قبل سبع سنوات تقريباً، كان الألسني والمبرمج ألكسي نعمه في قريته، ولما حاول الضجر أخذه، باشر العمل على برنامج إلكتروني، متخصص بتصريف الأفعال في اللّغة العربيّة. أخبر أخاه نعمه عما أنجزه، وكان ذلك، في سياق المزاح. لكن، عندما وقع النبأ على مسمعه، قال له أن ما قام به مُلِّح وضروريّ، لا سيما كأداة تعليميّة أساسيّة. استمر ألكسي في إنجاز برنامجه، وبدأ بتوسيعه، فمن الأفعال، ذهب إلى أسمائها، ثم، إلى أسماء الفاعل، وبعدها، أسماء المفعول، والأسماء التي لا يشكل الفعل جذرها، ولاحقاً، واظب على إنشاء المدقّق اللغويّ، الذي سمّاه مدقّق "دال".
أنشأ نعمة البرنامج التشغيلي لـ"دال"، أي "unitex"، بالإستناد إلى مقاربة مختلفة للّغة العربيّة، غير تلك المعتمدة في البرامج ومحركات البحث والقواميس الرقميّة الرائجة، خصوصاً مدقّق "وورد أوفيس" من "مايكروسوفت". إذ انطلق ألكسي من مقاربة الوزن-الجذر مع أولويّة الوزن على الجذر، ما يجعل الأخطاء قليلة خلال عمليّة توليد الكلمات والأفعال، ويؤدي إلى تفادي الكثير من القواعد الصرفيّة، والمورفوفنولوجيّة، والإملائيّة، التي ترتبط بالجذر.
على هذا الأساس، بات في مقدور البرنامج تحليل الكلمات مع سوابقها ولواحقها، كما يستطيع فكها وتشريحها وتحليل قالبها، ثم إعادة وصلها من جديد. مثلما يتمتع البرنامج بميزات أخرى، في مقدمتها التشكيل، أو التحريك، الجزئي والكلّي، بالإضافة إلى احتوائه قاموس جمع التكسير، الذي يتألف من 4200 مفردة، عدا عن تصريفه الأفعال وأسماء الفاعل والمفعول والإشتقاقات والحالات والصفات والعدد. وبذلك، يحتوي أكثر من خمسمئة مليون شكل تصريفي للكلمات-الأشكال، أي أنه يغطي 98% من الكلمات في اللّغة العربيّة الحديثة. مع الإشارة إلى أن "دال" يعتمد النهج الإملائي لكل من لبنان وسوريا والأردن وفلسطين والعراق. وبفضل سهولة تكييف موارده وتحديثها، يمكن تغيير قواعده الإملائيّة بما يتناسب مع النهج الإملائي المعتمد في بلدان أخرى.
يقول نعمه نعمه، وهو واحد من المؤسسين الثلاثة لشركة "دال" للموارد الرقميّة للّغة العربيّة (ألكسي نعمه ومراد معاليقي)، لـ"المدن": إن المدقّق "دال" يقوم ببنية متينة ومنسقة، تتيح له بأن يصحح نصاً من عشر صفحات خلال ثانية واحدة فقط لا غير، أي أنه يصحح كتاباً من مئتي صفحة خلال عشرين ثانية، وهذا ما قد يساعد المؤسسات المهتمة به، كالمكتبات ودور النشر والصحف والمصارف مثلاً، على اختصار أوقاتها وتسهيل أعمالها، لا سيما أنه من الممكن إضافة قواميس بمصطلحاتها الخاصة.
أما، بالنسبة لاستخدام "دال" كوسيلة تعليميّة، فبحسب نعمه، "من 10 إلى 20% من الحصص في المدارس اللبنانية مخصصة لتصريف الأفعال، وهذه المدارس تعتمد، في غالبيتها، أدوات تفاعليّة، كالألعاب والبرامج المحفّظة على أسطوانات مضغوطة أو المشروطة ببرنامج "أونلاين" محدود الإمكانات، موارد "دال" لها صفة التفاعل مما يتيح خيار الجواب المفتوح Open answer facilities بالتالي، من الممكن لـ"دال" أن يعينها في تعليم اللّغة العربيّة للطلاب بشكل تفاعلي حقيقي، إذ يتيح للتلامذة كتابة خيارات غير تلك المحددة في الإسطوانة وتوليد عدد لا متناه من التمارين، إذ أنه يوفر للمعلمين نماذج، يؤلفونها بالإرتكاز إلى حاجات الطلاب، وإلى المواضيع، التي يريدون شرحها لهم، كفعل المضارع أو المثنى أو الضمائر إلخ. يرتب المدرّس نموذجه ويوزعه على التلاميذ، الذين في مقدورهم أن يحلّوا تمرينهم على الهاتف أو اللوح الإلكتروني أو على اللابتوب".
يشدّد نعمه على أنه في حال عمّمت وزارة التربيّة تمريناً عبر "دال"، من الممكن للبرنامج أن ينتج احصائيات متعلقة بتقييم مستوى الطلاب، وعلاقتهم باللّغة العربيّة بحسب المنطقة والمدرسة والمدرسين. أي أنه يصير مؤشراً لتقييم عمل أساتذة المادة أيضاً. وهذا يعني أن "دال" ليس مدقّقاً لغويّاً خالصاً، بل مورداً لغويّاً لتعليم اللّغة وأداة تقييميّة أيضاً، وكل هذا، بكلفة منخفضة.
قريباً، ستعمد "دال" إلى طرح برنامجها، بنسخة تجريبيّة، في الإنترنت، ولن تكون تلك النسخة شاملة، بل ستقتصر على عدد محصور من الكلمات. وذلك، من أجل إتاحتها للجميع، ومن أجل تقييم قدرة موقعها على استيعاب الزائرين. وفي هذا المطاف، سيعلن عن اطلاق هذه النسخة عبر مؤتمر صحافي مقبل.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها