لا تزال المأساة الإنسانية في مدينة مضايا السورية مستمرة. فالمساعدات الغذائية التي دخلت إليها برعاية الأمم المتحدة الاثنين الماضي، لا تشكل فارقاً حقيقياً بكل تأكيد، وأقرب الى أن تكون "حبوباً مسكنة"، في ظل رفض النظام السوري وحلفائه كافة الدعوات العالمية لفك الحصار عن المدينة الجبلية الصغيرة في ريف دمشق، والتي هزت بصورها المفجعة الإعلام العالمي منذ مطلع الشهر الجاري.
على هذا الأساس، أطلقت مجلة "
سيدة سوريا" النسائية المعارضة أمس، حملة "
مضايا تتحدى الجوع"، لمساندة السكان في مضايا و"فضح جرائم النظام وحزب الله وإيران" و"حشد دعم المنظمات الدولية للمساندة"، و"فك الحصار عن بقية المدن السورية المحاصرة كالمعضمية والزبداني وبلدات الغوطة الشرقية ودير الزور"، و"التركيز على فهم أوسع لحالة الحصار واستخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين لحسم الحرب وكسر إرادة الناس "وهو جريمة حرب".
يقول محمد ملاك من فريق إدارة الحملة لـ "المدن": "سنساهم في حشد الدعم وزيادة التركيز وكسب مناصرة المنظمات الإقليمية والدولية حول قضية المحاصرين والتجويع في سوريا، وشرح القضية للناس في الخارج والداخل كجزء من مهمتنا الإعلامية، خاصة ان أهداف النظام وحزب الله ومن خلفهم ايران لا تتوقف عند حدود الجوع او الركوع، وهو شعار أطلقوه ضد المدنيين في كل سوريا، بل تتعداه إلى خدمة أهداف التغيير الديموغرافي وإخلاء هذه المناطق من سكانها وتبديلها بمكونات أخرى بل استقدام غير سوريين وتجنيسهم في خدمة هذه الاغراض".
ويضيف ملاك: "نحن نرى اليوم أن الطعام المقدم لا يكاد يكفي أسبوعين أو ثلاثة ولا يلغي حالة الحصار وموت المدنيين جوعاً، ما يجعل الحصار والتجويع وتقديم الطعام لأيام ورقة في يد النظام السوري وحزب الله للمساومة عليها، فيما يحولون مضايا وأخواتها الى معتقل كبير وهولوكوست يموت فيه النساء والأطفال والشيوخ"، معتبراً الجهود الإعلامية والتضامنية "مهمة لإبراز القضية في سياقها الصحيح، خاصة أن سياسة الحصار تنتشر نحو أماكن أخرى، بدأت تظهر في معضمية الشام المحاصرة وستبدأ بالظهور في منطقة التل في دمشق كما هي في الزبداني والوعر والغوطة الشرقية ودير الزور".
من جهتها، توضح ياسمين مرعي من فريق الحملة لـ"المدن": "أن سيدة سوريا تقوم بالحملة بناء على رصيدها من الالتصاق بقضايا الناس، وتحديداً مع السيدات السوريات في كافة المجالات، وهي محاولة لحشد رأي عام نسائي حول قضايا وطنية حقوقية اجتماعية وسياسية كأحد أهداف المنظمة الرئيسية"، مؤكدة أن هذا الحضور والجهد والتأثير النسائي "سيظهر من خلال بوستات الحملة وكمية الصور واللافتات التي ستنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي".
الحملة جزء من جهود مكاتب "سيدة سوريا" في الداخل السوري ومدينة غازي عينتاب التركية، ولا تتلقى تمويلاً من أي جهة، مع نية المشرفين عليها "فتح باب التواصل مع المنظمات المحلية والدولية الإغاثية للتعاون"، علماً أنها تطلق لافتتاتها بأربع لغات (العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية) ويمكن متابعتها والمشاركة فيها عبر هاشتاغ
#مضايا_تتحدى_الجوع ونظيره الانجليزي
#madayadefyinghunger.
بموازاة ذلك، أنشأ ناشطون سوريون
عريضة إلكترونية في موقع "آفاز" العالمي، للمطالبة بفك الحصار عن مضايا، يتم توجيهها لاحقاً للأمم المتحدة والشخصيات الفاعلة على المشهد السوري كالرئيسين الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ونجحت في جمع حوالي مليون توقيع حتى الآن.
وجاء في نص العريضة: "تم إدخال المساعدات إلى مضايا وكفريا والفوعة مؤخراً، وفي ظل وجود اهتمام عالمي بهذه القضية تبدو الفرصة سانحة أمامنا الآن من أجل رفع الحصار وإنقاذ المدنيين العالقين في مضايا، كي لا يموت المزيد من الأطفال جوعاً. لن يرفع الحصار ما لم نقاتل دعماً لآلاف السوريين الذين يواجهون الحصار ببطون خاوية. فلنجمع أكبر عدد ممكن من التواقيع من أجل إيصال أصواتنا المطالبة بوقف هذا الكابوس إلى جميع المعنيين".
في السياق ذاته، يدعو الناشطون لإلقاء الضوء على بقية المدن المحاصرة المهمشة إعلامياً مثل كناكر وجيرود وديرالزور، في وقت تنتشر فيه معلومات وتصميمات غرافيكية عبر السوشيال ميديا لـ13 مدينة سورية مختلفة تعيش تحت الحصار معظمها في ريف دمشق وحمص، حسبما ذكر "المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية".
وعليه، يتداول الناشطون عدة وسوم للتضامن وإلقاء الضوء على حصار مدينة دير الزور شرق البلاد، أبرزها "
أنقذوا أطفال دير الزور" و"#save_the_children_of_Deirezzor" مع تكرار عبارة "الإنسانية لا تتجزا" بسبب التركيز الكبير الذي تحظى به مضايا على حساب مدن محاصرة أخرى على حد تعبير الناشطين، وهي حملة تروج لها صفحات "هاشتاغ الثورة" و"شبكة الثورة السورية".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها