الثلاثاء 2014/06/17

آخر تحديث: 15:16 (بيروت)

النظام "يرشو" السوريين بقرصنة المونديال

الثلاثاء 2014/06/17
النظام "يرشو" السوريين بقرصنة المونديال
معارضون يعتبرون هدف "الدنيا" إلهاء الجمهور السوري (عن شاشة "الدنيا" السورية)
increase حجم الخط decrease

أحيا مونديال البرازيل 2014 جمهور قناة "الدنيا" السورية المتهمة بمسنادة الحكومة السورية "في السراء والضراء"، بعدما تراجعت مشاهدتها وتلاشت تقريباً من المشهد الإعلامي السوري بفعل قرار جامعة الدول العربيّة العام الماضي، معاقبتها وإيقاف بثها عبر قمري "عربسات" و"نايلسات". فالقناة التي انتقلت إلى البث الأرضي، كما أيام الأسود والأبيض، وكاد جمهورها ينساها بفعل إنشاء قناة بديلة بالكادر نفسه والتوجه هي "سما الفضائية"، إستطاعت العودة الى ساحة الفعل الإعلامي منذ أيام مع بداية انطلاقة الكرنفال الكروي في البرازيل.


والواضح أن القناة زجت بكرة القدم في خضم الصراع الدائر في سوريا، لتكون أداة سياسية، بما يتخطى دورها كناقل إعلامي. صحيح أنها منحت الناس متعة مجانية كانت مأجورة وباهظة الثمن بالنسبة إلى سوريين ينتشر معظمهم في مواقع نزوح داخلي، لكنها استثمرت المونديال للعودة الى خريطة المشاهدة السورية، في حين يحاول الناس الإبتعاد عن همومهم وأحزانهم وآلامهم. إضافة الى أن بث مباريات كأس العالم، عاد على القناة النظامية بمردود إعلامي، بعدما أوشكت "الدنيا" على الإنطفاء.

وتمكنت قناة "دنيا" من نقل مباريات كأس العالم كافة، عبر الإلتفاف على احتكار شبكة "بي إن سبورتس" لحقوق نقل المباريات. كسرت "الدنيا" الموالية للنظام السوري الحظر القانوني. وكما النظام، لا تخشى حساباً أو ملاحقة قانونية. كما النظام، لا تعترف أصلاً بالقانون. هي محاولة لإمتاع الجمهور باللعبة الشعبية، وأيضاً محاولة نافرة لاستعادة المُشاهدة. فأخذت الأمر على عاتقها، بعدما ناهز سعر بطاقة وجهاز شبكة "بي إن سبورتس" الخمسين ألف ليرة سورية (حوالى 350 دولار).


ويقول مهتمون بالشأن الإعلامي لـ"المدن" إن ما قامت به "الدنيا"، يعدّ بمثابة رشوة حكومية للشعب المنهك من القتال والموت. لكن هذه الرشوة تقبلها الجمهور بصدر رحب، مع الإطناب في المديح لقناة كانت، حتى الأمس القريب، يعتبرها معارضو الحكومة مساهمة في تأجيج الصراع، وسط إتهامات موثقة بعدم حياديتها، وفقدانها للصفة المهنية بتبنيها خطاباً أحادياً، هو خطاب الحكومة.


قبل إتخاذ "الدنيا" هذه الخطوة، كاد جمهور كرة القدم السوري أن يفقد الأمل بمتابعة المونديال لكونه أصبح ترفاً خاصاً بالفئة الميسورة، بعدما باتت مشاهدة بطولات العالم الرياضية مدفوعة الثمن... وما إن أعلنت القناة والمواقع الالكترونية الموالية، نية "الدنيا" نقل المباريات، حتى بدأ الناس يبحثون عن الهوائيات اللاقطة للتردد بنوعيها المثبت على الأسطح أو الملحق بجهاز التلفزيون، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها. فالهوائي الصغير قفز سعره من 250 ليرة سورية الى 600 ليرة وأكثر، صار سلعة رائجة.

هذه "الضربة" الإعلامية لقناة "الدنيا"، روجت لها المواقع المقربة من الحكومة بوصفها "نكاية بقطر" واحتكارها للرياضة. وقال المقربون من النظام في سوريا إن الدوحة "لم تكتف بالتحريض على البلد من خلال وسائلها الإعلامية ومعاداتها للنظام فحسب، إذ حرمت الشعب السوري من الإستمتاع قليلا بمباهج كرة القدم كفسحة راحة من الحرب الدائرة هنا منذ أكثر من سنوات ثلاث، والإبتعاد - ولو مؤقتاً - عن أجواء القتل والعنف والمعارك"! وعلى رغم الجدل الدائر حول احتكار "بي إن سبورتس"، وأحقية الجدل هذا، إلا أن خطوة "الدنيا" تُرى من زاوية المفارقة "السياسية" السورية.

الجمهور المهتم بالكرنفال العالمي، بدا ممتناً لقرار القناة ومَن وراءه، على قاعدة أنه منح الجمهور "مكرمة جديدة"، ما كان ليحلم بها قبل أيام من بدء المنافسة الكروية. ووفرت "المكرمة النظامية"، على السوري المهتم بالرياضة، مبلغ خمسين ألف ليرة في أقل تقدير، بحسب ما يقول جمهور القناة.


وفي المقابل، رأى الجمهور المعارض للقناة وتوجهاتها السياسية والإعلامية، أن القناة "قرصنت المونديال مستفيدة من العقوبات السابقة عليها واقتصار البث على القناة الأرضية فقط، ما يجعلها في منأى عن الملاحقات القضائية". وأكد هؤلاء أن هذه الخطوة "هدفت الى إلهاء الجمهور عما يدور في سوريا، وزجهم في الحرب الكروية عوضاً عن بقائهم في مدار الحرب السياسية والعسكرية".

increase حجم الخط decrease