الإثنين 2024/05/06

آخر تحديث: 13:20 (بيروت)

أحلام الديراني والحكواتية "حياة": نساء يستعدن سلطتهن على أجسادهن

الإثنين 2024/05/06
increase حجم الخط decrease
قُدّمت مسرحية "حياة" في مسرح زقاق، وهي عرض حكواتي من بعلبك، جُمعت فيه حكايا بنات ونساء في بوح حميم دار حول تشكيل أجسادهن منذ الطفولة والعار الاجتماعي الذي يرافقه بهدف السيطرة عليه وضبط حركته داخل المجتمعات المحافظة.

انطلقت فكرة عرض "حياة" من خلال بحث وتوثيق شخصي قامت به أحلام الديراني، وتناول علاقتها مع جسدها من خلال التنشئة والتربية في منطقة البقاع. فهي عاشت في بلدة قصرنبا حتى عمر المراهقة، ونزلت الى بيروت لمتابعة تخصصها الجامعي في المسرح، وهناك واجهت إشكالية في العلاقة مع جسدها حيث الاختصاص يتطلب الوعي والقبول والحساسية والاتصال العميق بين الممثل وجسده. من خلال البحث واللقاءات المسرحية بين بعلبك وقصرنبا وبيروت، تشكّلت عندها فكرة ما سمّته بالعار أو الإحساس به منذ الطفولة المبكرة، وهو يبدأ من نظرة الآخر والمجتمع ويتشكل مع الهوية الجسدية والشخصية. كانت "العادة الشهرية"، كحدث بيولوجي مشترك بين النساء كافة، أحد عناصر هذا العار وتشكله بوعي البيئة والمجتمع، بغض النظر عما إذا كانت بيئة محافظة أو تقدمية.

تقول أحلام الديراني لـ"المدن": "التأسيس للعرض أتى من السؤال عن كيف ننظر لأجسادنا عبر الطقوس الفردية والجماعية التي نقوم بها، خلال العادة الشهرية. ومنها تكشفت لنا الحكايات الواقعية والأساطير التي ورثناها من الأمهات والجدات وبدورهن ورثنها أيضاً عن جداتهن".

فهل هذه الأساطير هي التي أعطت شكلاً للعرض المسرحي؟ تجيب الديراني: "كوّنت الحكايات التي أديتها في العرض، مع سبع نساء، وكلهن تحدثن، بين الحقيقي والموروث المتخيل، عن معنى العار والاختفاء أثناء العادة الشهرية، ومنهن مَن سمعن عن الاختفاء تحت سابع أرض ووراء سبعة أبواب". فبدأت الأسطورة من هذا الرقم الذي حمله العرض، النساء السبع، وقررت الحكواتية حياة أن تروي حكاياتهن لتعود وتنساها، والنسيان هنا شكل من أشكال الاختفاء أيضاً الذي كوّن القالب المسرحي تضامناً مع بطلاته وكموقف احتجاجي على عار لم ترتكبنه، وإنما ولد لإخفاء تكوين بيولوجي سيساهم مع عناصر أخرى تربوية وتنمّر بين المدرسة والمنزل والمجتمع لتشكيل وترسيخ هذا العار الذي يتطلب الانسحاب والاختفاء.



العار والحياء
في عرض "حياة" الذي أخرجه هاشم عدنان وشارك في كتابته، مساحات لكل حكاية مرويّة، وعوازل خشبية توزعت على المسرح لإخفاء الشيء أو التحضير لبدايته أو انطلاقه. في الوسط، مناديل مجموعة على شكل "ناموسية"، رمز الطفولة والعلاقة مع الأم والسرير الأول، بالإضافة الى توظيفات أخرى تشكلت خلال العرض، منها طبقات من الأقمشة بهدف الإخفاء أو طرحة عروس أو غطاء العار الأسود الممتدّ على مساحة المسرح وحكايا نسائه، إذ تبدأ كل حكاية بصوت الجنازير التي تحمل الأغطية وترفعها إلى الأعلى.

عرض حميم ومشغول بحساسية الخوف والتهميش حيناً، وحيناً آخر بنبرة احتجاج عالية ورفض للموروث الذي يختلط فيه العيب الاجتماعي بالأسطورة فالاحتجاج، مع استحضار حركة احتجاج داخل إحدى الحكايات.



تقول أحلام الديراني: "في 17 تشرين، شاركت في المسيرات الاحتجاجية بين بيروت وبعلبك، رأيت في أحد المنامات أني أسبح عارية في بحر تحت قلعة بعلبك. وفي خلال مقابلة أجريتها مع أحد المعمّرين الذي كان يعمل في فندق "بالميرا" في بعلبك، قال لي إن القلعة تحتها بحر. وعند استفساري عما يقصد قال إن تحتها كنوزاً وتاريخاً وآثار، وأنها بُنيت وتحتها مياه جوفية تمتد من القلعة حتى الهرمل. الحلم وماء القلعة فرضا عليّ الحلم في العرض، كتدوين شخصي وكموقف علمي من أن أجسادنا، كما القلعة، تتكون في معظمها من المياه، وهي الطاقة الشفائية لحركتنا". تضيف: "بالعودة إلى 17 تشرين، قرأتُ عن العار والحياء لأحد علماء النفس الذي قال إن العار وجد ليحدث الشرخ والانفصال بيننا وبين أجسادنا فتدخل السلطة كوكيلتنا، ولتأمرنا بالحياء. في 17 تشرين، ومن خلال حلم الماء تحت قلعة بعلبك، شعرتُ أني استرجعت ثقتي في نفسي واستردّيت من هذه السلطة أدواتنا ووكالتنا عن ذواتنا".

فريق العمل:
بحث، كتابة وأداء: أحلام الديراني
إخراج ودراماتورجيا: هاشم عدنان
سينوغرافيا: غسّان حلواني
تصميم صوت: مارك إرنست
هندسة صوت: هادي دعيبس
إضاءة: كرم أبو عيّاش
أزياء: غيداء الديراني

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها