الأربعاء 2014/06/25

آخر تحديث: 11:01 (بيروت)

تحطيم الذات السورية

الأربعاء 2014/06/25
تحطيم الذات السورية
increase حجم الخط decrease
لم نصل إلى كأس العالم لكرة القدم. كدنا لمرتين أن نشم رائحة هذا الحلم، لكن في المرتين فشلنا، أما في باقي المرات فكنا من جماعة الفشل الذريع. وللأمانة فإن الجمهور لم يكن على ثقة في يوم من الأيام بأن المنتخب سيتأهل إلى كأس العالم. حارتنا ضيقة ومنعرف بعضنا منيح. بالطريقة التي تدار فيها الرياضة في البلاد لن تأتي الإنجازات، فكل الطفرات الرياضية هي نتاج جهودها وحرصها فقط، وياما تمّت معاقبتها أيضاً، بينما كان حذاء فريق الجيش العسكري مسلطاً على رؤوس اللاعبين جميعاً، ناهيك عن فريق الشرطة المركزي.

الترتيبات عندنا هي قتل السعادة أينما وجدت في سوريا. لدى فريق الحرية لاعب جيد؟! اسحبوه عَ الجيش. لدى فريق الجهاد لاعب جيد؟! اسحبوه عَ الجيش. وهكذا.. كل اللاعبين الموهوبين المميزين كانوا يسحَبون إلى نادي "الجيش" أثناء فترة خدمتهم الإلزامية، ما أفرغ الأندية من المواهب، وجعلها غير قادرة على المنافسة، ويحذو نادي "الشرطة" حذو نادي الجيش في سحب اللاعبين، حتى أصبحت المنافسة محصورة بينهما في السبعينات.

لكن الأمور اختلفت في الثمانينات بعد سيطرة سرايا الدفاع والوحدات الخاصة على البلاد، تم سحب فريق "الجيش" من المنافسة في بطولة الدوري لفترة ومن ثم عودته، فظهر فريق "جبلة" بالزي الطائفي، وظهرت المسدسات في المباريات، وصارت اللهجة الجبلية الساحلية سلطة ما بعدها سلطة في الملاعب، لتبدأ مرحلة اهتمام أبناء العائلة المالكة بكرة القدم. وصار لكل منهم ناديه الذي يدعمه ويشجعه. صار فواز الأسد رئيساً فخرياً لنادي "تشرين" الرياضي، كما أن نادي "القرداحة" صار في الدرجة الأولى. ومع ذلك فقد بدا أن كرة القدم في البلاد تتّجه نحو الأفضل بداية التسعينات بسبب حلّ فريق الجيش وعودة اللاعبين إلى أنديتهم، لكن هذا الأفضل لم يرق للمسؤولين، فتمت إعادة فريق الجيش إلى الدوري، وهو الفريق الذي لا جمهور له، تشكلت جماهيره القليلة في العاصمة، هو ونادي الشرطة. لا أحد يشعر بالسعادة عندما ينتصرون، واللاعبون من النوادي الأخرى ربما لا يشعرون هم أيضاً بالسعادة عند الانتصار. ولهذا سمّوه بفريق التحويشة، فقد تم تحويشه من جميع النوادي.

لم يعجب المسؤولين أن الجماهير تشعر بالسعادة فأعادوا فريق "الجيش"، ليسحبوا اللاعبين من الأندية والسعادة، فالسعادة من حق الدولة فقط، وهي التي توزّعها، بل ولديها دفاتر بونات لأجل ذلك. على السوري ألا يشعر بالسعادة، من هو كي يشعر بالسعادة؟! عليه أن يعرف أن الدولة هي التي تقرّر ما يجب عليه من فرح، لذلك تحطّمت الشخصية السورية، تحطّمت الذات السورية، لسنا متأكدين من أننا سنصل إلى كأس العالم، حتى ولو من أجل عيون القائد، نحن لا يمكن لنا أن نصل إلى أي مكان، هكذا فهمنا وضعنا، وصلنا إلى مرحلة وجدنا فيها حطامنا على الأرض ولم نستطع حتى أن نجمعه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب