حد سواء، بسبب ظهور الأسد حينها بصورة غير المتحكم في البلاد، بعدما فوجئ بوجود وزير الدفاع الروسي في سوريا من الأساس.
اللقطات غير المسموعة من حديثه، لا تحمل أهمية خاصة بقدر أهمية الظهور نفسه ورسم صورة إعلامية له وهو يبسط رعايته الأبوية على عساكره، بحيث يغدو فعل الحديث هو البطل في المشهد لا الكلمات نفسها. أما ثيابه التي أثارت جدلاً واسعاً عبر السوشيال ميديا فهي محاولة واضحة لاستنساخ شخصية رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا الذي يوصف بأنه أفقر رئيس في العالم، وحظي حتى نهاية حكمه العام 2015 بإعجاب وتعاطف كبير في الشارع العربي.
بهذه الصورة، يتنقل الأسد في مسرحه الخاص، كأنه ممثل يتلقى التهنئة والقبلات بعد انتهاء العرض من المعجبين ببرود، ويمد يده كي تتلقى التحية من دون أن تبادر بها، مخفياً يده اليسرى التي تظهر عليها كدمات زرقاء خلف ظهره أو في الطرف البعيد عن زاوية الكاميرا، ومسرعاً بالتنقل من جندي إلى آخر كي ينتهي بأسرع وقت ممكن من هذه المهمة التي لا مفرّ منها.
والحال أن إطلالات الأسد الإعلامية النادرة، بدأت تأخذ طابعاً عسكرياً في الفترة الأخيرة، أبرزها زيارته مطلع كانون الثاني/يناير 2015 الى حي جوبر الذي كان يشهد اشتباكات عنيفة مع المعارضة آنذاك، وتناول الطعام مع المقاتلين هناك أيضاً، وكذلك الحال في آب/أغسطس 2013 عندما زار الأسد قواته في منطقة داريا، وتتولى الترويج لها حسابات "رئاسة الجمهورية" عبر السوشيال ميديا في "فايسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" قبل بثها عبر الإعلام الرسمي.
قبل 2011، كان الأسد يعتمد على شركات علاقات عامة عالمية ترسم له الصورة الذهنية العامة منها شركة "براون لويد جيمس" الأميركية، فيظهر "فجأة" من دون مرافقة أمنية في دار الأوبرا أو في سوق الحميدية الشهير، وكأنه فرد عادي يمارس نشاطاً يومياً لا أكثر، وليس رئيساً يحكم البلاد بقبضة حديدية. وبعد الثورة السورية، تحول الشعب بالنسبة إلى قسمين، الأول "عدو" يجب التخلص منه، والثاني مشاريع جنود وعساكر، وبات ظهوره النادر منذ ذلك الوقت ينحصر في زيارة جنوده في مناطق متفرقة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها