الأحد 2014/06/15

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

التحايل المصري على "بي إن سبورتس": تواطؤ جماعيّ

الأحد 2014/06/15
التحايل المصري على "بي إن سبورتس": تواطؤ جماعيّ
متابعة عبر التلفزة في أحد أحياء ريو دي جانيرو (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

مثل الأعياد، يهل كأس العالم على المصريين كل أربعة أعوام. تتجمد الأحاديث السياسية وينصب الاهتمام العالم على خريطة المنتخبات التي تشارك في الكأس "مرآة العالم" كما سماها إدواردو غاليانو في كتابه الممتع "كرة القدم في الشمس والظل".


لكن التحول من المتعة إلى الواجب، ومن الهواية إلى الصناعة، أحال اللعبة إلى تجارة حدّدت مساراتها. كما تسابقت الشبكات التلفزيونية العملاقة لاستضافة البث لما يدره من إعلانات، ويحقق انتعاشاً استثنائياً. وكلما زادت شراسة المنافسة على الشاشات، زادت القيود على المتعة، وهو ما يعانيه المصريون اليوم، مع انفراد "بي إن سبورت" بعرض البطولة على شاشاتها في الشرق الأوسط، وارتفاع كلفة باقة البطولة إلى 2000 جنيه في هذا الشهر (300 دولار تقريبا) وهو ما يتعذر على شرائح واسعة.


لكن لا حواجز يمكن أن تقف أمام الشغف الكروي. كسرت تلك القيود فتوى بعض مشايخ الأزهر بإباحة التحايل للفرجة مع ارتفاع الكلفة، وهو ما يمكن فهمه في إطاره السياسي، نظراً إلى أن شبكة "بي إن سبورتس" التابعة لشبكة "الجزيرة"، وهو ما يخالف فتوى المؤسسة نفسها قبل أربعة أعوام في النسخة السابقة من المونديال، إذ أفتى الأزهر بحرمة التحايل. غير أن أي فتوى بالمنع أو الإتاحة، لا يمكن أن تكون عاملاً في المسارعة للمشاهدة. إرادة الفرجة مع عدم الإمكان المادي، هي المحفز الأساس وراء استحداث طرق جديدة، أو إحياء طرق قديمة للإستمتاع.


كل الطرق التي استحدثها المصريون مردها تواطؤ جماعي. إلتفاف على القيمة المادية وطرق الحماية الصارمة المستحدثة من الشبكة. أهم الطرق الكلاسيكية للفرجة، هي الوصلات المنتشرة في كل شارع، وهي عبارة عن جهاز استقبال لدى أحد محلات "الدش"، وجهاز منظم تخرج منه عشرات الكابلات، ولكل كابل قيمة مادية بسيطة، تمكن المشاهد من متابعة البطولة من دون تفويت أي حدث. هذه الطريقة معلومة في مصر منذ عشر سنوات، وتنتشر بشكل أساسي في المناطق الشعبية، التي تنتمي إليها الطبقات المتوسطة والدنيا.


على صعيد آخر، ترددت أخبار عن نجاح مجموعة من التقنيين في منطقة "باب اللوق" بالقاهرة، المشهورة بانتشار محلات الساتلايت فيها، في الوصول إلى حل ليشاهد المصريون المباريات. لجأ هؤلاء التقنيون إلى فتح جهاز الإستقبال وتحليله لفكّ الشفرة، وتوصلوا اليه عن طريق جهاز جديد نزل إلى السوق يستطيع فك قنوات "بي إن سبورتس" الرياضية، ويعمل بتقنية "IP TV" التي تسمح بإعادة بث القنوات التلفزيونية عبر الإنترنت، من خلال تلك التقنية. ووصلت مبيعات هذا "الرسيفر" حتى الآن إلى أكثر من 50 ألف جهاز، وهو إقبال غير معهود منذ فترة كبيرة.


يبدأ سعر الجهاز بـ400 جنيه (50 دولاراً) إلا أنه وصل فى الأيام الأخيرة إلى ما يقارب الـ500 جنيه، نظراً إلى زيادة الإقبال عليه فى الفترة الأخيرة. وعند شراء الجهاز، يتأكد المشتري من فتح جميع قنوات "الجزيرة الرياضية" عليه قبل إتمام عملية الشراء. ويتوقع الخبراء زيادة مبيعات هذا الجهاز بعد افتتاح المونديال، خصوصاً أن هناك شكوكاً من أن تقوم مجموعة قنوات الجزيرة بإغلاق تلك الثغرة الفنية.


ويطيب للكثيرين خلق جو شبيه بحضور المباريات نفسها، فتلجأ الغالبية العظمى إلى المقاهي، التي ستشهد رواجاً إستنثنائياً، مع دخول البطولة في الأجواء الرمضانية، شهر الكسل والطعام والمرابطة أمام شاشة التلفزيون. وفي ظل القيود القانونية الصارمة على المقاهي العامة، لا يستطيع المصريون إلا الإشتراك في شراء جهاز استقبال، وتزيد قيمة المشروبات مقابل هذا الإمتياز الخاص في معظم المقاهي. وذهب السكان في بعض المناطق المكتظة، الى تكتيك اشتراكات جماعية في عمارات، عبر مشاركة المشاهدة بين أربع أو خمس أسَر معاً، لتحقيق شيء من الخصوصية، وعدم التحايل القانوني. ويأتي ذلك، عقب نفي نائب رئيس التلفزيون للبرامج الرياضية، هشام رشاد، صحة شراء التلفزيون المصري حق العرض، على ضوء فشل المفاوضات مع "بي إن سبورتس". ووسط تلك المناقشات، لا يلتفت المصريون كثيراً إلى ما يجري وراء الكواليس، طالما أن الفرجة مضمونة، والمتعة ممتدة لشهر كامل.

increase حجم الخط decrease