السبت 2016/08/06

آخر تحديث: 06:16 (بيروت)

إقتصاد الضاحية يمرّ من حي السلّم والرحاب

السبت 2016/08/06
إقتصاد الضاحية يمرّ من حي السلّم والرحاب
سوق الرحاب جزء من إقتصاد الضاحية الجنوبية (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
يعتبر سوق حيّ السلّم في الضاحية الجنوبية لبيروت واحداً من التفاصيل المهمة في حياة أهل الضاحية، خصوصاً من الناحية الإقتصادية. وفي الوقت عينه، لا يقل السوق الواقع في منطقة الرحاب، التابعة إدارياً لبلدية الغبيري، أهمية عن سوق حي السلم. فهذا السوق يمتد من منطقة الرحاب وصولاً إلى منطقة صبرا، مروراً بمخيّم شاتيلا.

يشتهر السوقان بأنهما الملاذ الإقتصادي الآمن لفئات واسعة من ذوي الدخل المحدود، من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين. فالناس في الضاحية ومحيطها، وصولاً إلى بعض سكان بيروت الإدارية، يتعاطون مع سوقي حي السلم والرحاب على أنهما "رخيصان" لأن الأسعار هناك، تختلف عن الأسعار في أماكن أخرى، حتى ضمن الضاحية نفسها. وللسوقين نمط بيع مختلف، والأسعار تتباين بين فترتي قبل الظهر وبعده. فالتاجر يعرض بضاعته بسعر معين قبل الظهر، وبأقل منه بعض الظهر، تفادياً لبقاء بعضاً من البضاعة. ما يعتبر إقتصادياً خسارة. وإذا كان تلف الخضار والفاكهة يدعو إلى خفض أسعارها في فترة بعد الظهر، فإن أسعار بعض الملبوسات تنخفض أيضاً، فالتاجر يفضّل إخراج البضاعة من المحل بأي ثمن، تفادياً لإمكان عدم بيعها في اليوم التالي، خصوصاً أن الجمود هو العنوان العريض لحركة الأسواق اليوم.

الجمود يُترجم بتغيّر إدارات المحال، أو بإقفال بعضها بشكل نهائي. فجولة بسيطة على بعض المحال في سوق حيّ السلّم تُخبر أن كثيراً من محال الألعاب والألبسة قد تغيّرت إدارتها نتيجة بيعها. وتكاد لا تخلو زاوية من زوايا السوق، من محلّ إفتُتح حديثاً نتيجة عمليات البيع أو التأجير المتكررة. والمستثمر الجديد، يخوض إستثماره واضعاً في حساباته احتمال الإقفال. لكن لقمة العيش تستحق المغامرة. وتروي ضحى، صاحبة محل لبيع الألعاب افتتحته منذ 3 أشهر، لـ"المدن" أنها أخذته من تاجر آخر. وهذا دليل على عدم ثبات السوق. أما عن الحركة في محلّها، فتشير إلى أنها "مستورة، ولا شيء مضموناً".

أما أبو أحمد، إبن بلدة شقرا الجنوبية، فقد إفتتح محل ملبوسات منذ 5 أشهر، وخلال هذه الفترة عرف تقلبات السوق التي تتفاوت "بين السيء والأسوء". ويشير في حديث إلى "المدن"، إلى أن "البسطات والمحال السورية تنتشر بكثرة في السوق. فالتاجر السوري يستفيد من التهريب بين لبنان وسوريا، ليأتي ببضائع رخيصة وينافس".

من جهة أخرى يمكن القول إن هذه الأسواق هي عصب إقتصادي لمجتمع يظهر جزء منه إلى العلن، والجزء الآخر يختفي في زحمة البضائع والمارّة. فسوق حي السلم يعجّ بالناس التي تشتري أيضاً من محال تعتبر مرتفعة الثمن، ذلك لأن أغلب الناس لا تستطيع شراء كل حاجاتها بسعر مرتفع، فتقتصر زيارة المحال الغالية على بعض أنواع الألبسة التي تستعمل في مناسبات محددة، أما الألبسة التي تُستعمل بشكل يومي، فإن الأسواق الشعبية هي مصدرها الأساسي. فيعتمد كثيرون من سكان الضاحية، وحتى بعض سكان بيروت، على الأسواق الشعبية، وتحديداً حي السلم والرحاب.

خلف صورة الثياب والخضار في تلك الأسواق، تسير حركة إقتصادية عقارية، قائمة في الأساس على غياب القانون، حيث تنتشر عملية تأجير البيوت والمحال بطرق غير قانونية، لكنها واقعية وتكتسب شرعيتها من قوة الشارع والأمر الواقع. وهو ما يؤكده رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، محمد درغام، الذي يشير في حديث إلى "المدن"، إلى أن هذه التعديات وإن كانت غير قانونية، إلا أنها بصورة إقتصادية تؤمن دخلاً بالنسبة إلى كثيرين من الناس، وتحديداً في منطقة الرحاب حيث تستفيد عائلات لبنانية من تأجير منازل ومحال للسوريين. ويؤكد درغام أن سوقيّ حي السلم والرحاب، هما نافذة إقتصادية لكثيرين من سكان الضاحية.

ولأن سوق حي السلم يتبع عقارياً لمنطقة الشويفات، وتحديداً كونه جزءاً من حي العمروسية، يشير رئيس بلدية الشويفات السابق ملحم السوقي، إلى أن السوق ينقطع عن إمتداده في اتجاه الشويفات، إذ ليس له فائدة إقتصادية للشويفات العقارية. ووفق ما يقوله السوقي لـ"المدن"، فإن الكثافة السكانية في حي السلم والجوار، كافية لتسيير حركة السوق، دون الحاجة إلى روّاد من مناطق أخرى. لكنه لا ينفي إرتياد نحو 5% من سكان الشويفات سوق حي السلم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها